الإحرام

من ويكي‌حج
أعمال حج التمتع
عمرة التمتع
۱ شوال الی ۹ ذوالحجه
الإحرام من المواقیت
الطواف
صلاة الطواف
السعي
الحق أو التقصیر
حج
التاسع من ذي الحجة
الإحرام من مکة
الوقوف بعرفات
لیلة العاشر
الوقوف بمشعر
یوم العاشر (عیدالاضحی)
رمي جمرة العقبة
الذبح
الحلق أو التقصیر
لیلة الحادی عشر
المبیت في منی
یوم الحادی عشر
رمي الجمار الثلاث
لیلة الثانی عشر
المبیت فی منی
یوم الثانی عشر
رمی الجمار الثلاث
طواف الزیارة
و صلاة الطواف
سعي
طواف النساء
و صلاة طواف النساء


معنی الإحرام

الإحرام لغةً، هو مصدر أحرم؛ بمعنی أهلّ بالحجّ أو بالعُمرة وباشر أسبابهما، وشروطهما.

الإحرام شرعاً، نيّة الدخول في مناسك الحجّ أو العمرة مباشرا بالتلبية وبإرتداء ثیاب الإحرام؛ مضافا علی الإجتناب عن الأشياء التي منع الشرع منها کلبس الزینة. فالمُحرم هو الذي وظيفته الإمتناع من محرّمات الإحرام وأداء المناسك.

وجوب الإحرام من الميقات

يجب على الحاج الإحرام لعُمرته من أحد المواقيت المذكورة إن كان طريقه منها، وإن كان طريقه لا يمرّ بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث أن الحجاج يردون جدّه ابتداءً، وهي ليست من المواقيت، فلا يُجزئ الإحرام منها حتى إذا كانت مُحاذية لأحد المواقيت على ما عرفت، فضلاً عن أنّ مُحاذاتها غير ثابتة، بل المطمأن به عدمها، فاللازم على الحاجّ حينئذٍ أن يمضي إلى أحد المواقيت مع الإمكان، أو ينذر الإحرام من بلده، أو من الطريق قبل الوصول إلى جدّة بمقدار معتدّ به ولو في الطائرة، فيُحرم من محلّ نذره.

ويمكن لمن ورد جدّه بغير إحرام أن يمضي إلى(رابغ) التي هي في طريق المدينة المنورة، ويحرم منه بنذرٍ، باعتبار أنّه قبل الجحفة التي هي أحد المواقيت، وإذا لم يمكن المضي إلى أحد المواقيت، ولم يحرم قبل ذلك بنذر، لزمه الإحرام من جدّة بالنذر ثمّ يُجدّد إحرامه خارج الحرم قبل دخوله فيه.

حكم الإحرام قبل الميقات

لا يجوز للحاج أو المعتمر أن يعقد الإحرام قبل الميقات، ولا يكفي المرور عليه محرماً، بل لابدَّ من الإحرام من نفس الميقات، ويستثنى من ذلك موردان.

١- أذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يصحّ، ولا يلزمه التجديد في الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز لـه الذهاب إلى مكة من طريق لا يمّر بشيء من المواقيت، ولا فرق في ذلك بين الحجّ الواجب، والمندوب، والعمرة المفردة.

نعم، إذا كان إحرامه للحجّ، فلابّد من أن يكون إحرامه في أشهر الحجّ، وبه قال جميع فقهاء المذاهب الأخرى(137).

إلّا انهم اختلفوا في الأفضل، فقال مالك: الأفضل الإحرام من الميقات، ويكره قبله(138). وبه قال عمر بن الخطاب، وعثمان، والحسن، وعطاء، وأحمد بن حنبل، وإسحاق(139).

وقال أبو حنيفة: الأفضل الإحرام من بلده(140).

وعن الشافعي كالمذهبين(141).

٢- إذا قصد العمرة المفردة في رجب، وخشي عدم إدراكها إذا أخّر الإحرام إلى الميقات، جاز لـه الإحرام قبل الميقات، وتُحسب لـه عمرة رجب، وإن أتى ببقية الأعمال في شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة والمندوبة.

وقال ابن حزم الظاهري: أمّا أبو حنيفة، وسفيان، والحسن ابن حيّ فاستحبوا تعجيل الإحرام قبل الميقات. وأمّا مالك فكرهه وألزمه دماً إذا وقع. وأمّا الشافعي فكرهه، وأمّا أبو سليمان فلم يجزه، وهو قول الامامية (142).

