باب السلام (مسجدالنبي)

من ويكي‌حج
باب السلام

باب السلام من الأبواب الرئيسية للـمسجد النبوي وهو الأول الذي وضع على الجدار الغربي للمسجد. تم بناء هذا الباب في عهد عمر بن الخطاب . هناك أسماء اطلق على هذا الباب مثل باب مروان و باب الخشوع و باب الخشية و باب السويقة . ان احدى أنجازات عمر بن عبد العزيز هي ربط السلاسل على باب السلام لمنع دخول الحيوانات الا انه في حج عام 885 هـ.و بسبب الازدحام ادى ذلك الى مقتل عدد من الاشخاص. ومن انجازات عمر بن عبد العزيز هي بناء مئذنة بجوار باب السلام بحيث تم إعادة بنائها عدة مرات بعد تدميرها . هذا الباب هو من الأبواب القليلة التي بقيت مفتوحة في عصر المقتدر العباسي بعد إغلاق العديد من أبواب مساجد النبوي. وقد أحترق المسجد النبوي مرتان بحيث تم حرق هذا الباب الا انه وفقا لاوامر زعماء العصر تم اعادة بناءه . في عهد عبد المجيد العثماني بدات عملية بناء جديدة لباب السلام وفي عهد نجله عبد العزيز تم اكمال عملية بناء هذا الباب . وفي زمن آل سعود اجريت عملية اعادة البناء و تزئين الباب بحيث تم صنع الباب من افضل اخشاب الخام في اسبانيا.

تاريخ البناء

باب السلام[١] كان أحد ألابواب الذي تم بناءه في عام 17 هـ. خلال فترة عمر بن الخطاب ( 13-23 هـ ) وتم وضعه في نهاية الجدار الغربي للـمسجد النبوي .[٢]

أسماء أخرى

يقع هذا الباب الى جانب باب الرحمة وبعد بناء منزل مروان بن حكم ( 64-65 هـ) اطلق عليه باب مروان. [٣] في عام 686 هـ تم هدم بيت مروان وبني فوقه مكانا للوضوء وذلك على يد سيف الدين قلاوون ( 678-689 هـ) من الحكام المماليك في مصر. [٤] وقد اعتبر ابن زباله (المتوفى عام 199 هـ) باب الخشوع هو الاسم الاخر لهذا الباب ، لكنه لم يذكر سبب هذه التسمية . [٥] كما اطلق ابن جبير على هذا الباب باب الخاشية من دون ان يشير الى سبب هذه التسمية. [٦] وفي العهد العثماني و بسبب ان باب السلام كان مقابل الباب الرئيسي للمدينة باب السويقة وايضا قربه الى الحجرة الشريفة فان معظم الحجاج في المدينة كانوا يدخلون من هذا الباب الى المسجد النبوي لالقاء السلام والتحية للـنبي الاكرم (ص ) ومن هذا المنطلق كان باب السلام هو الاسم الغالب على سائر الاسماء الاخرى.[٧]

عمر بن عبد العزيز والاعمال التي قام بها على باب السلام

عمر بن عبد العزيز ( 99-101 هـ) لما كان واليا على المدينة المنورة (عام 88 هـ) وضع سلسلة على باب السلام لمنع دخول الحيوانات الى المسجد.[٨] وظلت هذه السلسلة قائمة على الباب حتى عام 885 هـ بحيث ادى اكتظاظ الحجاج وراء هذا الباب الى مقتل عدد منهم ومنذ ذلك الحين كان يتم رفع السلسلة اثناء اداء مناسك الحج.[٩]

كما قد تم بناء مئذنة بجوار هذا الباب وفقا لاوامر عمر بن عبد العزيز بحيث كانت مشرفة على منزل مروان. وقام سليمان بن عبد الملك (96-99 هـ) باصدار اوامر بهدمها . [١٠] وفي عام 706 هـ اصدر شبل الدولة الكافور كبير خادمي الحرمين الشريفين امرا باعادة بناء المئذنة [١١] وفي عام 970 هـ. تم تدمير هذه المئذنة وقام السلطان العثماني مراد باعادة اعمارها في عام 983 هـ . وأيضا في عهد السلطان عبد المجيد الأول ، تم إصلاح المئذنة مرة أخرى وإضافة مسننين الى مسننات المئذنة. [١٢] بقيت هذه المئذنة على حالتها مع بعض التغييرات خلال فترة حكم ال سعود.[١٣]

