الحج الجاهلي

من ويكي‌حج
(بالتحويل من حج جاهلی)

الحج الجاهلي عبارة عن مناسك الحجّ الإبراهيمي المحرّفة بید المشرکین من العرب. کان العرب یجتمعون في مکة من أثناء ذي القعدة ویمارسون التجارة حتی الیوم التاسع من ذي الحجة الذي کان یوم الذهاب إلی عرفة ومزدلفة ومنی وکان لکلّ هذه المواقف أعمال خاصة یمارسونها. نقل في الأخبار والأشعار، الطواف والتلبية والتضحية والرمي بشکله الجاهلي الممزوج بتقاليد الشرك. انقسمت الحجاج إلی ثلاثة أقسام لکل منهم تقاليد وأعمال خاصة: الحمس والحلة والطلس. تکوّن الحمس من قريش وسکّان الحرم، والحلة من سکّان الجزیرة غیر الحرم والطلس من العرب في البلاد البعيدة.

تاريخ الحج الجاهلي

ذکرت في القرآن، الآية 26 و27 من سورة الحج أنّ الحج بشکل عام أحدث من زمن النبي إبراهیم. طبقا لما یعتقد به المتخصصون في الأديان، إبراهيم عاش نحو ألفي عام قبل الميلاد. فمضی من بداية مناسك الحج الإبراهيمي حتی الآن حوالي أربعين قرنا.[١]

بداية الحج الجاهلي

روی هشام الکلبي في کتابه «الأصنام»، أنّ إسماعيل بن إبراهيم، سکن مکة وولد له أولاد کثيرة حتّی ملئت مکة بهم؛ فضاقت عليهم مکة ووقعت بینهم مخاصمات فخرج بعضهم من مکة إلی باقي البلاد. عند الهجرة، أخذ کلّ واحد منهم حجرا من حجارة مکة تعظيما للحرم وقد أدّی هذا العمل علی المدی الطویل إلی صناعة الأصنام وعبادتها وهکذا ملئت جزيرة العرب بالشرك. ولکن بقي من دين إبراهيم القليل الممزوج بالشرك وکان العرب الجاهلي یهتمّ بها. تبعا لهذا، تغيّرت مناسك الحجّ في طويل الزمان وتمزجت بتقاليد الشرك.[٢]

صحّح رسول الله محمد بعد بعثته أعمال الحج فمحي الحج الجاهلي عندما أسلموا العرب.

مناسك الحج الجاهلي

کان الحج الجاهلي یتشکل من مناسك مختلفة:

موسم الأسواق

کان العرب یجتمعون في مکة خلال شهر ذي القعدة وقبل الیوم التاسع من ذي الحجة، الذي کان یوم بداية الحج الجاهلي، لأغراض تجارية ولمدة عشرين یوما. وکانوا یمارسون معاملاتهم التجارية في سوق عکاظ وسوق المجنة وذي المجاز.[٣]

التلبية

کان الحج یبدأ في الیوم التاسع من ذي الحجة رسميا وارتدی العرب لباسا خاصا [٤]وکانوا یأتون الأصنام عند الکعبة و یقولون بصوت عال هکذا مع التصفيق والتصفير:

«لبیك اللهم لبیك! لبیك لا شریك لك! إلاّ شریك هو لك! تملکُهُ وما مَلَك.»[٥]

هذا هي التلبية العامة بین العرب الجاهلي وکان لکلّ قبيلة أصنام خاصة وتلبيات خاصة یمارسونها أیضا.

التلبيد

التلبيد عبارة عن وضع الحاج مزیجا من الخطمی والآس والسدر ومادة صمغية علی شعر رأسه لأجل الحيلولة دون القمل والبراغيث. کانوا یحلقون رؤوسهم بعد التلبيد و حسبما أورد صاحب تاج العروس، فقد کان الیمنیون یضعون علی شعرهم الملبد الطحین أو مسحوق الحمص والسُّکر، ثمّ یحلقون، فیتساقط الطحین أو مسحوق الحمص فینتفع به الفقراء. روي أنّ أهل یثرب حلقوا رؤوسهم في منی عند نهاية الحج.[٦]

الوقوف بعرفة

کان العرب یصلون عرفات في الیوم التاسع من ذي الحجة؛ ولکل قبيلة موضع خاص في عرفة مثلا کان قبيلة قريش یرون أنفسهم أفضل من الآخرین فاختاروا موقفهم قریبا من مکان الأضاحي في مزدلفة. روي أنّ تعظيم جبل إلال کان من أعمالهم في عرفة. [٧]

الوقوف بمزدلفة

رغم الحجّ الإسلامي الذي یأمر فیه بالحرکة من مکان إلی مکان آخر بالهدوء والسکينة، کان العرب الجاهلي یرحلون من المواقف بسرعة؛ وکان هناك أشخاص لیهدوهم السبيل یقال لهم الصوفة. کانوا یشعلون نارا فوق جبل قزح لإرشاد الحجاج هناك إذ کان من الممکن أن یحلّ الظلام قبل الوصول إلی المزدلفة. یقال أنّ قزح اسم إله الرعد والعواصف والغيث الذي کان العرب یعبدونه في المزدلفة.