حكم تأخير الإحرام عن الميقات

كما لا يجوز تأخير الإحرام عن الميقات أيضاً، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلّا محرماً، حتى إذا كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع الإمكان.

نعم، إذا لم يكن المسافر قاصداً لما ذكر، لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة، جاز لـه الإحرام من أدنى الحلّ.

وقال ابن رشد المالكي: وجمهور العلماء على أنّ من يخطئ هذه – يعني المواقيت المذكورة - وقصده الإحرام فلم يحرم إلّا بعدها، أن عليه دماً، وهؤلاء منهم من قال: إن رجع إلى الميقات فأحرم منه سقط عنه الدم، ومنهم الشافعي. ومنهم من قال: لا يسقط عنه الدم وان رجع، وبه قال مالك(143).

وقال قوم : ليس عليه دم. وقال آخرون: إن لم يرجع إلى الميقات فسد حجّه، وأنه يرجع إلى الميقات فيهلّ منه بعمرة(144).

كما لا يجوز تأخير الإحرام من مسجد الشجرة إلى الجحفة إلّا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع. وبه قال أحمد ابن حنبل(145).

وقال ابن رشد المالكي: واختلفوا فيمن ترك الإحرام من ميقاته وأحرم من ميقات آخر غير ميقاته مثل أن يترك أهل المدينة الإحرام من ذي الحليفة ويحرموا من الجحفة، فقال قوم عليه دم. وممن قال به مالك، وبعض أصحابه. وقال أبو حنيفة: ليس عليه شيء(146).

وإذا ترك المكلّف الإحرام من الميقات عن علم وعمد حتى تجاوزه، ففي المسألة صور..

الصورة الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع والإحرام منه، سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه، فإن أتى بذلك صحّ عمله من دون إشكال وبه قال أحمد بن حنبل(147).

الصورة الثانية: أن يكون المكلّف في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع إلى خارج الحرم والإحرام من هناك.

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم، ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات أو إلى خارج الحرم ولو من جهة خوفه فوات الحجّ، وفي هذه الصورة يلزمه الإحرام من مكانه. وبه قال أحمد بن حنبل(148).

الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، وفي هذه الصورة يلزمه الإحرام من مكانه أيضاً.

وقد حَكم جمع من الفقهاء بفساد العُمرة في الصور الثلاث الأخيرة، ولكن الصحّة فيها لا تخلو من وجه وإن ارتكب المكلّف مُحرّماًَ بترك الإحرام من الميقات، لكن الأحوط مع ذلك إعادة الحجّ عند التمكن منها.

أمّا إذا لم يأت المكلّف بوظيفته في هذه الصور الثلاثة، وأتى بالعُمرة، فلا شك في فساد حجّه.

وإذا ترك الإحرام عن نسيان، أو إغماء، أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالميقات، فللمسألة كسابقتها صور أربع.

كما يجب على المكلّف اليقين بوصوله إلى الميقات والإحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان، أو حُجّة شرعية. ولا يجوز لـه الإحرام عند الشك في الوصول إلى الميقات.

ولو نذر الإحرام قبل الميقات، وخالف وأحرم من الميقات، لم يبطل إحرامه، ووجب عليه كفّارة مُخالفة النذر إذا كان متعمداً.

النيّة

أجمع الفقهاء على أنّ النية واجبة في الإحرام وشرط فيه، فلو أخلّ بها لم يقع إحرامه، ومعناها أن يقصد الإتيان بما يجب عليه في الحجّ أو العُمرة متقرباً به إلى الله تعالى. وفيما إذا لم يعلم المكلّف به تفصيلاً، وجب عليه قصد الإتيان به إجمالاً، واللازم عليه حينئذٍ الأخذ بما يجب عليه شيئاً فشيئاً من الرسائل العمليّة، أو ممّن يثق به من المُعلّمين، فلو أحرم من غير قصد بطل إحرامه.

قال ابن قدامة : وينوى الإحرام بقلبه ولا ينعقد إلّا بالنية؛ لقول النبي صلّى الله عليه وآله: « الأعمال بالنيات» ولأنها عبادة محضة فافتقرت إلى نية كالصلاة، فإن لبى من غير نية لم يصر محرماً لما ذكرنا، وان اقتصر على النية كفاه ذلك. وهو قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا ينعقد بمجرد النية حتى يضاف إليها التلبية(151).

ويعتبر فيها :

أولاً : القُربَة، فلابـدّ حينئذٍ من قصـد القُربَة إلى الله تعـالى كغير الإحرام من العبادات.