زخارف الباب

بعد إعادة بناء المسجد النبوي على يد المنصور العباسي ( 136-158 هـ ) تم كتابة هذه الاية بعد البسملة على الجزء الخارجي من باب السلام ، وهي : اِنَّ اللهَ وَ مَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا اَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلیماً (سورة الاحزاب، 56) كذلك عبارات الصلاة على النبي الاكرم (ص )، واهل بيته وايضا تاريخ توسيع المسجد من قبل الخليفة والدعاء بحقه . في الجزء الداخلي من الباب ، تم كتابة عبارات تحتوي على شهادة بوحدانية الله والصلاة على النبي الاكرم (ص ) وتاريخ إعادة بناء المسجد.[١٤]

الباب المفتوحة

على الرغم من إغلاق العديد من أبواب المسجد النبوي في عهد المقتدر العباسي ( 295-320 هـ) أو قبل ذلك ،إلا أن باب السلام كان أحد الأبواب القليلة التي ظل مفتوحا .[١٥] وكان مصراعي الباب من خشب الساج.[١٦]

باب السلام كان يمتاز بقربه من دار القضاء (منزل عمر بن الخطاب ، تم بيعه لقضاء الدين ومن ثم استولى عليه مروان بن حكم ) ودار الامارة في العصر الأموي [١٧] ، وكذلك كان مجاورا ايضا الى المدرسة الأشرفية للسلطان قايتباي المملوكي ( القرن التاسع )[١٨] وتم اعادة بناءه على يد السلطان محمود العثماني في عام 1273 هـ. واشتهر فيما بعد باسم المدرسة المحمودية.[١٩]

تصليح الباب بعد الحريق

لقد تضرر مصراعي الباب خلال الحريق الأول للمسجد النبوي سنة 654 هـ. الا انه تم اعادة بناءه بأمر الملك ظاهر بيبرس مملوكي (658-676 هـ) خلال عام 668 هـ.[٢٠]

لقد تم صناعة باب آخر من خشب الساج لباب السلام وذلك بامر من الملك ناصر محمد بن قلاوون المملوكي (693-741 هـ) [٢١] بحيث احترق في الحريق الثاني للمسجد عام 886 هـ. . وقد أمر السلطان قايتباي بوضع الباب الذي صنعوه في مصر لمدرسة الأشرفية على باب السلام، هذا الباب كان مصنوعا من الخشب الثمين ومزين بقطع من النحاس والنقوش .[٢٢]

في عام 941 هـ. بأمر سليمان القانوني ( 926-974 هـ) ، تم هدم بوابة باب السلام والتي كانت قائمة منذ العهد المملوكي ، وتم استبدالها ببناية أفضل مزودة بقبة فوقها . وقد تم تزيين الباب برخام جميل للغاية و تم الكتابة على طرفي اليسار و اليمين بعد البسملة الآية 40 من سورة الأحزاب : ماکانَ مُحَمَّدٌ اَبا اَحَد ٍمِنْ رِجالِکُمْ وَلکِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِیِّینَ وَکانَ اللهُ بِکُلّ ِشَیْ‏ءٍ عَلیماً و 24 سوره رعد: سَلامٌ عَلَیْکُمْ بِماصَبَرْتُم ْفَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ و 56 سوره احزاب: اِنَّ الله َوَمَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا اَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلیما " وايضا الى جانب هذا الحديث : «من زارني بعد موتي فکانما زارني فی حیاتی» وعبارات بمدح السلطان و تاريخ صنع الباب. [٢٣]

