زيارة النبي
زیارة النبي، عبارة عن المجيء عند النبي محمّد أو عند مزاره والتسلیم علیه. تعتبر زیارة النبي مستحبّة عند المسلمین بسبب آیة من القرآن وروایات عدیدة من أحادیث الرسول، التي تشجّع زیارته حال حیاته ووفاته. مستحبّ للمکلّف أیضا أن یصلي صلواته الیومية في المسجد النبوي مدة إقامته بالمدینة. هناك آداب یجدر الإتیان بها طوال الزیارة لنيل الثواب الأکثر، مثلا إقامة صلاة تحیة المسجد في الروضة الشریفة.
في القرآن
یستحبّ للمسلم، سواء کان حاجّا أم لا، أن یزور قبر النبي محمّد بإستحباب مؤکّد؛ وهذا أمر معهود منذ صحابة النبي إلی یومنا هذا. استدلّ العلماء لزیارة النبي بالآیة الشریفة من القرآن: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾[١] یفهم من هذه الآیة أنّ للمسلمین أن یأتوا النبي في مدة حیاته وأن یأتوا مزاره الشریف بعد وفاته؛ وهذه الزیارة تستوجب الغفران والرحمة من عند الله تعالی. [٢]
في الروايات
توجد في الروایات والأحادیث، دلائل عدیدة لإستحباب الآکد حول زیارة الرسول وللفضل العظیم المترتبة علیها. منفصلا عن سیرة الصحابة والعلماء وجمیع المسلمین في زیارة قبره.
أعلن علماء الإمامية وأهل السنة، التوجّه إلی المدینة لزیارة الرسول، مستحبّا متأکدا لمن انصرف من مکة بعد الحج، وأحصاه من أهم القربات وانجح المساعي.[٣]
أخبر النبي في الروایات أنّ الله تعالی جعل شفاعة النبي یوم القیامة حقّا علی کلّ من زاره. أیضا روي أنّه قال بتماثل زیارته حیّا وزیارته بعد وفاته. وقیل في رواية أخری أنّ السلام علی الرسول یبلغه بعد وفاته. [٤]
فضل المسجد النبوي
المسجد النبوي هو أفضل مساجد العالم بعد المسجد الحرام؛ روي أنّ النبي أخبر عن ثواب الصلاة في المسجد النبوي أن یکون کألف صلاة في غیره من المساجد إلا المسجد الحرام.[٥] علی هذا، یعتقد الفقهاء أنّه مستحبّ للمکلّف أن یصلي صلواته الیومية في المسجد النبوي مدة إقامته بالمدینة.
یستحبّ للمسلمین أن یصلّوا صلاة تسمّی صلاة التحية عندما دخلوا کلّ مسجد؛ ویستحبّ لهم أن یصلّوا صلاة تحية المسجد النبوي بین قبر الرسول ومنبره. لأجل روایات أخبر النبي فیها بأنّ ما بين قبره الشریف ومنبره، روضة من رياض الجنة.[٦]
آداب الزیارة
هناك آداب تزید في ثواب الزیارة:
- الغسل: یستحبّ أن یغتسل المکلّف قبل الدخول في المسجد النبوي.
- لبس أفضل الثیاب: یستحبّ للمکلّف أن یلبس الأنظف والأطهر من ألبسته لزیارة النبي.
- الدخول من باب جبرائیل: یستحبّ للمکلّف أن یأتي المسجد من باب جبرائیل الواقعة في جهة البقیع.
- تقدیم الرجل الیمنی في الدخول: یستحبّ أن یضع المکلّف رجله الیمنی في المسجد أوّلا وأن یقول هکذا:
- «بسم الله ، والصلاة على رسول الله، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، واغفر لي، وافتح لي أبواب رحمتك.»[٧]
- الإستئذان: یستحبّ أن یقف المکلّف عند باب المسجد ویقرأ الإستئذان.
- التکبیر مئة مرة: یستحبّ للمکلّف أن یتفوّه بذکر «الله أکبر» مئة مرّة بعد الإستئذان.
