الفرق بين المراجعتين لصفحة: «بيت السيدة خديجة (ع)»

وفي القرن الرابع عشر / العشرين الميلادي، وبعد حكم [[آل سعود]] في مكة، هُدم هذا البيت، وبُني في ذلك المكان فيما بعد مبنى لتعليم [[القرآن]]. وأثناء هدم المدرسة القرآنية وحفرها لتوسيع [[المسجد الحرام]] عام 1410 للهجرة، تم العثور على بقايا بيت  السيدة خديجة (س) تحت التراب. واختفى هذا المكان اليوم، وموقعه داخل منطقة المسجد الحرام.

==أوصافه في المصادر التاريخية==

بحسب قول مؤرخ القرن الثالث الهجري [[أبو الوليد الأزرقي]] ، فقد أصبح هذا البیت تحت تصرّف [[عقيل بن أبي طالب]] بعد هجرة الرسول إلى المدينة المنورة. واشترى [[معاوية بن أبي سفيان]] ذلك البیت وحوّله إلى مسجد وفتح له باباً من بيت أبيه [[أبو سفيان|أبي سفيان]].<ref>[https://wikihaj.com/index.php?title=%D9%BE%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF%D9%87%3A%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1_%D9%85%DA%A9%D9%87_%D8%A7%D8%B2%D8%B1%D9%82%DB%8C_%D8%B1%D8%B4%D8%AF%DB%8C_%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD_%D8%AC2.pdf&page=199 أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 199.]؛ الجامع اللطیف، ص 286؛ التاریخ القویم، ج1، ص 289.</ref> وسُمي هذا البیت فيما بعد دار أبي سفيان.<ref>[https://wikihaj.com/index.php?title=%D9%BE%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF%D9%87%3A%D8%AA%D8%A7%D8%B1%DB%8C%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%DB%8C%D9%85_%D8%AC%DB%B1.pdf&page=289 التاریخ القویم، ج1، ص 289]</ref> ويقول الأزرقي في مكان آخر، إن البیت استولى عليه معتب ابن [[أبولهب|أبي لهب]] وابن عم الرسول وأحد ألدّ أعدائه بعد [[هجرة الرسول]] صلى الله عليه وآله سلم،<ref>الطبقات‌الکبری، ج‏4، ص45.</ref> ولم يطالب النبي بالبيت بعد [[فتح مكة]].<ref>[https://wikihaj.com/index.php?title=%D9%BE%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF%D9%87:%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1_%D9%85%DA%A9%D9%87_%D8%A7%D8%B2%D8%B1%D9%82%DB%8C_%D8%B1%D8%B4%D8%AF%DB%8C_%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD_%D8%AC2.pdf&page=245 أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 245.]</ref>

وذكر [[ابن جبير]] (ت 614 هـ) هذا البیت في كتاب رحلاته في نهاية القرن السادس الهجري. وكان لهذا المنزل قبتان في ذلك الوقت. إحداهما وهي القبة الأكبر تسمى [[قبة الوحي]]، وهو المكان الذي عاش فيه [[النبي(ص)|النبي (ص)]] و<nowiki/>[[خديجة(س)|خديجة (س)]]، والمكان الذي نزل فيه جبريل على النبي(ص)؛ والثانية عبارة عن قبة صغيرة، حيث وُلدت [[السیدة فاطمة(س)|السیدة فاطمة (س)]].<ref>رحلة ابن جبیر، ص81 – 82.</ref>

قدّم [[تقي الدين الفاسي]] (ت 832 هـ) مؤرخ مكة المکرمة وصفاً مفصلاً لبناء بیت خديجة (س)، أو حسب قوله "مسقط رأس [[السيدة فاطمة(س)|السيدة فاطمة (س)]]"، وأشار إلى أن هذا البيت له فضلٌ بین الناس ويقصدونه بالزيارة.<ref>الزهور المقتطفة من تاریخ مکة المشرفة، ص 99.</ref>

ویقول الفاسي أن غالب هذه الدار الآن على صفة [[المسجد]]، لأن فيها رواقاً فيه سبعة عقود على ثمانية أساطين، في وسط جداره القبلي ثلاثة محاريب، وفيه ست وعشرون سلسلة في صفين، وأمامه رواق فيه أربعة عقود على خمس أسطوانات، وبين هذين الرواقين صحن، والرواق الثاني أخصر من الرواق المتقدم، لأن قربه بعض المواضع التي يقصدها الناس بالزيارة في هذه الدار، وهي ثلاثة مواضع:

الأول: الموضع الذي يقال له [[مولد فاطمة(س)|مولد فاطمة (س)]].

والثاني: الموضع الذي يقال له [[قبة الوحى|قبة الوحي]]، وهو ملاصق لمولد فاطمة.

والثالث: الموضع الذي يقال له [[المختبأ]]، وهو ملاصق لقبة الوحي، زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يختبئ فيه من الحجارة التي يرميه بها المشركون، والله أعلم بحقيقة ذلك.<ref>شفاء الغرام، ج1، ص360.

