أسواق جزیرة العرب

من ويكي‌حج
(بالتحويل من اسواق جزیره العرب)

أقيمت أسواق جزيرة العرب کلّ عام منتظما في نقاط عديدة منها في الأيام الجاهلية وبداية الإسلام. نظرا إلی موقع الجزيرة العربية الجغرافي، مرّت تجّار البلاد المختلفة بها وانتفع العرب، رجالا ونساءا من التجارة؛ لأنّهم إمّا بدءوا بالتجارة رأسا أو عملوا في القوافل التجارية فانتفعوا بها مع الواسطة. کانت الأسواق للعرب أکثر من محلّ التجارة فعدّوها معرض الشعر، ومجمعا سياسيا، وموقع الإرتباطات الإجتماعي بینهم. کان من بعض أسواقهم عکاظ، مجنة، ذي المجاز، دومة الجندل، ونطاة.

اهتمام العرب بالتجارة

تقع جزیرة العرب بین بلاد الفارس والروم والإفريقية والبحر الهندي الذي یربطها إلی بلاد الهند؛ هذا الموقع الجغرافي أدّی إلی تشکیل طرق تجارية تواصل بین هذه البلاد في الجزیرة العربية وکانت التجار من البلاد المختلفة تأتي إلی أسواق جزيرة العرب لبیع وشراء بضائعهم. فکان من المعقول للعرب، رجالا ونساءا، أن یکونوا منتفعين من التجارة إما مباشرة بممارسة التجارة أنفسهم أو بالواسطة مثلا بالعمل في القوافل وعرض الخدمات.

سوق عکاظ

عکاظ، هو الأکبر والأوسع والأعم من أسواق العرب. کان العرب وغیرهم من التجار یجمعون فیه لمقاصد التجارية والأدبية والإجتماعية. نتيجة لمختلف الشعب الحاضرة في عکاظ، وجدت أمتعة متوافرة ومتنوعة فیه.کان عکاظ أقیم في واد متّسع وکبیر قرب الطائف في طریقه إلی مکة ومن شوال حتّی نهایة ذي القعدة. في الباقي من السنة، أقیم بشکل اسبوعي کلّ یوم أحد.

کان لکلّ من العرب لهجة خاصة ینطقون بها فکان التهامی والحجازی والنجدی والعراقی والیمامی والیمنی والعمانی یبسط ویعرض لهجته بقرائة أشعاره في عکاظ؛ واختاروا الملوك ممثّل الشعب العربي في عکاظ وأتاه الناس لقصد التزویج والترفيه والمصارعة والتفاخر ونحو ذلك.[١]

سوق مجنة

مجنّة سوق حوالي مکة علی أميال منها وتقع قریبا من جبل یقال له الأصفر؛ عدّ أهالي مکة أرضها من الأراضي الجميلة وذات میاه. بعد انقضاء سوق عکاظ، أتاها العرب لممارسة التجارة وعرض الشعر والمفاخرة. أدّی توافر الأمتعة المختلفة في مجنة، إلی ذکر هذا في الأشعار. کانت مجنة قائمة علی أرض قبیلة کنانة.

أتی قریش وغیرهم من العرب سوق مجنة وعکاظ وذي المجاز محرما للحج، لا یأتون شیئا من محرماته. تتلفظ کلمة «مجنّة» بفتح المیم وکسرها.[٢]

سوق ذي المجاز

وقع ذو المجاز في منی وکانت أرضه قریبة من قبيلة هذيل وهم أهله فورد الأشعار فيه من شعراء قبيلة هذيل أکثر من باقي الشعراء. أتی الحجاج ذا المجاز في بداية ذي الحجة و بعد ما انقشعوا عن سوق مجنة. بقوا في ذي المجاز حتی الیوم الثامن من ذي الحجة. جری فیه أحداث متکثرة من التجارة والتفاخر وطلب ثار ونحوها. [٣]

سببا عن قرب زمانته من بداية الحج، أتوه الحجاج من العرب ممن ذهب إلی مجنة وعکاظ وممن أتی الحجّ خاصة من دون الأسواق قبله؛ وعدّوا ذا المجاز من مواسم الحجّ. [٤]

سوق دومة الجندل

دوماء الجندل أو دومة الجندل بلد یقع في الشام القديم قريبا من المدينة. کان اسمها حصن «مارد» في قديم الأيام وأرضها منخفض فتسقی ما فیها من الزراعة والنخيل. جدّد عمارتها شخص اسمه أکيدر مع أصحابه عندما شاهد أنّها خربة وغرسوا فیها الأشجار وسمّوها دومة الجندل. أجمع أکيدر کلّ من یتعرض للقبائل وبدأ بقطع الطريق وسرقة أموال التجار فواجههم رسول الله مع جنده من المسلمين واستظهر علیهم. ولکن لم ینقطع شرهم تماما عن تجار المدينة فأرسل رسول الله عبدالرحمن بن عوف إلی قبیلتهم، قبيلة کلب، لدعوة أهلها إلی الإسلام فهکذا أسلمت قبيلة کلب.[٥]

کان لقبائل العرب موعد في دومة الجندل للبيع والشراء في البداية من ربيع الأول؛ کان رئیس السوق، الذي یأخذ المکس، من قبيلة کلب أو غسان. یدور نشاط هذا السوق حتی منتصف ربيع الأول وأتی العرب إلیها من الشام والعراق وسائر أطراف الجزیرة وهذا یخبرنا أنّها کانت سوقا مهما ذا ربح نظرا إلی فقدان الأمن.[٦]

کانت قبيلة کلب أکثر العرب في تجارة العبيد وکان لهم حوانيت في دومة الجندل لهذه. کانت لهم أیضا خصلة في إکراه فتیاتهم علی البغاء وکسب الربح من هذا الطریق ولکن الإسلام حرّم هذا و تنزّه العرب عن هذه التجارة.[٧]

سوق نطاة

نطاة حصن من حصون خيبر، التي وقعت بين المدينة وتبوك.کانت لخيبر میاه کثيرة ومزارع و تتحلّق حول القرية نخيل کثير. استوطنوها الیهود منذ القديم واشتغلوا بالزراعة والتجارة. نتیجة لوقوع خيبر علی الطرق التجارية الکبری، ورد أهلها في تجارة جزیرة العرب؛ فجُعلت نطاة من محطات القوافل التجارية. یقال أنّ موعدها الرئيسية هو بعد انتهاء ذي الحجة.

نجح أهل خيبر في متاجرهم و أفادوا غنی واسعا وجمعوا ثروات کثيرة؛ یقال أنّ أهل خيبر تعاملوا بالرّبا وهذا من أسباب کثرة أموالهم. [٨]

الهوامش

  1. تهذیب تاریخ ابن عساکر: ۴١۴ - ۴١۵ - بلوغ الأرب، محمود شکري، ١۶٣:٢ .
  2. أخبار مکة، الأزرقي: ١٣٢ .
  3. شرح المواهب، الزرقاني, ٣٠٩:١ .
  4. تهذیب تاریخ ابن عساکر ج۴١۵:۴ .
  5. سیرة ابن هشام ۴۴٣:٣ .
  6. الأزمنة والأمکنة، المرزوقي، ١۶١:٢ .
  7. القرآن الکريم، سورة النور: ٣٣ .
  8. أسواق العرب، الأفغاني : ٣۵۶ .

المنابع