ثانياً : أن تكون مقارنة للشروع فيه، فلا ينعقد الإحرام بمجرد النيّة، بل لابد أن يضاف إليها التلبية. به قال أكثر فقهاء الزيدية(152).

ثالثاً : تعيين الإحرام لعُمرة أو لحجّ، وأنّ الحجّ تمتع، أو قران، أو إفراد، وأنّه لنفسه أو لغيره. وأنّه لحجة الإسلام، أو الحجّ النذري، أو الواجب بالإفساد أو الندبي. فلو نوى الإحرام من غير تعيين، بطل إحرامه. قال المرداوي الحنبلي: وينوي الإحرام بنُسك معيّن(153).

وقال احمد بن يحيى بن المرتضى: ولو نوى الحجّ مطلقاً لم يجزه للفرض لاحتماله النفل(154).

التلبية

أجمع فقهاء الإماميّة إلى أنّ التلبية واجبة في إحرام الحجّ والعمرة في غير إحرام حجّ القران، أمّا في حجّ القران فيتخير بينها وبين التقليد والإشعار، ولا تقوم التلبية مقام النيّة.

قال الشيخ الطوسي: التلبية فريضة، ورفع الصوت بهـا سنّة، ولم أجد أحداً ذكر كونها فرضاً.

وقال ابن قدامة: التلبية في الإحرام مسنونة وليست واجبة. وبهذا قال الحسن بن حي، والشافعي. وعن أصحاب مالك: إنها واجبة يجب بتركها دم. وعن الثوري، وأبي حنيفة: أنها من شرط الإحرام لا يصحّ إلّا بها(155).

قال ابن رشد المالكي: قال أبو حنيفة التلبية في الحجّ كالتكبيرة في الإحرام بالصلاة إلّا أنه يجزئ عنده كلّ لفظ يقوم مقام التلبية، كما يجزي عنده في افتتاح الصلاة كلّ لفظ يقوم مقام التكبير، وهو كلّ ما يدلّ على التعظيم(156).

كما أجمع فقهاء المذاهب الإسلاميّة على لفظ التلبية، واختلفوا في الزيادة عليها، وصورتها أن يقول: لَبَّيك اللهمَّ لَبَّيك، لَبَّيِك لا شريكَ لكَ لَبَّيك، إنَّ الحَمدَ والنِعمَةَ لكَ والمُلك، لا شريك لكَ لَبَّيك .

وقال فقهاء الإماميّة: هذه التلبيات الأربع لابدّ من ذكرها وهي فرض، وإن أراد الفضل أضاف إلى ذلك قال : لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعياً إلى دار السلام لبيك، لبيك غفار الذنوب لبيك، لبيك أهل التلبية لبيك، لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك، لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك، لبيك تستغني ويفتقر إليك لبيك، لبيك مرهوباً ومرغوباً إليك لبيك، لبيك إله الحق لبيك، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كشّاف الكُرب لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك لبيك، لبيك يا كريم لبيك .

كما استحبوا أن يقول هذا عقيب كلّ صلاة مكتوبة ، أو نافلة، وإذا على شرفاً، أو هبط وادياً، أو لقي راكباً، أو استيقظ من نومه، وبالأسحار.

وقالوا: الأفضل أن يجهر بالتلبية، وفي أصحابنا من قال: الاجهار فرض، وإن ترك ما زاد على الأربع تلبيات لم يكن عليه شيء، فإذا لبّى فقد انعقد إحرامه(157).

وقال ابن رشد المالكي: اتفق العلماء على أن لفظ تلبية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: « لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك». وهي من رواية مالك، عن نافع ، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أصح سنداً .

واختلفوا في هل هي واجبة بهذا اللفظ أم لا ؟ فقال أهل الظاهر: هي واجبة بهذا اللفظ. ولا خلاف عند الجمهور في استحباب هذا اللفظ، وإنّما اختلفوا في الزيادة عليه، أو في تبديله(158).

وأوجب أهل الظاهر رفع الصوت بالتلبية، وهو مستحبٌ عند الجمهور ؛ لما رواه مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال: « أتاني جبريل، فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، وبالاهلال» (159).

وقال ابن قدامة: فيقول : لَبَّيك اللهم لَبَّيك، لَبَّيك لا شريك لك لَبَّيك، إن الحمد، والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

وروي عن عمر ، وابنه كانا يزيدان : ( لبيك وسعديك والخير بيدك لبيك، والرغباء إليك والعمل) ، فكرهها بعض أهل العلم، وأجازها طائفة منهم ، واستحبها آخرون (160).