بناء باب جديد لباب السلام

بدأت عملية بناء الباب الجديد لباب السلام في عهد عبد المجيد العثماني ( 1255-1277 هـ) وانتهى في فترة ابنه عبد العزيز ( 1277-1293 هـ). كان الباب بلون الاخضر المائل الى اللازوردي وكان يتحول في بعض أحيانًا إلى اللون الأبيض. كانت هناك خطوط جميلة منقوشة على الباب و التي جعلتها تبدو وكأنها حديقة جميلة. على الجانب الخارجي من باب السلام ، وعلى الاطراف الخشبية للباب كان يوجد فيها نقش جميل من أربعة أسطر بخط الثلث يظهر في السطر الأول ، الآية 87 من سورة النساء: وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِیثاً ، وعلى جهة اليمين عند الدخول ، الايات 80-83 من سورة الإسراء: وَ قُلْ رَبِّ اَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ اَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ... وَ اِذا مَسَّهُ الشَّرُّ کانَ یَؤُسا " وفي السطر الثاني، بعد البسلمة الايات 21- 25 من سورة الاحزاب : لَقَدْ کانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کانَ یَرْجُوا اللهَ وَ الْیَوْمَ الْآخِرَ... وَ کانَ اللهُ قَوِیًّا عَزِیزا وفي السطر الثالث كان هناك عدة ابيات في مديح النبي الاكرم(ص)

رسول الله انی مستجیر ** بجاهک و الزمان له اعتداء عسی بک تنجلی عنی کروبی ** و کم کرب له منک انجلاء

وفي الرابع كانت هناك كلمات في مدح عبد العزيز بن عبد المجيد العثماني والدعاء له . وتم كتابة على مصراع الجانب الأيمن من الباب ، الآية 45 من سورة الحجر:اِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وعلى مصراع الجانب الأيسر ، الآية 46 من نفس السورة: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِینَ [٢٤]

إعادة الإعمار في زمن ال سعود

قام السعوديون في عام 1375 هـ. باعادة بناء وتزيين هذا الباب وذلك خلال التوسعة الثانية للمسجد النبوي،[٢٥] وتم استبدال مصراعي الباب الخشبي الرئيسي للمسجد . وقد استخدموا أفضل المواد الخام لصنع الأبواب. وقاموا بجمع خشب الساج وتجفيفها باستخدام أحدث التقنيات ومن ثم تم ارسلها إلى برشلونة في إسبانيا من اجل صناعة الباب في هذه المدينة . وباستخدام أدوات جديدة ، صنعوا الأبواب بجودة ممتازة واستخدموا المسامير الخشبية في صنعها. كما تم انجاز تزيين الابواب بالنحاس في فرنسا وتم تركيبها على الابواب في برشلونة. ان وزن 5/2 طن للأبواب جعلها ان تستغرق عملية تنظيم هذه الأبواب الكثير من الوقت. وفي نهاية المطاف تم هذه العملية بعناية فائقة [٢٦]

الهوامش

  1. التعریف بما آنست الهجرة، ص108؛ وفاء الوفاء، ج2، ص85.
  2. معجم البلدان، ج5، ص87؛ وفاء الوفاء، ج2، ص85؛ مرآة الحرمین، ج1، ص462؛ عمارة المسجد النبوي، ص87.
  3. اخبار المدینة، ص110؛ الدرة الثمینة، ص108؛ وفاء الوفاء، ج2، ص225، 227.
  4. التحفة اللطیفة، ‌ج2، ص386؛ مرآة الحرمین، ج1، ص477؛ موسوعة مرآة الحرمین، ‌ج4، ص632-633.
  5. اخبار المدینة، ص110؛ وفاء الوفاء، ج2، ص225
  6. رحلة ابن جبیر، ص154.
  7. وفاء الوفاء، ج2، ص225-226.
  8. الدرة الثمینة، ص116.
  9. وفاء الوفاء، ج2، ص226.
  10. تاریخ المسجد النبوي، ص153؛ مدینةشناسي، ص122.
  11. التحفة اللطیفة، ج1، ص94؛ مرآة الحرمین، ج1، ص479.
  12. عمارة المسجد النبوي، ص250.
  13. تاریخ المسجد النبوي، ص153-154.
  14. المناسک، ص394-395.
  15. رحلة ابن جبیر، ص154؛ عمارة المسجد النبوي، ص177.
  16. عمارة المسجد النبوی، ص152-153، 177.
  17. المغانم المطابة، ج2، ص788؛ وفاء ‌الوفاء، ج2، ص222-224.
  18. تاریخ المدارس الوقفیة، ص491-492.
  19. رسائل في تاریخ المدینة، ص44؛ تاریخ معالم المدینة، ص100؛ تاریخ المدارس الوقفیة، ص491-492.
  20. عمارة المسجد النبوي، ص199، 219، 234.
  21. تاریخ مکة المشرفة، ج1، ص293.
  22. سفرنامه حجاز، ص386، 388.
  23. موسوعة مرآة الحرمین، ج4، ص493-494.
  24. رسائل في تاریخ المدینة، ص79-80؛ مرآة الحرمین، ‌ج1، ص477؛ موسوعة مرآة الحرمین، ج4، ص632-635.
  25. مدینةشناسي، ص113.
  26. قصة التوسعة الکبری، ص385-386.