ويرى البعض أن هذه الغرف هي المنطقة القديمة من البیت التي كانت في عهد [[النبي(ص)|النبي (ص)]] وأضيف إليها جزء من [[المسجد]] فيما بعد.<ref>دار السیدة خدیجة، ص 48.</ref> وتتفق الأوصاف المختصرة لمؤلفين آخرين أيضاً مع وصف الفاسي حتى القرن الحادي عشر.<ref>دار السیدة خدیجة، ص 52-53.</ref>

في کتاب الرحلات من نهاية عهد [[ناصر الدين شاه قاجار]] (1313-1264 هـ) ورد في وصف بیت السيدة خديجة (س) أنه كان يحتوي على صحن مرصوف بالرخام، وكانت هناك قبة على مسقط رأس [[السيدة فاطمة(س)|السيدة فاطمة (س)]]، وكانت إحدى الغرف فيه تُعرف بمكان [[عبادة الرسول(ص)|عبادة الرسول (ص)]].<ref>میقات الحج، ر63، ص70.</ref> وبحسب الرواية، فقد بُني عام 1265 للهجرة مكان بیت السيدة خديجة (س) تكية تعرف باسم "تكية السيدة فاطمة (س)" يقصدها الفقراء.<ref>[https://wikihaj.com/index.php?title=%D9%BE%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF%D9%87%3A%D8%AA%D8%A7%D8%B1%DB%8C%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%DB%8C%D9%85_%D8%AC%DB%B1.pdf&page=289 التاریخ القویم، ج‏1، ص289-290.]</ref>

وفي أوائل القرن العشرين قدم [[محمد لبيب البتنوني]] (1375 هـ) تقريراً مفصلاً عن حالة بیت [[السيدة خديجة(س)|السيدة خديجة (س)]] مع مخطط لهندسة البيت في رحلته، ووصفه كالتالي:

و هذه الدار قد ارتفع عنها الطریق أیضاً، فینزل إلیها بجملة درجات توصل إلی طرقة، علی یسارها شبه مصطبة مرتفعة عن الأرض بنحو ثلاثین سنتیمتراً ومسطحها نحو عشرة أمتار طولاً في أربعة عرضاً، و فیها کتّاب یقر‌أ فیه الصبیان القرآن الشریف، وعلی یمینها باب صغیر یصعد إلیه بدرجتین یدخل منه إلی طرقة ضیقة عرضها نحو مترین و فیها ثلاثة أبواب:  

الذی علی الیسار لغرفة صغیرة یبلغ مسطحها ثلاثة أمتار طولاً في أقل منها عرضاً؛ و هذا المکان کان معداً لعبادته صلی الله علیه وسلم، و فیه ینزل [[الوحي]] علیه. و علی یمین الداخل إلیه مکان منخفض عن الأرض یقولون إنه کان محل وضوئه علیه الصلاة والسلام.  

الباب الذی فی قبالة الداخل إلی الطرقة یفتح علی مکان واسع یبلغ طوله نحو ستة أمتار في عرض أربعة. و هو المکان الذي یسکنه صلی الله علیه وسلم مع زوجته [[خدیجة(س)|خدیجة (س)]].

أما الباب الذي علی الیمین فهو غرفة مستطیلة عرضها نحو أربعة أمتار في طول نحو سبعة أمتار ونصف. وفي وسطها مقصورة أقیمت علی المکان الذی ولدت فیه [[السیدة فاطمة(س)|السیدة فاطمة (س)]].

 

وعلی طول هذا المسکن والطرقة الخارجة والمصطبة من جهة الشمال فضاء مرتفع بنحو متر و نصف یبلغ طوله علی نحو ستة أمتار وعرضه نحو سبعة أمتار، و أظن أنه المکان الذي کانت السیدة خدیجة تخزن فیه تجارتها.<ref>ترجمة سفرنامه حجاز، ص149</ref>  

زار هذا البيت الكاتب المصري [[محمد حسنين هيكل]] (متوفى 1376 هـ) عام 1354 للهجرة، وكتب: «أصاب الوهابيون [[مولد علي]] في [[شعب بني هاشم]] بما أصابوا به [[مولد النبي]] و<nowiki/>[[مولد فاطمة]]، فهو اليوم فضاء لا أثر فيه».<ref>في منزل الوحي، ص 227.</ref>  كما أكد [[محمد لطفي جمعة]] في مذكرات رحلته هدم البيت.<ref>الأیام المبرورة فی البقاع المقدسة، ص 78.</ref>

في جمادى الأول 1370 للهجرة شيد بناء مدرسة خاصة لتحفيظ [[القرآن الكريم]] في أرض بیت [[السیدة خديجة(س)|السیدة خديجة (س)]].<ref>دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 58؛ أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر، ص 85.</ref> كما ذكر [[محمد طاهر الكردي]] (ت 1400 هـ) هذه التکیة.<ref>[https://wikihaj.com/index.php?title=%D9%BE%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF%D9%87:%D8%AA%D8%A7%D8%B1%DB%8C%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%DB%8C%D9%85_%D8%AC%DB%B1.pdf&page=290 التاریخ القویم، ج1، ص 290]</ref> وتم بناء هذا المسجد بجهود [[السيد عباس القطان]] وعرف باسم مدرسة السيد عباس في دار أم المؤمنين السیدة خديجة (س).<ref>دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 58.</ref>

في نهاية العام 1410 للهجرة تم هدم مبنى [[تحفيظ القرآن]] لتوسيع المساحات على الجانب الشرقي من [[الحرم]].

وخلال عملية الهدم، عثروا على بقايا أبنية قديمة، واتضح أن المكان الذي عثروا فيه على هذه الآثار التاريخية هو بیت [[السیدة خديجة(س)|السیدة خديجة (س)]].<ref>دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 60؛ الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة، ص 249.</ref> وكان [[أحمد زكي اليماني]] حاضراً في الموقع أثناء عملية البناء والتقط صوراً وخرائط لبقايا بيت السیدة خديجة (س) وكتب تقريراً عن ملاحظاته في كتابه دار السيدة خديجة بنت خويلد.<ref>دار السیدة خدیجه بنت خویلد، ص 93 فصاعداً.</ref>