الجحفة
الجحفة هي منطقة قديمة تبعد عن مكة 189 كيلومترا، وتعتبر من أهم مواقيت الحج والعمرة لمن يأتون من الغرب من سكان الشام ومصر وايضا من هم يمرون منها، هذه المدينة كانت تسمى في السابق "مهيعة". كانت للجحفة اهمية كبيرة في السابق بسبب مكانتها الدينية والتاريخية والاقتصادية لكن وبعد القرن الخامس للهجرة فقدت هذه المنطقة اهميتها تدريجيا وذهبت صوب الخراب، فيما استطاعت الجحفة خلال القرون اللاحقة وخاصة في العصر الحديث استعادة بعض من بريقها الدني لكن مع ذلك لم تتمكن من ارجاع ازدهارها السابق بحيث يمكن مشاهدة اطلال آثارها القديمة هناك. شهدت الجحفة بعض من الاحداث المهمة خلال الفترة النبوية، من أهمها يمكن الاشاره الى عدد من سرايا الرسول (ص)، اعتبر البعض الغدير في منطقة الجحفة ويسمونه غدير الجحفة وذكروا الغدير باسم يوم الجحفة. اعتبر البعض جحفة ميقاتاً اضطراريا لإهل المدينة، اولئك الذين لم يستطيعوا الاحرام في ذوالحليفة يجب عليهم الاحرام في جحفه، مثلما قام الإمام الصادق(ع) بالتحرك من المدينة بدون احرام واحرم في جحفه وقد اسند عمله الى رواية عن الرسول(ص) الذي اكد إنه يسمح للمريض والضعيف الإحرام من جحفة. الموقع الجغرافي الجحفة منطقة قديمة تبعد 189 كيلومترا عن مكة و تعتبر من المواقيت المهمة للحج والعمرة لمن يأتون من المغرب من هم من سكان الشام ومصر ومن يمرون من هذا المكان(1) تقع هذه المدينة على بعد 9 كيلومترات من غدير الخم وقريبة من ساحل البحرالاحمر واليوم يحرم من يسافر من جدة الى مكة فيها. التاريخ الموقع الديني (كونها ميقاتا) و المكانة التاريخية والاقتصادية (كونها على طريق التجارة) قد اولت لجحفة اهمية كبيرة، كانت هذه المدينة تسمى قديما بـ مهيعة، من جذر (ه ي ع) ويعني المكان الشاسع(2) ربما سميت بهذا الاسم بسبب موقعها الواقع على ارض الشاسعة بين غدير خم و البحر الاحمر. وبحسب المصادر فإن الجحفة كان في فترة الجاهلية موطنا لعرب بني عبيل من ابناء عوص بن ارم بن سام بن نوح(3) الذين اجبروا على ترك يثرب بعد الصراع الذي دار مع اهلها وسكنوا في المهيعة(4) دمرت هذه المدينة بعد سيل كبير ولذلك سميت بعد ذلك بجحفة(5) وبالطبع اعيد اعمار هذه المدينة وتوسعت فيما بعد. وقد تم ذكر كلمتي "مهيعة" و "جحفة" لهذه المنطقة في روايات المنقولة عن الرسول(2) والإمام الصادق(ع) لهذه المنطقة(6). الجحفة هي واحدة من مناطق الاقامة والسكن الدائم لاهل مكة والمدينة و تؤكد المصادر عن سكن بني عامر(7) وبني سليم(8) في هذه المنطقة. وقد زاد قرب جحفة لساحل البحر الاحمر من اهميتها وحولها الى مركزا تجاريا للمناطق المحيطة بها(9). العصر النبوي شهدت الجحفة خلال الفترة النبوية بعض من الاحداث المهمة، ومن اهمها عدد من سرايا النبي مثل سرية عبيدة بن حارث (الشهر الثامن للهجرة)(10) في رابغ القريبة من جحفة وايضا سرية خرار بقيادة سعد بن ابي وقاص(الشهر التاسع للهجره)(11). وتشير روايات المؤرخين عن مكوث رسول الله(ص) في هذه المنطقة عند ذهابه الى مكة خلال حدث الحديبية(6هـ) وايضا احرام بعض المسلمين ممن لم يحرموا في ذي الحليفة(12)وبحسب هذه الروايات، فقد واجه المسلمون نقصا في المياه في هذه المنطقة وارسل رسول الله(ص)عددا من الاشخاص لتوفير المياه، لكنهم عادوا خالي الوفاض خوفا من اهل مكه(13)، وفي النهاية امر النبي(ص) الإمام علي (ع) بهذه المهمة(14). في العام التالي، احرم رسول الله (ص) عند ذهابه لإداء عمرة القضاء من جحفة(15) عندما ذهب النبي(ص) لفتح مكة في عام (8هـ) التحق عمه عباس بجيش المسلمين في هذه هذه المنطقة(16). ازدهار جحفة في قرني الرابع و الخامس للهجرة تشير التقارير الى ازدهار الجحفة خلال القرون الأولى للإسلام. فقد ادرج المقدسي(الوفات 380هـ) جحفة ضمن مدن الحجاز واعتبرها من المدن المزدهرة ولها حصن وينابيع وآبار للمياه وذكر انها موطن أبناء جعفر(17) وفي وصفه لميزات المدن المختلفة إن جحفة هي مركزا للفاسقين(18) وقد روى عن كثرة الاصابة بالحمى فيها وذكر دعاء النبي(ص) لنقل الحمى من المدينة الى هنا(19). ذكر "بكري" الجغرافي الاندلسي الشهير(توفى 487هـ) عن اتساع وازدهار المدينة و قال أن في المدينة مسجدان احدهم باسم مسجد النبي على صوب المدينة والثاني مسجد الأئمة وهو باتجاه مكه.(20) وبما انه تمت الإشارة الى المنبر في مسجد المدينة(21) فيبدوانه كان مكانا لصلاة الجمعة.
