سوق عکاظ
عکاظ هو سوق أقيم في أيام الجاهلية والإسلام یأتي إلیها العرب وتجّار البلاد الأخری مثل الروم والفارس في کلّ عام قبل موسم الحج. نتيجة لمختلف الشعب الحاضرة في عکاظ، وجدت أمتعة متوافرة ومتنوعة فیه. لم یکن عکاظ سوق فقط فکان کلّ قبیلة من العرب یقرأ أشعاره ویعرض أدبه؛ واختاروا الملوك ممثّل الشعب العربي في عکاظ وأتاه الناس لقصد التزویج والترفيه والمصارعة والتفاخر ونحو ذلك.
کان عکاظ أقیم في واد متّسع وکبیر قرب الطائف في طریقه إلی مکة ومن شوال حتّی نهایة ذي القعدة. في الباقي من السنة، أقیم بشکل اسبوعي کلّ یوم أحد.
وصف سوق عکاظ
عکاظ، هو الأکبر والأوسع والأعم من أسواق العرب. کان العرب وغیرهم من التجار یجمعون فیه لمقاصد التجارية والأدبية والإجتماعية. وکان هذا السوق یقوم مقام الجریدة الرسمية في أيامنا هذه ویمکن الإطلاع علی أحوال العرب بمطالعة أحوال أسواقهم خاصة الأکبر من أسواقهم.
معرض الشعر
کانت قبائل العرب تجمع في سوق عکاظ بشکل عدّوه مجمعا أدبيا رسميا فیعرض شعراء کلّ قبيلة علی الباقي من العرب شعرهم وأدبهم وکان المستمعون یحکمون علی الشعر فاستجادوا البعض وبهرجوا بعضا آخر.
کان لکلّ من العرب لهجة خاصة ینطقون بها فکان التهامی والحجازی والنجدی والعراقی والیمامی والیمنی والعمانی یبسط ویعرض لهجته بقرائة أشعاره في عکاظ.
الأمتعة التجارية
نتیجة لحضور تجار العالم من بلاد الفارس والهند والروم وغیرهم من البلاد؛ وجدت أمتعة مختلفة في سوق عکاظ. فإلیه یجلب الخمر من العراق وغزة والسمن من البوادي والألبسة الموشاة والأديم من الیمن؛ وکانت توجد فيها أنواع الطيب والسلاح والحرير والحذاء؛ وفيها من زیوت السوريا وزبيبها. وکان الرقيق یباع فیه أیضا. کانت عکاظ مشهورة خاصة بما یعرض فیها من الجلود حتی شهرت لفظة «أديم عکاظي». [١]
جری بیع الحيوانات في عکاظ أیضا وکان لهم طریقة من فهم أنّ الحیوان لیس بمسروق: کان لکل قبيلة علامة خاصة یسمّون بها إبلهم. فعندما عرض شخص إبلا لیس علیه علامة قبيلته، عرفوا بأنّه لصّ. [٢]
الأحوال الإجتماعية
کان البعض یخطب الناس بذکر الخالق ویعظهم بالخير منهم «قس بن ساعدة». تشکّلت منافرات ومخاصمات بين قبيلين أحيانا فممثّل کلّ منهما یخبر بفضائل قبیلته ویعرض الحکومة علی أشخاص مختلفة الذین أبوا أن یحکموا لأجل الحيلولة دون الفتنة بین الحيين. [٣]
عُدّ سوق عکاظ موقع ریاضي أیضا فروي أنّ عمر بن الخطاب کان یصارع بعکاظ في الجاهلية.
کان هناك کاهن وعراف وقائف (عالم الأنساب) وکاتب ووسائط الترفیه مثل القرد ونحوه.
روي أیضا أنّه کان رجال یأتون عکاظ ببناتهم للزواج ویختار الآخرون منهنّ زوجة.[٤] ومن أراد إجارة أحد هتف بذلك فی عکاظ.
نتیجة لإجتماع العرب کلّهم في عکاظ، کان الملوك یختارون ممثّل الشعب في هذا السوق؛ فکان ملك یمن مثلا یرسل بسيف قیّم و حلّة حسنة وفرس رائع، یقف عند هؤلاء الأشياء شخصا ینادي أنّ هذه للأفضل والأعزّ من العرب. فلا یأخذها أحد إلّا من أذعن له العرب جميعا أنّه السید والشريف منهم. عندما أخذ الشخص الجائزة، عرف الملك بأنّه معتمد بین الناس وفیکون عونا له في کسب حماية العرب. [٥]
کان سوق عکاظ تشابه ندوة سياسية عامة؛ فعندما کان لشخص مال عند قبيلة أخری أعلنها في عکاظ وعندما کانت قبيلة أن تبدأ حربا علی قوم، أعلنته في عکاظ وعقدوا المواعدات والتوافقات في عکاظ.[٦]
معنی عکاظ
اشتقّت کلمة «عکاظ» من مادة «عـ کـ ظ» وذکرت معاني مختلفة لها: القهر، الحبس، ردّ الفخر والتجادل. ذهب اللغويون فيه وجه تسمية عکاظ مذاهب مختلفة نظرا إلی معانیها:
- سمي هذا السوق عکاظ لأنّ العرب اجتمعوا فيه لیقهروا بعضهم علی بعض في المفاخرة.
- سمي عکاظ لأنّ العرب تعکّظ فیه یعني تحبّسوا لینظروا في أمورهم.
- یقال له عکاظ وتأتي هذة الکلمة من التعاکظ بمعنی تفاخر.
الموقع الجغرافي لعکاظ
وقعت عکاظ بوادي في الجنوب الشرقي من مکة؛ في ما بين الطائف ومکة. کان مکان السوق یعرف باسم «الأثيداء» ویوجد فيه میاه ونخل. الظاهر أنّ الأثيداء کانت أرضا متّسعة من دون جبل مناسبة لإقامة السوق.[٧]
مواعيد عکاظ
کان عکاظ سوقا سنويا واسبوعيا؛ فلم یکن جاریا دائما فکان تحفل بالناس في من أوائل شوال ویتمّ موعده بالشکل الرسمي في الیوم العشرين من ذي القعدة فکانت التجار عامة یذهبون إلی مجنة لمواصلة البیع والشراء ولکن لم یخلو السوق تماما حتّی أوائل ذي الحجة عند اقتراب یوم التروية؛ هذا موعده السنوي.
في غیر هذا من أيام السنة کان عکاظ یقام بشکل صغیر واسبوعي في یوم أحد للتجار والسکان في حوالیه. [٨]
مواقع ذات صلة
الهوامش
- ↑ تهذیب تاریخ ابن عساکر: ۴١۴ - ۴١۵ .
- ↑ بلوغ الأرب، محمود شکري، ١۶٣:٢ .
- ↑ رسائل الجاحظ: ١٠٢ ، بلوغ الأرب، محمود شکري، ٣٠١:١ - ٣٠۵ .
- ↑ طبقات ابن سعد ٢٣۵:١ .
- ↑ مثیر العزم الساکن فی فضائل البقاع والأماکن، أبن الجوزی، کراس الخامس عشر .
- ↑ الأغاني، الإصفهاني، ٣٧:١١ .
- ↑ معجم ما استعجم للکبری: ۶۶٠ .
- ↑ مدینة العرب فی الجاهلیة والإسلام، رشدي: ۵٩ .