- التسلیم علی النبي: یذهب المکلّف عند قبر النبي الطاهر ویسلّم علیه.
- صلاة تحية المسجد في ما بین القبر والمنبر: یستحبّ أن یأتي الروضة الشریفة وهي ما بین القبر والمنبر ویصلّي فیها صلاة تحية المسجد.
- مقام جبرائیل: یأتي المکلّف مقام جبرائیل تحت المیزاب ویقول هکذا:
- «أي جواد، أي كريم، أي قريب، أي بعيد أسألك أن تصلّي على محمّد وأهل بيته وأن تردّ عليّ نعمتك.»[٨]
- قرائة الزیارة: یزور النبي هکذا:
- «اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسوُل اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبَّي اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَّمِد بْنَ عَبْدِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيّينَ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلََّغْتَ الرِّسالَةَ، وَاَقَمْتَ الصَّلوةَ، وَاتَيْتَ الزَّكوةَ، وَاَمْرَتَ بِالْمَعرْوُفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً حَتّى اَتيكَ الْيَقين، فَصَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ وَعَلى اَهْلِ بَيْتِكَ الطّاهِرينَ. ثّم يقف عند الأسطوانة المقدّمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر وهو مستقبل القبلة ومنكبة الأيسر إلى جانب القبر ومنكبة الأيمن مما يلي المنبر فانّه موضع رأس رسول الله صلّى الله عليه وآله ويقول: اَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَـهُ، وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ رَسوُلُ الله، وَاَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ، وَنَصَحْتَ لأُِمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ اللهِ، وَعَبَدْتَ اللهَ حَتّى أَتاكَ الْيَقينُ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَاَدَّيْتَ الّذَي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ، وَاَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنينَ، وَغَلَظْتَ عَلى الْكافِرين، فَبَلغَ اللهُ بِكَ اَفْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ، اَلْحَمْدُ لِلّهِ اِلّذَي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالَةِ، اَللّهُمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلآئِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ، وَاَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلينَ، وَعِبادِكَ الصّالِحينَ، وَاَهْلِ السَّمواتِ واْلأَرَضينَ، وَمَنْ سَبَّحِ لَكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ، مِنَ اْلأَوَّلينَ وَاْلآخِرينَ، عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسوُلِكَ وَنَبِيِّكَ وَاَمينِكَ وَنَجِيّكَ وَحَبيِكَ وَصَفِيِّكَ وَخاصَّتِكَ وَصَفْوَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقكَ. اَللّهُمَّ اَعْطِهِ الدَّرَجَةَ الرَّفَيَعةَ، وَاتِهِ الْوَسيلَةَ مِنَ الْجَنَّة، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْموُداً يَغْبِطُهُ بِهِ اْلأَوَّلوُنَ واْلأخِروُنَ. اَللّهُمَّ اِنَّكَ قُلْتَ: ﴿وَلَوْ اَنَّهُمْ اِذْ ظَلَموُا اَنْفُسَهُمْ جآؤُكَ فَاسْتَغْفَروُا اللهَ وَاسْتَغْفَرَلَهُمُ الرَّسُوِلُ لَوَجَدوُا اللهَ تَوّاباً رحَيماً﴾ وَاِنّي اَتَيْتُ نبَيَِّكَ مُسْتَغْفِراً تآئِباً مِنْ ذُنوُبي وَاِنّي اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وآله، يا مُحَمَّدُ اِنّي اَتَوجَّهُ بِكَ الى اللهِ رَبّي وَرَبِّكَ لِيَغْفِرَلي ذُنوُبي.»