قلة الازدهار والخراب فقدت جحفة تىريجيا اهميتها بعد القرن الخامس للهجره وذهبت نحو الخراب، كما يشير ياقوت الحموي في القرن السابع للهجره (توفى 626هـ) الى ازدهار جحفه سابقا ويذكر الخراب الذي احاط بهذه المدينة(22) وابوالفداء في نهاية القرن الثامن للهجره، يتكلم عن خراب ها وانها تحولت الى منطقة غير ماهولة.(23). وبحسبت بعض من كتب الاسفار، في اواخر القرن التاسع للهجره، فإن هذه المنطقة قد فقدت وظيفتها الدينية بحيث كان يقوم بعض من الحجاج بالاحرام في رابغ القريبة من جحفة(24) وفي القرون التالية بالاخص في الفترة المعاصرة، استعادة الجحفة مرة اخرى موقعها الديني، غير إن إزدهارها السابق لم يتكرر ويمكن مشاهدة آثار الخراب القديم فيها(25). غدير الخم في منطقة الجحفة يعتبر البعض إن واقعة الغدير كانت في منطقة الجحفة و يسمونها بغدير الجحفة(26)، ويذكرون واقعة الغدير على أنها يوم الجحفة(27)، البعض الاخر بدون تطبيق الغدير على الجحفة يؤكدون إن أية التبليغ لتعريف الإمام علي (ع) كوصي للنبي(ص) نزلت في هذا المكان(28). يشير القندوزي الى هذه الواقعة الى اعلان حديث الثقلين من قبل النبي(ص) في هذا المكان وكذلك تقيم الإمام علي(ع) كخليفة له(29). ميقات الجحفة اعلن رسول الله(ص) والائمة(ع) جحفة احدى المواقيت، حسب حديث للإمام الصادق(ع) اعتبر النبي(ص) الجحفة ميقاتان لمغربيين(30) وفي رواية اخرى، هذه المنطقة هي ميقات لاهل الشام(31) وعلى هذا الاساس فإن فقهاء الشيعة العظام اعتبر الجحفة ميقاتاً لاهل الشام و مصر و المغرب(32)، اما اليوم فإن هذه المنطقة ميقاتا لمن يأتون من جدة الى مكة، طبعا اهل السنة لا يذهبون الى جحفة. اعتبر بعض آخر الجحفة ميقاتاً طارءا لاهل المدينة، يعني من لا يستطيعون الاحرام في ذوالحليفه يجب عليهم الاحرام في جحفه(34). وبالطبع فإن بعض من اهل السنة مثل فقهاء المالكية لم يجيزوا ذالك بشكل تفصيلي ولكنهم يؤكدون إن اهل الشام الذي ياتون من المدينة الى مكة يمكنهم ان يحرموا في ذوالحليفة او في جحفة(35) ويستطيعون تاخير احرامهم الى جحفة. والبعض آلاخر يجيز الاحرام في محاذاة جحفة، يعني من لم يمروا من المواقيت او لسبب ما لم يحرموا بها يمكنهم الاحرام بمحاذاة جحفة(36) فيما يؤكد آخرون ان المحاذات تخص مسجد الشجرة فقط ولا يجيز الإحرام بمحاذاة جحفة(37). یحرم الحجاج الذين يسافرون الى المدينة بعد موسم الحج ويدخلون الحجازعن طريق جده لاداء عمرة التمتع في مسجد جحفة. الجحفة في العصر الحاضر تم بناء مسجدا كبيرا في هذه المنطقة الیوم وتمت انشاء مرافق صحية بجانبه، تعيش في هذه المنطقة بعض من قبائل زبيد، ويمكن مشاهدة بقايا قصرعليا وهي من ابنية العصر العباسي على بعد حوالي 4 كيلومترات من المسجد الحالي وبجانب القصر بقايا لسوق قديم و طريق معبد.