النبي محمد (ص)
محمد بن عبد الله هو نبي دين الإسلام. ولد في مكة، وبلغ النبوة في الأربعين من عمره، وبدأ الدعوة لدين الإسلام في مكة. وبعد أربعة عشر عاماً هاجر إلى مدينة يثرب لنشر دعوته، وهي المدينة التي سميت مدينة النبي بعد هجرته إليها، وأصبحت مركزاً للحكومة الإسلامية. حيث أقام فيها عشر سنوات، وكان مسجد النبي محل سكنه هو وزوجاته. ومن بعدها تم بناء مساجد عديدة في أماكن مختلفة كان النبي الكريم قد حضرها أو صلى فيها.
الولادة
يعتبر أغلب الشيعة يوم 17 ربيع الأول تاريخاً لمولد النبي، كما يعتبر أغلب أهل السنة يوم 12 منه تاريخاً للمولد الشريف.[١] أبوه عبد الله بن عبد المطلب، وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف.[٢] ولد محمد في بيت بشعب أبي طالب، الذي عرف فيما بعد بمولد النبي، وكان محطاً للاحترام. وبعد ولادته أُعطي لحليمة بنت أبي زعيب التي أرضعته، حيث أقام عندها في قبيلة بني سعد بن بكر بن هوازن لأربع سنوات، وفي السنة الخامسة أعادته حليمة إلى أمه.[٣]
من الطفولة وحتى الزواج
هناك بعض الوقائع التي لفتت انتباه المؤرخين في سيرة النبي منذ طفولته وحتى شبابه ومن ثم زواجه.
وفاة الأب والأم
ذهب النبي إلى المدينة المنورة برفقة والدته آمنة في السادسة من عمره. وعند عودته توفيت آمنة بالأبواء ودفنت هناك. أعادت أم أيمن النبي إلى مكة بعد وفاة آمنة. وقد اعتنى به جده عبد المطلب حتى بلغ الثامنة من عمره، ولما توفي تولى رعايته عمه أبو طالب.[٤]
السفر إلى الشام
سافر محمد (ص) في عمر 9 أو 12 أو 13 عاماً إلى الشام برفقة أبي طالب مع قافلة قريش التجارية. وسافر مرة أخرى إليها وهو في الخامسة والعشرين من عمره للعمل في تجارة بأموال السيدة خديجة؛ وهي الرحلة التي مهدت لزواج محمد (ص) منها.[٥][٦]
إعادة بناء الكعبة
- مقالة مفصلة: إعادة بناء الكعبة قبل الإسلام
بعد عشر سنوات من الزواج بخديجة، وبعد خمسة عشر عاماً من حرب الفجار الرابع، عندما كان رسول الله يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، قررت قريش إعادة إعمار الكعبة. وفي أثناء ذلك، وضع محمد الحجر الأسود مكانه.[٧] وقد اعتبرت بعض الروايات أن زمن هذا الحدث هو في سن الخامسة والعشرين من عمر النبي.[٨]
التعبد في غار حراء
- مقالة مفصلة: التعبد
وفي كل عام كان يقضي رسول الله مدة من الزمن في عزلة لوحده في غار حراء. وقال البعض أن هذه الفترة كانت شهراً واحداً من كل عام، وبحسب الروايات أنه كان شهر رمضان.[٩]
البعثة
وبحسب المشهور عند الشيعة الإمامية فإن زمن البعثة كان يوم 27 من شهر رجب، وبحسب أهل السنة فإنه في شهر رمضان. [١٠] وبحسب الأخبار فإن أول لقاء لجبريل (ع) بمحمد كان في أحد أيام اعتكافه في غار حراء.[١١]ويقال أن محمد كان يبلغ من العمر 40 عاماً في ذلك الوقت.[١٢]
هناك خلاف حول الآيات الأولى التي نزلت على النبي؛ فالبعض اعتبرها هي الآيات الخمس الأولى من سورة العلق، في حين رأى البعض الآخر أن السورة الأولى هي سورة المدثر، ورأى آخرون أنها فاتحة الكتاب.[١٣]
بداية الدعوة في مكة
وكان علي وخديجة أول من أسلم وآمن به.[١٤] وأسلم حمزة بن عبد المطلب في السنة الثانية أو السادسة من البعثة. كما التحق به جماعة آخرون من أهل مكة. وكان أصحاب رسول الله (ص) يخرجون إلى أودية مكة ليصلوا حتى حدث بينهم وبين مشركي مكة ما دعاهم أن يصلوا في دار الأرقم. وبعد ثلاث سنوات من بعثة رسول الله (ص) أعلن دعوته بمكة ونشرها.
