شروط وجوب الحج
شروط وجوب الحجّ مجموعة من قیود تجب تأدیة مناسك الحجّ علی المکلّف مع حصولها. إشترط الفقهاء لوجوب الحجّ أن یکون الشخص بالغا، عاقلا، حرّا ومسلما، یشترط أیضا أن یکون مستطیعا لإتیان المناسك؛ وللإستطاعة أقسام منها الإستطاعة المالية والإستطاعة البدنية وأن یکون الطریق مستعدّا والوقت واسعا. إذا حصلت الشروط کاملة، یجب علی الشّخص شرعا أن یأتي بحجّة الإسلام.
البلوغ
إشترط الفقهاء البلوغ لوجوب الحجّ، فلیس الحجّ واجباً علی صبي لم یبلغ بعد لأنّه لیس بمکلّف ولکن یستطیع أن یحجّ مندوبا وصحیحا إن أذن له ولیّه. هکذا یستحبّ للولي إذنه ومساعدته فیما لا یستطیع تنفیذها بنفسه.[١]
- مقالة مفصلة: حج الصبي
العقل
العقل من شروط وجوب الحجّ علی الأنسان فحجّة الإسلام، علی رأی جمیع الفقهاء، ساقطة عن المجنون. أکّد القفّال الشافعي، أبو یوسف ومحمد أنّ المجنون لا یجب علیه الحجّ ولا یصحّ منه ولا یصحّ نیابة عنه کما لا یصحّ الحج من المغمی علیه ولا یستطیع الآخرین أن یؤدّوا المناسك نائبا عنه.
إختلف أبو حنیفة في هذا؛ علی رأیه یجوز لرفیقه أن یُحرم نائبا عن المجنون فیصیر المجنون محرما بإحرامه استحسانا.
إذا زال جنونه في أشهر الحج وکان مستطیعا متمکنا من الإتیان بأعمال الحجّ، وجب علیه، سواء یعود جنونه في الأشهر الآتية أم یبقی عاقلا.[٢]
الحرّیة
مادام الإنسان في قید العبودية، لا یجب علیه الحجّ. یجوز للعبد ویصحّ منه الحجّ المندوب، سواء أذن له ولیّه أم لا، ولکن إذا أعتِق وصار مستطیعا یجب علیه حجّة الإسلام. علی رأی داود، لا یصح حج العبد إن لم یأذن له سیده. صوّت أحمد ابن حنبل بصحّة حجّة الإسلام عنه إذا أعتق بعرفة أو قبلها.
یجوز للعبد أن یحجّ نائبا عن شخص آخر من الأحرار بعد أن یأذن له سیده في ذلك. [٣]
الإستطاعة
من شرائط وجوب الحجّ علی المسلم أن یکون مستطیعا علی الحجّ؛ وتنقسم الإستطاعة إلی أقسام مختلفة.
الإستطاعة المالية
الإستطاعة المالية هی إمکان دفع النفقة لسفر الحج من أمواله؛ تشمل نفقة الحجّ مصاریف الذّهاب إلی المکّة والإیاب إلی وطنه وکلّما یلزم لمعیشته حسب شأنه بحیث لا یکون الحجّ موهنا به أو صعبا علیه. يلزم أن يكون المكلّف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من الفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحجّ. فلا یجب الحجّ علی من عنده مال یکفي لنفقة الحج وکان ذلك وسیلة إعاشة عائلته بشکل لا تقدر العائلة أن تعیش بشکل یناسب شأنها.
إذا یقدر علیه أن یقترض مقدارا من المال يفي بمصارف الحجّ، وكان قادرا على دفعه بعد ذلك، هو مستطیع ویجب عليه الحجّ.
الإستطاعة البذلیة
الإستطاعة البذلیة هي القدرة المالية علی تأدیة الحج إذا حصلت للمکلّف ببذل الآخرین إیّاه ولیست النفقة من أمواله الخاصّة؛ سواء کان الباذل واحدا أو متعدّدا.كذلك لو أُعطي مالا ليصرفه في الحجّ، وكان وافيا بمصارف ذهابه وإيابه وعياله وجب علیه الحجّ؛ إیضا لو كان لـه مال لا يکفي لمصاريف الحجّ، وبُذل لـه ما يتمم ذلك، وجب عليه القبول وإتیان الحجّ.