المنابع

.
  • اخبار المدینة: محمد ابن زباله (م. 199ق.)، بمحاولة ابن سلامه، مرکز بحوث و دراسات المدینة، 1424ق؛
  • تاریخ المدارس الوقفیة في المدینة المنورة: طارق بن عبدالله حجار، الجامعة الاسلامیة بالمدینة المنورة، 1423ق؛
  • تاریخ المسجد النبوي الشریف: محمد الیاس عبدالغني، المدینة، مکتبة الملك فهد، 1416ق؛
  • تاریخ معالم المدینة المنورة: احمد یاسین الخیاري، بمحاولة کردي، السعودیة، دار العلم، 1419ق؛
  • تاریخ مکة المشرفة: محمد ابن الضیاء (م. 854ق.)، بمحاولة علاء و ایمن، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1424ق؛
  • التحفة اللطیفة: شمس الدین السخاوي (م. 902ق.)، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1414ق؛
  • التعریف بما آنست الهجرة: محمد المطري (م. 741ق.)، بمحاولة الرحیلي، ریاض، دار الملك عبدالعزیز، 1426ق؛
  • الدرة الثمینة في اخبار المدینه: محمد بن محمود النجار (م. 643ق.)، بمحاولة صلاح الدین، مرکز بحوث و دراسات المدینة، 1427ق؛
  • رحلة ابن جبیر: محمد بن احمد (م. 614ق.)، بیروت، دار مکتبة الهلال، 1986م؛
  • رسائل في تاریخ المدینة المنورة: احمد علی، بمحاولة حمد الجاسر، ریاض، دار الیمامة، 1392ق؛
  • سفرنامه حجاز: محمد لبیب البتنوني، ترجمه: انصاري، طهران، مشعر، 1381ش؛
  • عمارة المسجد النبوي: محمد هزاع الشهري، دار القاهرة، 2001م؛
  • عمدة الاخبار في مدینة المختار: احمد بن عبدالحمید عباسي (م. قرن10ق.)، بمحاولة انصاري، مدینة، المکتبة العلمیة؛
  • قصة التوسعة الکبری: حامد عباس، جده، المملکة العربیة السعودیة، 1416ق؛
  • مدینةشناسي: سید محمد باقر نجفي، طهران، شرکت قلم، 1364ش؛
  • مرآة الحرمین: ابراهیم رفعت پاشا (م. 1353ق.)، قم، المطبعة العلمیة، 1344ق؛
  • معجم البلدان: یاقوت الحموي (م. 626ق.)، بیروت، دار صادر، 1995م؛
  • المغانم المطابة: محمد الفیروزآبادي (م. 817ق.)، مدینة، مرکز بحوث و دراسات المدینة، 1423ق؛
  • المناسك و اماکن طرق الحج: ابواسحق الحربي (م. 285ق.)، بمحاولة حمد الجاسر، ریاض، دار الیمامة، 1401ق؛
  • موسوعة مرآة الحرمین الشریفین: ایوب صبری پاشا (م. 1290ق.)، قاهره، دار الآفاق العربیة، 1424ق؛
  • وفاء الوفاء: السمهودي (م. 911ق.)، بمحاولة محمد عبدالحمید، بیروت، دار الکتب العلمیة، 2006م.