ومنذ ذلك الحين حاول المشركون محاصرة رسول الله. كما جرب رسول الله طرقاً جديدة لنشر دعوته. وفي السنة الخامسة من بعثته أرسل جماعة من المسلمين إلى الحبشة، وسافر إلى الطائف للعثور على أنصار في تلك المدينة.[١٥] وفي أيام الحج تحدث مع الحُجاج ودعاهم إلى الإسلام.[١٦]
معرفة أهل المدينة بالرسول
وفي السنة الحادية عشرة وضمن أيام الحج، التقى النبي مع ستة من الخزرج من أهل يثرب[ملاحظة ١] ودعاهم إلى الإسلام، وبعد عودتهم إلى يثرب قاموا بعرض دعوة النبي على الناس.[١٧] أثناء الحج في السنة الثانية عشرة للبعثة النبوية، بايع 12 شخصاً من أهل يثرب النبي في عقبة منى، وهو ما يسمى ببيعة العقبة الأولى. وفي حج السنة الثالثة عشر، التقى نحو سبعين من وجهاء أهل المدينة المنورة وبايعوا النبي (بيعة العقبة الثانية) ودعوه للهجرة إلى المدينة المنورة.[١٨]
الهجرة إلى المدينة
- مقالة مفصلة: الهجرة
بدأت هجرة المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية في ذي الحجة سنة 13 للبعثة. وهاجر النبي بنفسه في الأول من ربيع الأول سنة 14 من البعثة. وقد عُرفت رحلة النبي إلى المدينة فيما بعد بالهجرة. وفي الثاني عشر من ربيع الأول دخل النبي قباء، وهو أحد أحياء المدينة المنورة.[١٩]
الرسول في المدينة
عاش النبي بالمدينة المنورة عشر سنين وتوفي فيها. وأصبحت الهجرة إلى المدينة المنورة فيما بعد بداية للتأريخ الإسلامي. وكانت السنوات التي تلت الهجرة هي سنوات تشكيل حكومة المسلمين بقيادة النبي. وفي هذه السنوات حدثت عدة حروب صغيرة وكبيرة بين مسلمي المدينة المنورة ومشركي قريش؛ أو القبائل الأخرى حول المدينة المنورة أو داخلها (اليهود).[٢٠] وأهمها غزوة بدر ومعركة أحد ومعركة الخندق والحديبية وخيبر. وتزايدت قوة المسلمين تدريجياً، وفي السنة الثامنة، تزامناً مع فتح مكة، استقرت سلطانهم على جزء كبير من شبه الجزيرة العربية.
فتح مكة
- مقالة مفصلة: فتح مكة
كان فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة.[٢١] وفي هذه الرحلة ركب النبي الجمل إلى المسجد الحرام وطاف حول الكعبة سبع مرات واستلم ركن الحجر الأسود بِعصًا كانت في يده.[٢٢] وبعد فتح مكة دخل رسول الله (ص) داخل الكعبة، وحطّم الأصنام، ووقف على باب الكعبة وخطب في الناس.[٢٣]
آثار محمد(ص) في مكة والمدينة
وبغض النظر عن القرآن الكريم، والذي يعتبر كتاب المسلمين المقدس وحصيلة الوحي الإلهي المنزل على النبي، فإن المسلمين يعتبرون معظم الأماكن أو المباني التي كانت مرتبطة بالنبي آثارًا قيّمة، ومن جملتها: بناء المساجد في أماكن مختلفة من مكة والمدينة حيث صلى النبي،[٢٤] ولا يزال الكثير منها قائماً. وأهمها المسجد النبوي الذي كان متصلاً ببيت النبي وزوجاته، حيث دُفن جسده الشريف في نفس المسجد بعد وفاته. ويعتبر المسجد النبوي اليوم؛ الأكبر من حيث البناء الإسلامي بعد المسجد الحرام في مكة. كما أصبحت الأماكن التي صلى فيها النبي خارج مدينتي مكة والمدينة أثناء أسفاره وحملاته فيما بعد مساجد أيضاً. وجدير بالذكر كذلك، المساجد الـ 17 التي تم بناؤها في الطريق من المدينة إلى تبوك.[٢٥]
أداء الحج
وبعد الهجرة إلى المدينة المنورة، اعتمر النبي مرة في ذي القعدة، من السنة السادسة للهجرة، وهي المعروفة بعمرة القضاء،[٢٦] ومرة أخرى، بعد غزوة حنين، اعتمر في ذي القعدة من السنة الثامنة.كما حج مرة واحدة في السنة العاشرة من الهجرة، ويسمى هذا الحج بحجة الوداع.[٢٧] تعد أخبار رحلة الحج النبوية أحد مصادر علم الفقه ومناسك الحج عند المسلمين.[٢٨] وفي طريق العودة من هذا السفر وقعت حادثة غدير خم واختار النبي (ص) علي بن أبي طالب (ع) خليفةً له.