أمّا المرأة ، فلا ترفع صوتها بالتلبية إلّا بقدر ما تُسمِع نفسها.

قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن السُّنّة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنّما عليها أن تُسمع نفسها. وبهذا قال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي(161).

لبس ثوبي الإحرام

لبس الثوبين ، ويراد بهما الإزار والرداء بعد التجرّد عمّا يجب على المُحرم اجتنابه، يتّزر بأحدهما، ويرتدي بالآخر ، على النحو المتعارف(162) . ويستثنى من ذلك الصبيان، فيجوز تأخير تجريدهم إلى فَخّ .

آداب الإحرام

للإحرام آداب كثيرة من المستحبات والمكروهات مشروحة في كُتب الأدعية والزيارات يطول شرحها، إلّا أنني اقتصر هنا على بعضها:

أولاً : يستحب الغُسل للإحرام عند الميقات، لما رواه معاوية بن عمّار، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق، أو إلى وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الإحرام إن شاء الله فانتف إبطيك، وقلّم أظفارك، وخذ من شاربك- إلى أن قال: - ثمّ استك واغتسل والبس ثوبي الإحرام(163)، ويصحّ من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر.

قال ابن رشد: اتفق جمهور العلماء على أن الغسل للإهلال سنّ‍ة، وأنه من أفعال المُحرم، حتى قال ابن نوار: إنّ هذا الغُسل للإهلال عند مالك أوكد من غسل الجمعة. وقال أهل الظاهر هو واجب. وقال أبو حنيفة، والثوري: يجزئ منه الوضوء(164).

قال ابن قدامة: من أراد الإحرام استحب لـه أن يغتسل قبله في قول أكثر أهل العلم منهم طاووس، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. ثم قال: وثبت أنّ النبي صلّى الله عليه وآله « أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل عند الإحرام، وأمر عائشة أن تغتسل عند الإهلال بالحج وهي حائض» (165).

وقال السرخسي : إذا أردت أن تحرم بالحجّ فاغتسل أو توضأ، والغسل فيه أفضل، وهذا الاغتسال ليس بواجب كما في العيدين والجمعة، ولكن الغسل أفضل(166).

وقال ابن حزم الظاهري: يستحب الغسل عند الإحرام للرجال والنساء وليس فرضاًَ إلّا على النفساء وحدها(167).

قال الشافعي: استحب الغسل عند الإحرام للرجل والصبي والمرأة والحائض والنفساء وكل من أراد الإحرام(168).

وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدّمه عليه، فإن وجد الماء في الميقات أعاده، وإذا اغتسل ثمّ أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم، أعاد غُسله. كما يجزئ الغُسل نهاراً إلى آخر الليلة الآتية، ويجزئ الغُسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي.

٢- أن يدعو عند الغُسل بما ذكره الشيخ الصدوق، فيقول: بسم الله وبالله، اللهُمَّ اجعلهُ لي نُوراً وطَهوراً، وحِرزاً وأمناً من كُلِّ خوفٍ، وشفاءً من كلِّ سُقم، اللهمَّ طهّرني وطهّر قَلبي، واشرح لي صَدري، وأجرِ على لِساني مَحَبَّتَكَ ومِدحَتَك والثناءَ عَلَيك، فإنّه لا قوَّة لي إلّا بكَ، وقد عَلِمتُ أنَّ قِوام ديني التسليمُ لكَ، والاتّباع لِسُنّة نبيِّك صلواتُك عليهِ وآله(169).

كما يستحب الغسل عند الإحرام، وعند دخول مكة، وعند دخول المسجد الحرام، وعند دخول الكعبة، وعند الطواف، والوقوف بعرفة، والوقوف بالمشعر.

٣ - أن يدعو عند لبس ثوبي الإحرام ويقول: الحمدُ لله الذي رَزَقني ما اُواري به عَورتي، واُؤدّي فيه فَرضِي، وأعبُدُ فيه ربّي، وأنتَهي فيهِ إلى مَا أمَرَني، الحمدُ للهِ الذي قَصَدتُهُ فَبَلّغَني، وأردتُهُ فأعانَني وقَبِلَني ولم يَقطَع بي، ووَجهَهُ أردتُ فَسَلّمَني، فَهوَ حِصني وكَهفي وحِرزي، وظَهري ومَلاذي، ورَجَائي ومَنجاي، وذُخري وعُدَّتي في شِدَّتي ورَخائي.

