أم سلمة

من ويكي‌حج

لقد کانت أم سلمة أول نساء بيت الرسول بعد أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد وعيا لدورها الرسالي کما کانت أکثر نساء النبي التزاما بهذا کلّه وأسرعهن طاعة لله ورسوله.

نسبها

هند بنت سهيل أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشية وکان أبوها جوادا کريما عرف بذلك في الجاهلية ولقبته العرب بزاد الرکب حین کان هذا اللقب لا یطلق الا علی ثلاثة أو أربعة أشخاص. راحت الأمثال تضرب بجودهم وسارت بذلك الرکبان فإذا ما کان أحدهم في سفر فإن رفقاء سفره مهما کثروا یتحمّل عنهم زادهم وطعامهم طيلة الرحلة التي جمعتهم ويرفض أن يحمل رفقاؤه شيئا من ذلك.

أما أمها فهي عاتکة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن جذيمة بن علقمة الکنانية من قبائل بني فراس الأشراف الأمجاد. وعلقمة جدها کان یلقب بجذل الطعان وذکرته کتب التاریخ بأنه رجل کريم يعطي ولا يبخل.

إسلامها وهجرتها

في بداية نورا الإسلام ورغم عناد الوليد بن المغيرة زعيم بني مخزوم أسلمت أم سلمة وزوجها. وبعد ما ثارت حفيظة مشرکي مکة وعظ غيضهم واشتدّ أذاهم للمسلمين هاجرت معه إلی الحبشة فکانا أول المهاجرين فنالت بذلك وسام أولی المهاجرات.

وما إن عادت وزوجها إلی مکة من الحبشة حتی استعدا للهجرة مرة أخری إلی المدينة بعد أن توفي أبوطالب عمّ رسول الله وحاميه. فعادت بذلك قريش إلی اضطهاد المسلمين فصدر أمر رسول الله بالهجرة إلی المدينة فکان زوجها أبو سلمة أول المهاجرين حيث هاجر قبل بيعة العقبة بسنة وقد حلّت مصيبة مؤلمة بهذه الأسرة.

رحيل أبو سلمة

کان صحابيا مجاهدا هاجر الهجرتين وشهد بدرا وقد أبلی فيها بلاءا حسنا وبعدها شهد أُحدا فلم يقل بلاؤه فيها عن بدر حتی ثخن بالجراح فشفي منها إلا جرح کان غائرا في عضده اندمل ظاهره دون باطنه ومع هذا فقد استعمله رسول الله علی المدينة مرة ومرة أخری قاد أمر رسول الله سرية ومعه مائة وخمسون رجلا إلی قطن وهو جبل لبني أسد في نجد نترك ابنه عمر یشرح لنا کل ذلك حيث قال: خرج أبي إلی أحد فرماه أبوسلمة الجشمي في عضده بسهم فمکث شهرا یداوی من جرحه ثم برئ الجرح. وبعث رسول الله أبي إلی قطن في المحرم علی رأس خمسة وثلاثين شهرا فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع فدخل المدينة لثمان خلون من صفر سنة أربع. والجرح منتقض فمات منه لثمان خلون من جمادي الآخرة سنة أربع من الهجرة.

الزواج المبارك

رحل عنها أبو سلمة وترکها ذات عيال أربعة أولاد: سلمة وقد ولد بالحبشة وعمر ودرة وبرة قد غير اسمها رسول الله إلی زينب. وقد کبر سنها وراحت مع کلّ آلامها علی زوجها الذي ماجفّت دموعها لفقده فقد کانت تحبّه حبا عظيما ترعی صغارها وتتذکر ما کان يوصيها به أبو سلمة في مرضه الذي توفي فيه عبر جوار دار بين الثنين أحدهما کان مسجی والآخر يذرف دموعه بألم وحرقة ومرارة.

بعد أن انتهت عدتها تقدم لخطبتها بعض کبار الصحابة فلم تقبل، أرسل لها رسول الله من يبلغها برغبته في الزواج منها. فتزوجها رسول الله في السنة الرابعة وأصدقها فراشا حشوه ليف وخدما وصحفة ومجشة.