- طالع أيضا: عمرة القضاء
- حجة الوداع
الوفاة
وقد ذكر معظم المؤرخين أن وفاته كانت يوم 12 ربيع الأول، لكن محدثي الشيعة يعتبرون تاريخ وفاته في 28 صفر. غسّل علي والعباس النبي، ودفناه في نفس المكان الذي توفي فيه (الحجرة النبوية).[٢٩]
الزوجات والأبناء
- مقالة مفصلة: أمهات المؤمنین
اختلف المؤرخون في عدد زوجات النبي.[٣٠] وكان لرسول الله ثلاثة أبناء وأربع بنات. توفي أبناؤه وهم صغار، فقد ولد القاسم وعبد الله وتوفيا بمكة، وولد إبراهيم بالمدينة في السنة الثامنة من الهجرة، وتوفي في السنة العاشرة منها، وبناته زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة (عليهم السلام).[٣١]
الهوامش
- ↑ تاريخ پيامبر إسلام، ص 43
- ↑ السيرة النبوية، ج 1، ص 1، 157
- ↑ مروج الذهب، ج 2، ص 280
- ↑ السيرة النبوية، ج 1، ص 168-169, 179؛ مروج الذهب، ج 2، ص 281
- ↑ السيرة النبوية، ج 1، ص 181
- ↑ تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 20
- ↑ السیرة النبویة، ج 1، ص 192؛ تاریخ الطبري، 321-323
- ↑ تاریخ الیعقوبي، ج1، ص 19
- ↑ السيرة النبوية، ج 1، ص 236
- ↑ تاریخ پیامبر اسلام، ص 67
- ↑ السیرة النبویة، ج 1، ص 236
- ↑ تاریخ الیعقوبي، ج 2، ص 22
- ↑ تاریخ پیامبر إسلام، ص 70
- ↑ تاریخ الیعقوبي، ج 2، ص 23
- ↑ تاریخ الیعقوبي، ج2، 36
- ↑ تاریخ الیعقوبی، ج2، ص36
- ↑ السیرة النبویة، ج 1، ص 428-431
- ↑ السیرة النبویة، ج 1، ص 438؛ تاریخ الیعقوبي، ج 2، ص 38
- ↑ السیرة النبویة، ج 1، ص 590؛ مروج الذهب، ج 2، ص 286
- ↑ تاریخ الطبري، ج 2، ص 491ِ؛ مروج الذهب، ج 2، ص 287-289
- ↑ مروج الذهب، ج 2، ص 296
- ↑ تاریخ پیامبر إسلام، ص 464
- ↑ تاریخ الیعقوبي، ج 2، ص 60؛ تاریخ پیامبر إسلام، ص 466
- ↑ تاریخ المدینة، ج 1، ص 75
- ↑ تاریخ پیامبر إسلام، ص 500
- ↑ تاریخ پیامبر اسلام، ص 427
- ↑ مروج الذهب، ج2، ص 297
- ↑ السیرة النبویة، ج 2، ص 605-606
- ↑ السیرة النبویة، ج 2، ص 663؛ تاریخ إسلام، ص 111-112
- ↑ السیرة النبویة، ج 1، ص 643؛ مروج الذهب، ج 2، ص 290
- ↑ تاریخ پیامبر إسلام، ص 60-61
الملاحظات
- ↑ أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله، راجع البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي، ج 3، باب بدء إسلام الأنصار.
المنابع
- تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، بيروت، دار صادر.
- تاریخ إسلام، علي أكبر فياض، طهران، منشورات جامعة طهران، 1382 ش.
- مروج الذهب ومعادن الجوهر، علي بن حسين المسعودي، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، بيروت، دار المعرفة، (د.ت).
- تاريخ پیامبر إسلام، محمد إبراهيم آيتي، طهران، جامعة طهران،
- تاريخ الطبري، محمد بن جريري الطبري، تحقيق نواف الجراح، دار ومكتبة الهلال.
- تاريخ المدينة المنورة، عمر ابن شبة، تحقيق فهيم شلتوت، بيروت، دار المعرفة.
- السيرة النبوية، عبد الملك ابن هشام، تحقيق مصطفی سقا وآخرون، بيروت، دار المعرفة، (د.ت).