توسعة المسجد النبوي (عمر بن الخطاب)

توسعة المسجد النبوي في عهد عمر بن الخطاب، كانت أول عملية توسعة للمسجد النبوي بعد وفاة نبي الإسلام (ص). وفي هذه التوسعة، زادت مساحة المسجد بنحو سبعين بالمائة مقارنة بالمبنى السابق. ولهذا الغرض، تم إضافة عدد من المنازل حول المسجد النبوي و توسع المسجد من الجهة الغربية والشمالية والجنوبية. وفي عملية توسعة البناء هذه، تم تدمير الصُفّة ورصفت باحة المسجد.

قرار توسيع المسجد

أعاد عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني بعد النبي محمد(ص)، بناء المسجد وتوسيع مساحته في سنة 17 للهجرة، أي بعد 4 سنوات من بدء خلافته. وقد استند في قراره بتوسيع المسجد إلى خطاب للنبي اعتبر فيه ضرورة توسيع المسجد(ینبغی ان یُزاد المسجد). وكما أن سبب قرار عمربن الخطاب هو زيادة عدد سكان المدينة المنورة.

اتجاه القبلة

بعد عمر وعثمان، لم يقم أي من الخلفاء والسلاطين والملوك بتوسعة مسجد النبي من جهة القبلة حتى وقتنا الحاضر. وعندما أراد عمر تحديد موقع القبلة في الحائط الذي بناه في توسعة المسجد، طلب من أصحاب رسول الله (ص) الحضور ومراقبة مكان القبلة.

اضافة منازل حول المسجد

في عملية توسعة البناء هذه، تم تدمير المنازل المحيطة بالمسجد لتوسيع مساحة المسجد النبوي. ويقال أنه في هذه العمارة أضيف إلى المسجد بيت أبي بكر وعبد الله بن جعفر وبيت أسامة وزيد بن حارثة وبيت عباس بن عبدالمطلب.

ويرى معظم المؤرخين أن عمر لم يضيف حجرات زوجات الرسول إلى المسجد ووسع المسجد فقط من جهة الغربية والشمالية والجنوبية. وذلك على الرغم من أن حجرات بعض زوجات الرسول كانت في شمال وجنوب المسجد النبوي. وبحسب هذه المسألة، يشير السمهودي إلى أن ربما عمر وسع المسجد لكنه لم يهدم حجرات زوجات الرسول في شمال المسجد، وأصبحت الحجرات داخل المسجد دون أن تدمر. ولم يجد بعض الباحثين مثل هذه الفرضية مقبولة، وبدلاً من ذلك اقترحوا إمكانية عدم أضافة حجرات زوجات الرسول بالمسجد باستثناء الاتجاه الشرقي؛ بمعنى آخر، كان هناك مسافة أو شارع بين المسجد والحجرات في شمال وجنوب المسجد، وهذه المسافة في عمارة عمر أضيفت إلى المسجد.

خلاف مع عباس

في البداية، لم يوافق عباس بن عبد المطلب على طلب عمر بالتنازل عن منزله أو بيعه. وأمر أبي بن كعب أن يحكم بينه وبين عمر، ونهى أبي أيضًا عن إجبار عباس على بيع المنزل أو التخلي عنه. وعندما توقف عمر عن ذلك، تبرع عباس بن عبدالمطلب بمنزله كصدقة لتوسيع المسجد.

ميزات هذا التجديد

المساحة:في هذه التوسعة كان عرض المسجد من الشرق إلى الغرب أكثر من 120 ذراعاً (حوالي 60 متراً) وبلغ طوله 140 ذراعاً (70.69 متراً)، وتوسع المسجد بنحو 71٪ مقارنة بالمبنى السابق.

مواد البناء:في الانشاء الجديد، تم استخدام جذوع النخيل للأعمدة، والطُوب اللبن للأسوار، وعملت لیاسة طینیة للسقف والأروقة الأربع.

هدْم الصُفّة:كانت الصُفّة تقع شمال المسجد وتهدمت بسبب عمارة المسجد.

ارتفاع السقف:في هذا التجديد وصل سقف المسجد إلى 11 ذراعاً (48.5 متراً) ، وبلغ ارتفاع السقف (الجدار والغطاء) 2 ذراع (حوالي 1 متر).

الأعمدة الجديدة:تم رفع سقف المسجد، واستبدال الأعمدة القديمة بأعمدة جديدة مصنوعة من جذوع النخيل.

ارتفاع الجدران:تم بناء الجدار حول سقف المسجد بارتفاع ثلاث أذرع، وكان ساسهُ من الحجر.

الرصِيف:أرض المسجد كانت مغطاة بالحصى التي جلبت من وادي العقيق.

الإضاءة:تم إجراء تغييرات لإضاءة المسجد وأثناء التجمعات کان یتم تعطير المسجد.

عدم تزيين المسجد:لم يستخدم عمربن الخطاب الزخارف في بناء المسجد ومنع استخدام الألوان الحمراء والصفراء.

صنع الأبواب الجديدة

في عملية إعادة البناء هذه، تم فتح ثلاثة أبواب أخرى للمسجد، وصار للمسجد 6 أبواب فی المجموع.

تم بناء أبواب جديدة في الجدار الشمالي والجدار الشرقي (باب النساء) والجدار الغربي (باب مروان وبعد ذلك باب السلام).

البُطَیحاء

يقال أنه أثناء عمارة المسجد، تم بناء رحبة كبيرة على الجهة الشمالية الشرقية من المسجد وكانت تُدعی "البُطَیحاء". وأرضيتها مغطاة بحصباء منطقة "العرصة الحمراء". وأمر عمربن الخطاب أن يذهب كل من يريد الحديث في أمور الدنيا إلى هناك حتى لا يكون ضجة في المسجد.

المنابع

• عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ناجي محمد حسن عبدالقادر الانصاري، نادي المدینة المنورة الادبي، 1996م.

• المدينة المنورة تطورها العمراني و تراثها فی المعماري،‌صالح لمعي مصطفی، دارالنهضة العربیة، بیروت، 1981م.

• المسجد النبوي عبر التاریخ، محمد السید الوکیل، دار المجتمع للنشر و التوزیع، 1977م.

• وفاء الوفاء باخبار دار المصطفی، علی بن عبدالله السمهودي، تحقیق قاسم السامرائي، موسسة الفرقان للتراث الاسلامي، 2001م.