٤ - أن يكون ثوباه للإحرام من القطن.

٥ - أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر. فإن لم يتمكن، فبعد فريضة أُخرى، وإلّا فبعد ركعتين أو أربع ركعات أو ستة ركعات من النوافل ؛ لما رواه المشايخ الثلاثة الكليني ، والصدوق، والطوسي بسندهم عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: ( لا يكون إحرام إلّا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة ـ إلى أن قال: ـ فإذا انفتلت من صلاتك ، فأحمد الله واثن عليه ، وصلّ على النبي صلّى الله عليه وآله وقل: اللهمَّ إنّي أسألُكَ...الخ)(170). والست أفضل، يقرأ في الركعة الأُولى الفاتحة ، وسورة التوحيد، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد (قل يا أيها الكافرون) .

وقال ابن حزم: يستحب أن يكون ذلك أثر صلاة فرض أو نافلة(171).

وقال ابن قدامة: المستحب أن يحرم عقيب الصلاة، فإن حضرت صلاة مكتوبة أحرم عقيبها وإلّا صلّى ركعتين تطوعاً واحرم عقيبها. استحب ذلك عطاء، وطاووس، ومالك، والشافعي، والثوري، وأبوحنيفة، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر. وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس. وقد روي عن أحمد أنّ الإحرام عقيب الصلاة(172).

فإذا فرغ، حمِد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي وآله، ثمّ يقول: اللهمَّ إنّي أسألُكَ أن تجعَلَني مَّمن استَجَابَ لَكَ، وَآمَنَ بوَعدِكَ، وَاتّبَعَ أمرَكَ، فَإنّي عَبدُكَ وَفي قَبضَتِكَ، لا اُوقِي إلّا مَا وَقَيتَ، ولا آخُذُ إلّا مَا أعطَيتَ، وَقَد ذَكَرتَ الحَجّ، فَأسألُكَ أن تَعزِمَ لي عَلَيهِ عَلى كِتَابِكَ وَسُنّةِ نَبِيّكَ صلّى الله عليه وآله، وَتُقَوّيَني عَلى مَا ضَعُفتُ عَنهُ، وَتَسلّم مِني مَناسِكي في يُسرٍ مِنكَ وَعافِيَةٍ وَاجعَلني مِن وَفدِكَ الذين رَضيتَ وَارتََضيتَ، وَسمَّيتَ وَكَتَبت، اللهمَّ إنّي خَرَجتُ مِن شُقةٍ بَعِيدَةٍ، وأنفَقتُ مَالي ابتغَاءَ مَرضَاتِكَ، اللهمَّ فَتَمّم لي حَجّي وَعُمرَتي.

الاشتراط في الإحرام

ويستحب للمحرم أن يشترط على الله عند عقد الإحرام أن يحلّه حيث حبسه بقولـه: اللهمَّ إنّي اُريدُ التَمَتّع بالعُمرَةِ إلى الحَجّ على كِتابِكَ وَسُنّة نَبِيكَ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإن عَرَضَ لي عَارِضٌ يحبِسُني، فَحُلّني حَيثُ حَبستني لقَدَرِكَ الذي قَدَّرتَ عَلَيَّ اللهمَّ إن لم تَكُن حَجَّةٌ فَعُمرةٌ، أحرَمَ لَكَ شَعرِي، وَبَشَري، وَلحمِي، وَدَمي، وَعِظامي، وَمُخّي، وَعَصَبي من النساءِ، والثيابِ، والطيبِ، أبتغي بذلك وَجهَكَ والدّار الآخرة.

قال ابن قدامة : يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط عند إحرامه فيقول: ( إن حبسني حابس ، فمحلّي حيث حبستني) ويفيد هذا الشرط شيئين:

أحدهما: انه إذا عاقه عائق من عدو أو مرض أو ذهاب نفقه ونحوه أن لـه التحلل.

والثاني: انه متى حلّ بذلك فلا دم عليه ولا صوم. ثم قال: وممن روي عنه أنه رأى الاشتراط عند الإحرام عمر، وعلي، وابن مسعود، وعمار، وذهب إليه عبيدة السلماني، وعلقمة، والأسود، وشريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، وعكرمة، والشافعي إذ هو بالعراق.

وأنكره ابن عمر، وطاووس، وسعيد بن جبير، والزهري، ومالك، وأبو حنيفة. وعن أبي حنيفة أن الاشتراط يفيد سقوط الدم، فأما التحلل فهو ثابت عنده بكلّ إحصار(173).