احکام الحج

مراجعة ٠٧:٤٢، ١٤ مارس ٢٠٢٠ بواسطة Hatefi (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''احكام الحج''' ، هي مجموعة من الأوامر والتوصيات التي اصدرها فقهاء المسلمين حول طريقة أداء شع...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

احكام الحج ، هي مجموعة من الأوامر والتوصيات التي اصدرها فقهاء المسلمين حول طريقة أداء شعائر الحج بناء على الأصول والمصادر الإسلامية. ويعتقد الفقهاء بوجوب الحج إذا ما توفرت شروطه مثل البلوغ و العقل و الحرية و القدرة و الاستطاعة، فيما يعتقد بعض منهم انه واجب عيني و ضرورة ملحة.

إذا ما بدأ المرء شعائر الحج ، فإن إتمامها يكون واجباً عليه، و يؤكد البعض على وجوب إكمال الحج حتى ولو اصبح باطلا أو كان مستحباً.

بالنسبة لمعظم فقهاء المسلمين فإن الحج واجبا فقط و لمرة واحدة طيلة العمر ، في المقابل اعتبر بعض العلماء إن وجوب تكرار الحج يخص الأثرياء فقط. لقد اعتبرت جميع المذاهب الإسلامية أن الأشهر الثلاثة ، شهر شوال و شهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة هم أشهر الحج ، لكنهم اختلفوا حول المدة المخصصة من شهر ذي الحجة لأداء هذه الفريضة.

وفقا للكتاب والسنة يجوز التجارة في الحج، كما اشارا بوجوب تعلم شعائر الحج لمن يؤديها.

وجوب الحج

وفقا لفقهاء الشيعة[١] و السنة [٢] فإن الحج واجب على البالغين و بشروط خاصة ، بعض أسباب وجوب الحج هي:

الآية الكريمة : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًآ﴾ [٣] التي تصف هذا العمل واجب الهي ملقى على عاتق البشر.[٤] الآية : ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّه﴾[٥] التي أمرت بإكمال و اتمام الحج و التي يعتبر من شروطها البدء باصل العمل.[٦] أما الروايات ومنها الروايات المنقولة عن النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) التي اعتبرت الحج أحد اركان الإسلام[٧] ودعت المسلمين اليها [٨] وكذلك الروايات المنقولة من الائمة الاطهار (عليهم السلام) [٩]الذين اعتبروا الحج فريضة على الجميع.[١٠]

شروط الوجوب

يعتبر الحج واجبا على المكلفين تحت شروط معينة و بالنظر الى كل او بعض المذاهب الاسلامية فإن هذه الشروط هي:

البلوغ

يعتقد فقهاء الشيعة[١١] واهل السنة [١٢]ان احد شروط وجوب الحج هو البلوغ ، اذا فإن الحج ليس واجبا على غير البالغين و يستند هؤلاء الى الروايات النبوية (صلى الله عليه و آله و سلم)[١٣] و أحاديث الائمة عليهم السلام.[١٤]

الحریة

الحرية (ان يكون حرا )اجمع فقهاء الشيعة[١٥] وأهل السنة [١٦]، على إن أحد شروط وجوب الحج هو ان يكون الشخص حراً ، لذلك فإن الحج ليس واجباً على العبيد ، وهذا الامر تم الإجماع عليه .[١٧]. الدليل الآخر لهذا الحكم هو عدم قدرة العبيد على التصرف بالاموال حسب ما صرح بالقرآن [١٨] و الاحاديث المنقولة عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)[١٩] والأئمة (عليهم السلام)[٢٠] والتي تدل على عدم وجوب الحج على العبيد.[٢١]