- الدعاء: یستحبّ له أن یستقبل القبلة ویدعو الله تعالی ویسأل حوائجه بعد زیارة النبي؛ روي أنّ الإمام زین العابدین کان یقول هکذا بعد الزیارة:
- «اَللّهُمَّ إِلَيْكَ أَلْجَأتُ امَرْي، وَالى قَبر مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله عَبْدِكَ وَرَسوُلِكَ أَسْنَدْتُ ظَهْري، وَالْقِبْلَةَ الَّتي رَضيتَ لِـمُحَمَّد وَآلِهِ اسْتَقْبَلْتُ، اَللّهُمَّ اِنّي أَصْبَحْتُ لا اَمْلِكُ لِنَفْسي خَيْرَ ما أَرْجوُ لَهـا، وَلا اَدْفَعُ عَنْها شَرَّ ما اَحْذَرُ عَلَيْها وَاَصْبَحَتِ اْلأُموُرُ بِيَدِكَ، فَلا فَقير اَفْقَرُ مِنّي، اِنّي لِما اَنْزَلْتَ اِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقيرٌ، اَللّهُمَّ اَرِدْني مِنْكَ بِخَيْر فَاِنَهُّ لارادَّ لِفَضْلِكَ، اَللّهُمَّ اِنّي اَعوُذُ بِكَ مِنْ اَنْ تُبَدِّلَ اِسْمي، اَوْ تُغَيِّرَ جسمِي اَوْ تُزيلَ نْعَمِتَكَ عَنّي، اَللّهُمَّ زَيِّنّي بِالتَّقْوى، وَجَمِّلنْي بِالنِّعَمِ، وَاغُمْرني بِالْعافِيَة، وَارْزُقْني شكْرَ الْعافِيَة.» [٩]
- کثرة الصلاة وقرائة القرآن في المسجد: یستحبّ أن يكثر المکلّف من ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه، ويكثر أيضاً من الصلاة في المسجد النبوي.
- تقدیم الرجل الیسری في الخروج: یستحبّ للمکلّف أن یضع رجله الیسری خارج المسجد أوّلا.[١٠]
وداع النبي
عندما أراد المکلّف أن یخرج من المدینة، یأتي النبي ویزور قبره الشریف، ثم یودّع النبي بالتفوّه هکذا:
«اَللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ، فَاِنْ تَوَفَّيْتَني قَبْلَ ذلِكَ فَاِنّي اَشْهَدُ في مَماتي عَلى ما شَهْدِتُ عَلَيْهِ في حَياتي اَنْ لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ وَاَنَّ مُحَمَّداً عَبْدِكَ وَرَسوُلُكَ.» [١١]
مواقع ذات صلة
الهوامش
- ↑ سورة النساء : ٦٤.
- ↑ وفاء الوفاء، السمهودي، ٢ /٤١١ .
- ↑ المجموع، النووي، ٨ /٢٧٢ - فتح الباري، عسقلاني، ٣ /٥٤ - الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عیاض، ٢ /١٩٤ .
- ↑ التهذيب، الشیخ الطوسي، ٦ /٣ حديث ١ - كامل الزيارات، ابن قولويه، ٤٦ حديث ٢٢ - المقنعة، الشیخ المفید، ٤٥٧ .
- ↑ التهذيب، الشیخ الطوسي، ٦ /١٤ - ١٥ حديث ٣٠ .
- ↑ من لا يحضره الفقيه، شیخ الصدوق، ٢ /٣٣٩ - ٣٤٠ .
- ↑ المغني، ابن قدامة، ٣ /٥٨٩ .
- ↑ مصباح المتهجد، الشیخ الطوسي، ٧١٠ .
- ↑ كامل الزيارات، ابن قولويه، ٥١ - ٥٣ حديث ٢٩ - من لا يحضره الفقيه، شیخ الصدوق، ٢ /٣٣٩ .
- ↑ كامل الزيارات، ابن قولويه، ٤٩ - ٥٠ - من لا يحضره الفقيه، شیخ الصدوق، ٢ /٣٣٨ - ٣٣٩ - المغني، ابن قدامة، ٣ /٥٩٠ - الكافي، الکليني، ٤ /٥٥٣ حديث ١ .
- ↑ الكافي، الکليني، ٤ /٥٦ - كامل الزيارات، ابن قولويه، ٦٨ - ٦٩ حديث ٥٥ - التهذيب، الشیخ الطوسي، ٦ /١١ .