البیتوتة
البيتوتة من مناسك الحج وتعني التوقف ليلا اوجزء منه في أحد الاماكن الخاصة.
البيتوتة تعني ادراك الليل بالعبادة او المعصية، او القيام بشيء في الليل وتستخدم في الاحاديث بمعنى التوقف والمبيت كليا او جزئيا في مكان ما.
ورد ذكر فضائل وكيفية البيتوتة في القرآن الكريم وروايات النبي(ص) واهل البيت(ع) واستخدمت في المصادر الفقهية في مواضيع كالنكاح والطلاق والحج، واما البيتوتة الواجبة والمستحبة في الحج والحرمين لها أداب واحكام سبق بيانها ومناقشتها في المصادر.
المصطلح
تأتي كلمة «البيتوتة» من جذر «ب - ي - ت» الذي يعني ادرك الليل، او قضاء الليل او احياء الليل بالعبادة او المعصية او القيام بعمل ما خلال الليل.[١]
استخدمت «البيتوتة» في الاحاديث و الفقه بمعنى التوقف والمبيت ليلا كليا او جزئيا في مكان ما سواء كان نائما او ساهرا.[٢]
كلمات «بيات» و «مبيت» هي ايضا مرادفة للبيتوتة.[٣] كما ان مفهوم كلمات مثل «التهجد»، و«قيام الليل»، و«احياء الليل» و«السهر» قريبة لمعنى البيتوتة.
البيتوتة في القرآن الكريم والأحاديث
اوضح القرآن الكريم في الآية 64 من سورة الفرقان، اهمية البيتوتة والعبادة في الليل مصرحا: (وَ الَّذینَ یَبیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیاماً) وايضا في احاديث الشيعة ينصح كثيرا ببيتوتة ليلة عاشورا في الحائر الحسيني وايضا البيتوتة المصاحبة للعبادة في منتصف شعبان وعرفه (9 ذي الحجة) في كربلا.[٤]
وقد ذكرت في الروايات فضائل كثيرة للبيتوتة مثل الذهاب الى الفراش على وضوء(5) ونهي سهر الليل بالكامل لكسب المال(6). وحسب الاحاديث فإن بيتوتة النبي آدم(ع) كانت في حطيم والنبي ابراهيم(ع) في المشعر(7) والنبي(ص) كانت له بيتوتة خلال مناسك الحج في ذي الحليفة(8) وعرفات ومنا والمشعر، وكانت بيتوته في المدينة في المسجد النبوي(9). وحسب الروايات فإن الإمام علي(ع) كان له بيتوتة في فراش النبي الاكرم(ص) في شعب ابي طالب لانقاذ حياته(10) اضافة لذلك وحسب تصريح نصوص الاحاديث وتفسير الإمامية(11) وأهل السنة(12) فإن شأن نزول الآية 207 من سورة البقرة هي إنه في ليلة المبيت عندما قصد المشركون قتل الرسول (ص) انقذ الإمام علي(ع) حياته بالنوم في فراشه (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْری نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَ اللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ). وفي المصادر الفقهية ورد ذكر البيتوتة في موضوعات النكاح والطلاق(13) والحج(14). القواعد الفقهية للبيتوتة أهم احكام البيتوتة الواجبة والمستحبة في الحج والحرمين هي كالتالي: البيتوتة قبل دخول مكة يعتقد فقهاء المالكية واستنادا الى الروايت الدالة على بيتوتة النبي (ص) في ذي طوى قبل دخوله الى مكة(15) بإن اذا وصل الحاج الى مكة ليلا، فمن المستحب له قضاء الليل في ذي طوى قبل دخوله مكه وأن يدخل المدينة في الصباح(16). بيتوتة ليلة عرفة في بمنى اعتبرفقهاء الإمامية(17) واهل السنة(18) واستناداً الى الاحاديث(19) إن بيتوتة ليلة عرفة في ارض منى من السنن المستحبة. وفي نصوص الحديث لدى الإمامية(20) وأهل السنة(21) توجد ادعية واذكار موصى بها خاصة للبيتوتة في ليلة عرفة. وقد اعتبر فقهاء الإمامية استناداً الى الاحاديث(22) أن اداء العبادات خاصة الصلواة في ليلة عرفة في مسجد خيف من المستحبات(23). كما تم التأكيد في الروايات(24) والمصادر الفقهية(25) على بيتوتة امير الحاج في ليلة عرفة بمنى. البيتوتة في ليلة عيد الاضحى عند المشعر الحرام يؤمن عدد من فقهاء الإمامية، استنادا الى سنة النبي (ص) والاحاديث(26) أنه اضافة الى وجوب الوقوف بين الطلوعين في المشعر يجب البيتوتة في ليلة عيد الاضحي في مشعر الحرام (الوقوف من اليل الى الصباح)(27). ولا يعتبر فقهاء الإمامية البيتوتة في الليل في مشعر الحرام واجبا(28). ولم يعتبر هؤلاء عمل رسول الله (ص) سببا للوجوب بل اعتبروه واجبا ومستحبا وتنازعوا حول الاحاديث المستندة لهذا الحكم(29). طبعا فإن عددا من فقهاء الإمامية ومن باب الاحتياط اكدوا على وجوب البيتوتة في ليلة عيد الاضحى في المشعر الحرام (30). في فقة الشافعي يوجد رأيان حول البيتوتة في ليلة عيد الاضحى في المشعر وهو الوجوب