کانت الليلة التاسعة من ذي الحجة مضیت بالدعاء الجماعي حتی طلوع الشمس. روي أنّ بعضهم کانوا یخاطبون جبل ثبير الذي تشرق الشمس من خلفه هکذا: «أشرق ثبير، کيما نغير».[٨]

أعمال منی

عندما وصل الحجاج إلی منی، کانوا یسرعون في نحر أضاحيهم. بعد ذلك قد حان وقت الرمي فکانوا یرمون أحجارا کبيرا علی الأرض في منطقة خاصة بشکل لا یمکن الزراعة في تلك المنطقة. کانا هذا جاريا حتّی غروب الشمس من یوم العاشر من ذي الحجة ولم یخرج أحد من منی قبل انتهاء الجميع من المناسك. [٩]

الطواف

کان من الواجب علی کلّ من کان یطوف حول الکعبة للمرة الأولی غیر القريش أن یطوف بلباس أهل الحرم وإن لم یجد، کان علیه أن یطوف عاریا. کان هذا الأمر یجری علی النساء أیضا؛ نقل أن بعض المشرکين کانوا یتحلقون حول الکعبة لرؤية النساء العاريات.

کان الحجاج ینشرون لباس الإحرام حول الأصنام بعد انتهائهم من الحج. [١٠]

أقسام الحجاج

کانت الحجاج تنقسم إلی ثلاثة أقسام حسب شعور بعض القبائل بالفضل علی السواء:

الحمس

کانت قبيلة قریش مجاوري مکة وتشعر بأنّها ألافضل في العرب. فامتیاز الحمس کان مختصا بالقرشيون السکان في الحرم.[١١]

عندما خرج الحجاج من مکة إلی عرفة وباقي المواقف، بقي الحمس في مکة ووقفوا عند الکعبة ثمّ ذهبوا لیلا إلی المزدلفة.

لم یأکل الحمس في أيام الحج لحما ولم یمسّوا دهنا ولم یصنعوا جبنا ولم یدّخروا لبنا، ولم یحولوا بین مرضعة ورضاعها حتی یعافه ولم یقصّروا ظفرا ولاشعرا ولبسوا ألبسة جديدة غير الصوف والشعر والقطن وطافوا الکعبة مرتديا بألبستهم وأحذيتهم وکانوا یدخلون البیوت من ظهر الجدار ولم یأکلوا أي طعام من خارج الحرم في الحرم.[١٢]

الحلة

کانت الحلة متشکلة عن القبائل الساکنة خارج الحرم. تناولوا الزبد واللحم والجبن في أيام الحج کانوا یضعون الزيت علی أجسامهم وکانوا یلبسون الشعر والصوف؛کانوا یبیتون في خیام ویتصدّقون بحذائهم وثيابهم عند دخول مکة ویستأجرون ثیاب الحمس.

الطلس

کان الطلس من أهالي حضرموت وعكّ وعجيب وإیاد بن نزار. کانوا یأتون مکة لأداء الحجّ من البلاد البعيدة ویماثلون الحلة في أعمالهم.

العمرة الجاهلية

کان العرب الجاهلي یعتمرون في غير أشهر ذي الحجة وذي القعدة ومحرم وأعدّوا أداء العمرة في هذه الأشهر الثلاث من الذنوب التي لا تغفر. کانت العمرة الجاهلية من دون التلبيد والوقوف وأعمال منی ولکن تشابهت الحج الجاهلي من جهة الإحرام والطواف. [١٣]

مواقع ذات صلة

الهوامش

  1. الوثنیة فی الأدبَ الجاهل، الدکتور عبد الغنی زیتونی: ٢٧٣ - تاریخ العرب قبل العروبة الصّریحة فی جزیرة العرب، محمّد عزة دروزة: ١١۵-١١۶ .
  2. کتاب الاصنام، ابو منذر هشام بن محمّد الکلبی: ۶.
  3. الوثنیة فی الادب الجاهلی: ٢٨٢ - ٢٨۴ - اسواق العرب فی الجاهلیة والاسلام، سعید الافغانی: ٢۴٩ - ٢۵٠ .
  4. البیان والتبیین، الجاحظ ٩۵: ٣ .
  5. کتاب الاصنام، هشام الکلبي، ٧.
  6. دیوان امیة بن أبی الصلت: الدکتور عبد الحفیظ السطلی: ۵١٨ .
  7. ) Encyc lopaedia of islam vol, ٣. P. ٣٢ - الوثنیة فی الادب العربی، عبدالغني زیتوني: ٢٨٧ ، ۲۸۹ .
  8. اخبار مکة،الأرزقي، ١۵۴:٢ - الوثنیة فی الادب الجاهلی، عبدالغني الزیتوني: ٢٩٣ .
  9. السیرة النبویة لابن هشام ١٢٠:١ - معجم الشعراء، المرزبانی: ٢٩۴ .
  10. السیرة النبویة لابن هشام ٢٠٢:١ .
  11. المحبّر، ابن حبیب: ١٧٨ .
  12. المحبّر، ابن حبيب: ١٨٠ - السیرة النبویة لابن هشام ٢٠٢:١ - الوثنیة فی الأدب الجاهلی: ٣٠۴ - ٣٠۵ .
  13. صحیح البخاری ١٧٠:٢ - ١٧۵ .

المنابع