اعتبر فقهاء الشيعة وبعض من فقهاء اهل السنة انه استنادا للروايات فإن حج العبد يكون صحيح باذن صاحبه فيما يعتبر بعض من فقهاء الشافعية أن حج العبد بدون اذن سيده يعتبر صحيحاً. الإسلام باعتقاد فقهاء الحنفية و الحنبلية و بعض من المالكية فإن الإسلام هو احد شروط وجوب الحج. تستند هذه النظرية على هذا الاعتقاد بإن الكافر لم يكن مخاطباً من قبل الأحكام الفرعية للإسلام. احد اسباب هذا الإعتقاد لدى هؤلاء هو إن الحج عبادة والكفار ليسوا من العابدين. بالمقابل فإن فقهاء الشيعة و الشافعية و بعض من المالكية لم يعتبروا الاسلام شرطا لوجوب الحج بل شرط لصحة ذلك . حيث يعتقدون ان الحج وجب على الكفار ايضا ، ولكن في حال ادائه بواسطتهم فإن حجهم سيكون غير مقبولا. واضافة الى الروايات المنقولة فإن من بين الاسناد الداعمة لهذا الرأي ، هو المعنى العام لكلمة "الناس" في الآية : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًآ﴾ الذي يشمل الكفار ايضا و ايضا التفسير العام للآية : ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّه﴾ الذي يأمر الجميع باتمام الحج و العمرة. باعتقاد فقهاء الشيعة و الكثير من فقهاء اهل السنة ان الاستطاعة احد شروط وجوب الحج على الفرد. اهم دليل على هذا الشرط الى جانب الاحاديث المنقولة هو القرآن الكريم الذي اشار الى وجوب الحج على من لديه الاستطاعة . من جهة اخرى فإن بعض من فقهاء اهل السنة لا يعتبرون الاستطاعة شرط للحج و يعتبرون ان صعوبة اداء الحاج لهذه الفريضة يدل على صحتها و الثواب الاكثر لذلك. وفقا لفقهاء الحنفية و الحنبلية من شروط استطاعة النساء هو ان يتم مرافقتهن من قبل احد اقربائهن المحارم خلال فترة اداء الحج و في المقابل لايعتبر فقهاء الشيعة و الشافعية مرافقة المحرم شرطا لانه استنادا الى الاحاديث ان ذهاب المرأة مع اشخاص موثوقين لاداء مناسك الحج جائز. الحج فريضة ملحة ام غير ملحة اذا تم استيفاء شروط الحج فهناك اختلاف بين وجوب اداء الفريضة في سنة الاستطاعة و بین جواز تأخيره الى السنوات القادمة. فرأي فقهاء الشيعة و الحنبلية و بعض من فقهاء الحنفية والمالكية يؤكد على الحج الفوري و أن يتم ادائه في اقرب فرصة ممكنة ، احد اسباب هذا الاعتقاد اضافة الى الاجماع هو القرآن الذي يدعو الى ضرورة الحج وهذا الأمر يدعو الى الالحاح. السبب الآخر هي الروايات المنقولة عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و أحاديث الأئمة (عليهم السلام) الذي يأمرون من خلالها المسلمين الى التسارع و عدم التساهل في اداء الحج كما و يعتبر تأجيله خروجا عن الإسلام. في المقابل ، اجاز فقهاء الحنفية والمالكية بتأجيل الحج رغم انهم أكدوا على استحباب القيام به فورا. واستند هؤلاء الى سيرة النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) ، لأنه و بالرغم من ان آيات الحج نزلت في السنة السادسة من الهجرة الا انه أخر اداء الحج الى السنة العاشرة من الهجرة. ولكن هذا السبب يفنده منتقدوه بالقول ، إن في السنة السادسة من الهجرة لم يكن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) يملك فرصة اداء الحج كما و إن الآية التي تؤكد على وجوب الحج نزلت في العام التاسع للهجرة اضافة الى ان النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) قد ادى مناسك الحج بشكل مكرر قبل الهجرة و قد سقط عنه وجوب اداء ذلك. اتمام الحج يجب على الحاج اكمال مناسك الحج بعد الشروع بها ، اهم ما يستند اليه في اصدار هذا الحكم هي الآية : ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّه﴾ التي تأمر المسلمين باستكمال الحج. في هذا الاطار لا يحق للحاج أن يقوم بإداء بعض من مناسك الحج و يترك البعض الآخر منها. حسب رأي فقهاء الشيعة و الكثير من فقهاء اهل السنة و استنادا الى الآية المذكورة و الاحاديث فإنه حتى في حالة افساد الحاج لحجه يجب عليه اتمام الحج الى نهايته. و استنادا لهذه الآية والروايات فإن اكمال الحج المستحب ايضا بعد البدء به يعتبر واجبا ، طبعا اذا كان من الصعب جدا على الحاج الاستمرار في متابعة الحج بسبب وقوع مشاكل مثل المرض او حظره من قبل العدو فإن الخروج من الاحرام مسموح و لكن بشروط و توصف هذه العوائق بالاحصار والصد.