والاستحباب(31). وباعتقاد الحنابلة(32) فإن البيتوتة في النصف الثاني من الليل في مشعر الحرام واجباً، واستناد هذا الرأي هو السيرة النبوية والاحاديث (33) (34). لم يعتبر المالكيين البيتوتة في مشعر الحرام ليلة عيد الاضحى واجبا واعتبروا الحد الأدنى من الوقوف وهو ما يساوي اقامة الصلاة والنزول من المركب ونشر وسائل السفر الوقت الكافي للوقوف(35). يعتبر الحنفيون البيتوتة في المشعر مستحبا ولو لمدة قصيرة واعتبرو فقط الوقوف بين طلوع الفجر الثاني و شروق الشمس واجباً(36). لكن مع كل ذلك وفقا لاعتقاد فقهاء الإمامية(37) وأهل السنة(38) واستناداً للاحاديث(39) فإن البيتوتة والعبادة في ليلة عيد الاضحى الى الصباح و في المشعر من المستحبات. ومعظم الفقهاء الذين اعتبرو البيتوتة واجبا ليلة عيد الاضحى يؤمنون بوجوب دفع الكفارة اذا تم ترك هذا الواجب ، ويعتقد فقهاء الإمامية وأهل السنة ان المعذورين والضعفاء مثل كبار السن والنساء والمرضى والاطفال الذين لا يمكنهم الحركة بين حشود الحجاج في صباح العيد الى منى يمكنهم التوقف القصير الليلي في مشعر الحرام لاداء وقوف المشعر(40). بيتوتة ليالي ايام التشريق في منى يعتبر ألاماميين(41)والشافعين(42) والمالكيين(43) والحنابلة(44) استنادا الى الاحاديث(45) إن البيتوتة في ليالي الحادي عشر والثاني عشر(46) من ذي الحجة من ايام التشريق في ارض منى واجباً. البيتوتة في منى تعني الوقوف ليلا هناك اما النوم ام السهر او القيام بعمل خاص لم يكن شرطا(47) وقد ذكر عدد من الفقهاء الإمامية وجوب النية في البيتوتة في منى(48). مدة البيتوتة الواجبة استناداً الى الاحاديث(49) وسيرة النبي (ص)(50) وباعتقاد الامامية هو من غروب الشمس حتى منتصف الليل(51) ووفقا لمعظم فقهاء اهل السنة قسم كبير من الليل(52). الحنفيين واستنادا الى بعض من الروايات(53) اعتبروا البيتوتة في منى مستحباً(54). وحسب رواية، فإن عباس استأذن النبي (ص)عدم المبيت في منى ليالي التشريق بسبب سقايته للحجاج واذن له رسول الله بذلك(55). لا يسمح معظم الفقهاء واستنادا الى الروايات والاحاديث الاخرى ، ترك البيتوتة في منى واستثنوا منها حالات مثل سقاية الحجاج ورعاية الابل (56) فیما اعتبر الحنفيين صدور هذه الاجازة من قبل رسول الله (ص) سبب لعدم وجوب البيتوتة في منى(57). وباعتقاد فقهاء الإمامية واستناداً للاحاديث (58) اذا لم يتمكن الحاج من البيتوتة في ليالي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة في منى فيجب عليه قيام الليل والعبادة في مكة (59). قال البعض إن حد وجوب هذه العبادة الى منتصف الليل وقد استثنوا حالات الاضطرار مثل الاكل و الشرب او غلبة النوم على الانسان من ذلك(60). اذا لم يؤد الحاج البيتوتة في منى بشكل كامل فبإعتقاد غالبية فقهاء الإمامية، يجب عليه ذبح شاة لكل ليلة ككفارة لذلك(61). وبإعتقاد فقهاء المالكية(62) والشافعية(63) وعدد من فقهاء الإمامية(64) فإن كانت ليلة واحدة او اكثر من ذلك يجب عليه ذبح شاة واحد فقط ، طبعا وردت آراء اخرى ايضا في مصادر فقه الشافعي(65). واستناداً لرواية احمد بن حنبل فإن بعض من الحنابلة لم يعتبروا عدم البيتوتة في منى في ليالي التشريق تستوجب الكفارة(66). مع ذلك باعتقاد غالبيتهم فإن التضيحة بشاة يجب ان تكون كفارة لذلك(67) وقد استندوا بوجوب الكفارة باحاديث عن الإمام الصادق(ع)(68) وابن عباس(69). بإعتقاد عدد من فقهاء الإمامية ، واستنادا الى الاحاديث(70) لايجب على الحاج الذي قام بعد طواف مكة وقبل الوصول الى منى بالبيتوتة ولا يجب عليه دفع الكفارة(71) كما وباعتقاد فقهاء الإمامية(72) واهل السنة(73) فإن البيتوتة في آخر ليلة من أيام التشريق اي الليلة الثالثة عشر، تصبح واجبة على بعض من الحجاج، ومنهم من لا يمتنع عن الجماع او الصيد في فترة الإحرام او لم يقم في يوم الثاني عشر بالخروج من منى متجهاً الى مكة.
البيتوتة في مسجد النبي وقد اوصى فقهاء الإمامية استنادا بالاحاديث بالبيتوتة والاعتكاف في المسجد النبوي الذي يشمل البيتوتة ايضا معتبرينه من المستحابات ومؤكدين على استحباب البيتوتة والصلاحة في ليالي الاربعاء والخميس والجمعة عند اعمدة ابولبابة والعمود المجاور لمقام النبي(ص) وايضا عند مقام النبي(ص) على التوالي مستحباً.