الإستطاعة البدنیة
الإستطاعة البدنیة هي الإمکان المکلّف الجسمي علی تأدیة مناسك الحجّ کلّها أو بعضها من دون حرج عليه. فلو عجز عن أدائها لمرض أو حصر أو غير ذلك ، لم يجب عليه الحجّ مباشرةً، بل تجب عليه الاستنابة.
علی رأی مالک وأبو حنیفة، إذا استطاع مع العجز عن المباشرة لا یجب علیه تأدیة الحجّ استنابة وحجة الإسلام ساقطة عنه.[٤]
تخلية الطريق
لوجوب الحج، یلزم أن یکون الطریق مفتوحا مأمونا و لا یکون المکلّف ممنوعا من السفر أو متعرّضا لخطر من اللصوص أو الأعداء أو نحو ذلك. إذا تعذّر السفر من الطريق المتعارف وجب السفر من الطريق غير المتعارف مع القدرة والأمان وعدم لزوم الصعوبة.
سعة الوقت
یلزم أن تکون شروط وجوب الحجّ کلّها حاصلة في زمان یمکن السفر إلی بیت الله وتأدیة المناسك. إذا کان الزّمان واسعة لقطع المسافة یصیر الحجّ واجبا علی المکلّف وإلّا کان الحجّ واجبا علیه في السنة الآتیة مع حصول الشروط. إن لم تحصل الشروط في الزّمان الواسع، لا حجّ علیه وتوقف وجوبه على تمامية الشروط.[٥]
- مقالة مفصلة: الاستطاعة
الإسلام
الإسلام شرط من شروط الحجّ فلا حجّ علی الکافر. ولکن اختلف العلماء في کون الإسلام شرطا لوجوب الحجّ أم شرطا لصحّته.
- الرأی الذي عليه القرطبي وأكثر فقهاء الإماميّة والزيدية هو أنّ الكافر مخاطب بجميع العبادات شاملا للحجّ، وإن لم يصحّ منه ما دام كافراً. فالإسلام شرط صحّة الحج.
- علی تصویت الحنابلة وابن قدامة، الإسلام شرط لوجوب الحجّ وصحّته وهکذا العقل. فلم یجب الحجّ علی الکافر والمجنون ولا تصح منهما لأنّهما ليسا من أهل العبادات.
إذا أسلم الكافر المستطيع، وجب عليه الحجّ ، وأمّا لو زالت استطاعته ثمّ أسلم لم يجب عليه.[٦]
الهوامش
- ↑ صحيح البخاري، محمد بن اسماعیل البخاری، ٨ /٢٠٤ - وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ١١ /٤٦ .
- ↑ صحيح البخاري، محمد بن إسماعیل البخاري، ٧ /٥٩ - سنن ابن ماجة، ابن ماجة، ١ /٦٥٨ - سنن الدارمي، عبدالله الدارمي، ٢ /١٧١ - سنن النسائي، أحمد بن شعیب النسائي، ٦ /١٥٦ - الخصال، الشیخ الصدوق، ٩٤ - حلية العلماء، أبوبکر الشاشي، ٣ /٢٣٥ - الهداية مع شرح فتح القدير، ابن الهمام الحنفي، ٢ /١٩٣ .
- ↑ وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ١١ /٤٧ - المجموع، النووي، ٧ /38 و٤٣ - بدائع الصنائع، أبوبکر الکاساني، ٢ /١٦١ - بداية المجتهد، ابن رشد، ٢ /١٩٠ - المغني، ابن قدامة، ٣ /٢١١ - المحلی، ابن حزم، ٧ /٤١ .
- ↑ بداية المجتهد، ابن رشد، ٢ /١٨٦ - ١٨٧ .
- ↑ التهذيب، الشیخ الطوسي، ٥ /٣ .
- ↑ الخلاف، الشیخ الطوسي، ٢ /٢٤٥ - الاعتصام، الشاطبي، ٣ /١٥ - المغني، ابن قدامة، ٣ /١٦١ - المجموع، النووي، ٧ /١8 - مغني المحتاج، الخطيب الشربيني، ١ /٤٦١ - الجامع لاحكام القران، القرطبي، ٤ /١٤٥ - ١٤٦ - الانصاف، المرداوي، ٣ / ٣٥١ .