تكرار الحج حسب رأي فقهاء الشيعة و غالبية فقهاء السنة ان الحج يجب على كل شخص مرة واحدة طيلة حياته ، سند هذا الرأي يرجع الى اجماع المسلمين و فحوى الآية : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًآ﴾ ، لانها تأمر المسلمين بأداء الحج و ان أمر الله ينفذ بأدائه مرة واحدة. توجد اسباب اخرى مثل الروايات المنقولة عن النبي محمد و سيرته (صلى الله عليه و آله و سلم) و احاديث الائمة (عليهم السلام) في هذا الاطار. في المقابل توجد روايات منقولة عن الائمة (عليهم السلام) تؤكد ان الحج واجب على المستطيعين في كل عام او كل خمس سنوات مرة يوجب الحج على هؤلاء. فحوى الروايات المنقولة من قبل اهل السنة ايضا تشير الى وجوب تكرار الحج ، في هذا الاطار افتى الشيخ الصدوق على وجوب اداء الحج على الاغنياء كل عام كما و قام عدد من فقهاء اهل السنة ايضا باصدار فتاوى مشابهة لذلك. ولكن حسب الاعتقاد السائد عند فقهاء الشيعة وأهل السنة ان هذه النظرية شاذة و تخالف اجماع المسلمين بحيث لا يمكن العمل بالروايات المذكورة فيما أكدت البعض منها على الاستحباب او الوجوب الكفائي لهذا الحج. بإجماع فقهاء الشيعة و السنة إن تكرار الحج أمر مستحب ، إحدى مستندات هذا الاستنتاج هي الآية : ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾ فإن كلمة "مثابة" في الآية تعني مكان يعود اليه الناس او مكان لا يهجره الناس . اضافة الى ذلك ان روايات كثيرة و سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله و سلم) و الائمة (عليهم السلام) الذين كانوا يؤدون مناسك الحج باستمرار يؤكد على استحباب تكراره. للحج اشهر محددة و خاصة ، و لكن توجد وجهات نظر مختلفة حول العلامات الدالة لاشهر الحج. وفقا لفقهاء الشيعة و المالكية ان توقيت اداء مناسك الحج هو في ثلاثة اشهر هم شوال و ذي القعدة و ذي الحجة. احدى الاسباب هي الآية الكريمة "الحج اشهر معلومات" والتي تبين لنا كلمة " اشهر" هي صيغة جمع واقلها هي ثلاثة اشهر. توجد احاديث ايضا تؤكد ان الاشهر المذكورة في الآية هي ثلاثة اشهر هم شوال و ذي القعدة و العشرة الاولى من ذي الحجة الى طلوع فجر يوم العاشر منه. الحنفيين و الحنبليين يؤكدون على ان فترة الحج هي شهران اضافة الى العشرة الأولى من ذي الحجة الى نهاية يوم العاشر منه. يستند هؤلاء الى رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تؤكد أن يوم العاشر من هذا الشهر هو يوم الحج الأكبر ، و يدل على أن هذا اليوم أيضا جزء من ايام الحج. اضافة الى ذلك فإن الشعائر التي تجري في هذا اليوم هي من الاركان الاصلية للحج وهذه الشعائر كرمي جمرة العقبة ، التضحية، الحلق ، الطواف و السعي ، كلها تتم في هذا اليوم. يؤكد بعض من الصحابة كابن مسعود وابن عباس أيضا هذا الرأي. فيما أثيرت وجهات نظر اخرى حول التوقيت الصحيح للحج عند آخرين. وفقا لذلك يعتقد فقهاء الشيعة و العديد من فقهاء اهل السنة ، بوجوب اداء مناسك الحج خلال اشهر الحج ، فيما اذا تم اداء الشعائر و الإحرام في غير هذه الأشهر فيجب ان تكون بنية العمرة. ويستدلون في ذلك الى الروايات و احاديث الائمة (عليهم السلام ) والصحابة إلى جانب الآية المذكورة. بينما يستند بعض من فقهاء اهل السنة على الآية ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) كدليل على ان كل اشهر السنة هي مواقيت الحج و يجيزون الحج قبل هذه الأشهر و قد تم مناقشته بواسطة اتباع الاعتقاد الرائج ايضا. يسمح بالتجارة و التداول للحاج مع الآخرين خلال فترة الحج و يستند هذا السماح الى النص القرآني الذي يؤكد بان احدى غايات الحج هو وصول الناس الى الربح و قد فسر هذا الكلام بأن احدى معانيه هو الربح الناتج من التجارة للحاج أو للآخرين. في آية اخرى سمح للمسلمين بالتجارة و الانتفاع . كان في صدر الإسلام لا يسمح لهم بالتجارة خلال فترة الحج اسوة بايام الجاهلية ، بيد ان الاسلام اباح هذا الأمر بنزول الآية ، وفي آية أخرى نهى المسلمون من التعرض لمن ينوي التجارة في الحج. تعلم مناسك الحج يجب على الحاج تعلم أحكام و طريقة اداء مناسك الحج. امر النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) بتعلم شعائر الحج الى جانب التعاليم الدينية الأخرى. و قد اوصى المسلمين ان يتعلموا منه هذه الشعائر. وحسب الروايات قبل أن يقوم سيدنا آدم (عليه السلام) بأداء الحج أرسل الله عز وجل جبرائيل لتعليمه ذلك ، كما طلب سيدنا إبراهيم (عليه السلام) من الله سبحانه و تعالى تعليمه شعائر الحج. فيما خاطب النبي محمد (صلى الله عليه وآله و سلم) في حجة الوداع الناس مطالبا اياهم ان يتعلموا منه كيفية اداء الحج و ان يرافقه في القيام بها.

