توسعة المسجد النبوي(عثمان بن عفان)

توسعة المسجد النبوي في عهد عثمان بن عفان؛ بدأت بعد ست سنوات من شروع خلافته. وفي إعادة البناء هذه؛ تم توسعة المسجد النبوي من ثلاثة اتجاهات: الشمال والجنوب والغرب.

وبحسب الروايات؛ فإن سبب توسعة بناء المسجد في عهد عثمان كان شكوى الناس من صغر المساحة، وتفتت بعض أعمدة المسجد. وتشير روايات أخرى إلى أن الناس كرهوا توسعة المسجد، وأن عثمان جعل الناس يوافقون على توسعته بنقله روايةً عن النبي (ص) حول أجر بناء المسجد.

وحصلت تغيرت في هندسة المسجد النبوي إثر هذه التوسعة، وكان استخدام الحجر بدلاً من الطين في المواد أحد هذه التغييرات. وصُنعت الأعمدة من الحجر أيضاً بدلاً من الخشب، وتم صنع الأسقف من خشب الساج وطُليت الجدران بالجص. وتم صنع سور من الطين حول المحراب من أجل حماية الخليفة أثناء الصلاة، وكان عثمان يقف هناك حين أدائها.

تاريخ بدء التوسعة

كان عثمان بن عفان الخليفة من سنة 24 إلى 35 للهجرة.[١] وتختلف الأخبار حول تاريخ بدء توسعة المسجد النبوي. فقد ذكرت مصادر مختلفة أنها كانت في 24 و27 و29 و30 للهجرة.[٢]

أسباب إعادة البناء والتوسعة

اعتبر البعض أن دافع عثمان لإعادة بناء المسجد هو شكوى الناس من صغر مساحة المسجد، وتفتت أعمدة المسجد النبوي.[٣] ووفقاً لهذه الروايات، تشاور عثمان مع الناس أثناء توسعة المسجد، وأجمعوا علی هدم المسجد والزيادة فيه.[٤] ولكن وفقاً لروايات أخرى؛ فإنّ الناس كرهوا توسعة المسجد، وأحبوا أن يبقى علی هيئته. ونقل عثمان روایة عن النبي (ص) في أجر بناء المسجد لإرضاء هذه الجماعة.[٥]

توسعة المسجد

وفقاً للدراسات التي أجراها بعض الباحثين، فإنّ المسجد توسّع بنسبة 23٪ خلال هذا التوسعة.[٦] كما تمت توسعة المسجد النبوي من ثلاثة اتجاهات: هي القبلة (الجنوب) والشمال والغرب. ويتفق المؤرخون على أن الخليفة الثالث لم يوسع المسجد من الناحية الشرقية،[٧] بسبب موقع حجرات زوجات النبي (ص) عند الجدار في هذه الجهة.[٨]

البيوت المحيطة بالمسجد في مخطط التوسعة

تطلب توسعة المسجد النبوي إضافة الدور التي كانت محيطة بالمسجد النبوي؛ لذلك اشترى عثمان دار حفصة بنت عمر بن الخطاب من ناحية الجنوب، وجزءاً من دار مروان بن الحكم (والتي كان العباس بن عبد المطلب يملك جزءاً منها) و جزءاً من دار جعفر بن أبي طالب، وأضافها إلى مخطط توسعة المسجد.[٩]

خصائص التوسعة في عهد عثمان

المساحة: زاد طول المسجد بنحو 160 ذراعاً (68.79 متراً). وأضيف إليه حوالي 9 أذرع في اتجاه القبلة (رواق واحد) وحوالي 9 أذرع في الجهة الشمالية. وزاد عرض المسجد 118 ذراعاً (76.58 متراً) أي حوالي 9 أذرع (رواق واحد) أضيفت إلى الجانب الغربي منه.[١٠] وبذلك أصبح للمسجد خمسة أروقة موازية لحائط القبلة.[١١]

 

المواد: تم استخدام الحجر بدلاً من الطين في هذه الفترة. وتم بناء المسجد بالحجارة المنحوتة والجص.[١٢][١٣]

الأعمدة: أصبحت الأعمدة مصنوعة من الحجر المنحوت بدلاً من الخشب، واستخدمت قطع من الحديد والرصاص المصهور لجعل الأحجار تتماسك مع بعضها بشكل صحيح.[١٤] [١٥] وقد وُجد هذا الأسلوب في العمارة البيزنطية، وكذلك في المسجد الأقصى.[١٦]

السقف: كان السقف مصنوعاً من خشب الساج، ومحمولاً على جسور خشبية ترتكز علی الأعمدة.[١٧]

الجدران: تم طلاء الجدران بالجص، وتمّ إيجاد قنطرتين في الحائط الشرقي والغربي. وفُتحت في الحائط الشرقي والغربي نوافذ، وقيل أنها کانت في الجزء العلوي من الحائط.[١٨]

الأبواب: احتفظ المسجد في عهد عثمان بالأبواب الستة التي كانت على عهد عمر بن الخطاب.[١٩]

المحراب: أقيمت مقصورة حول منطقة المحراب من الطين، وجعلوا فيها فتحات يرى منها الناس الإمام أثناء الصلاة.[٢٠] وکان ذلك بهدف حمایة عثمان عند الصلاة بعد مقتل عمر بن الخطاب.[٢١]

الهوامش

المنابع

  • تاریخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، السيد أحمد یاسین الخياري، الرياض، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسیس المملكة العربية السعودية، 1419هـ / 1999م.
  • الدرة الثمینة في أخبار المدینة، محمد بن النجار، تحقیق: صلاح الدین بن عباس شکر، المدینة، مرکز بحث ودراسات المدینة المنورة، 1426هـ.
  • عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ناجي محمد حسن عبد القادر الأنصاري، نادي المدینة المنورة الأدبي، 1996م.
  • المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري، صالح لمعي المصطفی، دار النهضة العربیة، بیروت، 1981م.
  • المسجد النبوي عبر التاریخ، محمد سید الوکیل، دار المجتمع للنشر والتوزیع، جدة، الطبعة الأولى، 1409هـ.
  • وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفی، علي بن عبد الله السمهودي، تحقیق قاسم السامرائي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 2001م.