  1. منتهی المطلب، ج10، ص14- 17؛ مسالك الافهام الی تنقیح الشرائع، ج2، ص119؛ مدارك الاحکام، ج7، 16.
  2. المجموع، ج7، ص7؛ مواهب الجلیل، ج3، ص423؛ المغني، ج3، ص159.
  3. سوره آل‌عمران(۳)، آیه ۹۷؛ ترجمه قرآن (انصاریان)، ص۶۲.
  4. منتهی المطلب، ج10، ص14- 17؛ المجموع، ج7، ص7.
  5. سورة بقرة(۲)، آیة ۱۹۶؛ ترجمه قرآن (انصاریان)، ص۳۰.
  6. تذکرة الفقهاء، ج7، ص9؛ فقه القرآن، ج1، ص263؛ المغنی، ج3، ص159.
  7. الکافي، ج2، ص18؛ صحیح البخاري، جج5، ص157.
  8. مسند الامام احمد بن حنبل، ج2، ص508؛ صحیح مسلم، ج4، ص102.
  9. الحدائق الناضرة، ج14، ص19؛ جواهر الکلام، ج17، ص221.
  10. الکافي، ج4، ص265؛ وسائل الشیعة، ج11، ص17.
  11. قواعد الاحکام، ج1، ص402؛ شرائع الاسلام، ج1، ص163.
  12. الاقناع، ج1، ص230؛ بدائع الصنائع، ج2، ص160؛ مواهب الجلیل، ج3، ص446- 447.
  13. سنن ابن ماجه، ج1، ص658؛ سنن ابی داود، ج2، ص338.
  14. الکافي، ج4، ص278؛ تهذیب الاحکام، ج5، ص6.
  15. المعتبر، ج2، ص749؛ تحریر الاحکام، ج1، ص544.
  16. الاقناع، ج1، ص230؛ مواهب الجلیل، ج3، ص442؛ کشاف القناع، ج2، ص440.
  17. تذکرة الفقهاء، ج7، ص41؛ المغنی، ج3، ص161.
  18. سورة نحل(۱۶)، آیة ۷۵.
  19. السنن الکبری، ج5، ص179؛ مجمع الزوائد، ج3، ص206.
  20. الکافي، ج4، ص266؛ تهذیب الاحکام، ج5، ص4.
  21. فتح العزیز، ج7، ص8؛ تذکرة الفقهاء، ج7، ص41؛ کشاف القناع، ج2، ص440.