بيت السيدة خديجة (ع)

بيت السيدة خديجة (ع) في مكة المكرمة هو نفس البيت الذي عاش فيه النبي (ص) بعد زواجه من السيدة خديجة (ع) حتى هاجر إلى المدينة المنورة. وكان هذا البيت مسقط رأس السيدة فاطمة (ع) وسائر أولاد النبي من السيدة خديجة (ع)، وفيه نزلت العديد من الآيات القرآنية المكية على النبي (ص). كما توفيت السيدة خديجة (ع) فيه.

المعلومات الأولية
الأسامي الأخری مولد فاطمة (ع)
المکان مكة - زقاق الحجر
الجهة الدينية
المرتبطة مع دین/مذهب الإسلام - الشيعة
تأریخ البناية
الأحداث نزول الوحي على النبي (ص) - ولادة السيدة فاطمة (ع)
الحالة الراهنة
حالة البناية لا أثر لها

وفقًا للأخبار المتبقية من القرن السادس؛ كان هذا المكان يُعرف أيضًا باسم مولد فاطمة (ع) (مسقط رأس فاطمة). وفي ذلك القرن كان للبيت قبتان: إحداهما تسمى قبة الوحي؛ لأنها بنيت على حجرة كانت تعرف بأنها مكان عبادة النبي والمكان الذي نزل فيه جبريل عليه. والقبة الأخرى بنيت فوق غرفة قيل أنها مكان ولادة السيدة فاطمة (ع).

وفي القرن الرابع عشر / العشرين الميلادي، وبعد حكم آل سعود في مكة، هُدم هذا البيت، وبُني في ذلك المكان فيما بعد مبنى لتعليم القرآن. وأثناء هدم المدرسة القرآنية وحفرها لتوسيع المسجد الحرام عام 1410 للهجرة، تم العثور على بقايا بيت السيدة خديجة (ع) تحت التراب. واختفى هذا المكان اليوم، وموقعه داخل منطقة المسجد الحرام.


الموقع

يقع منزل السيدة خديجة (ع) بمكة المكرمة في زقاق العطارين[١] وبجوار منزل أبي سفيان.[٢] كما كان يُعرف هذا الزقاق بزقاق الصاغة وزقاق الحجر.[٣] وكان يعد أحد طرق الزائرین والحجاج إلى المسجد الحرام، لأن أحد طرفيه كان يؤدي إليه.[٤] وكان هذا المنزل هو المكان الذي عاش فيه النبي (ص) مع السيدة خديجة (ع)،[٥] ونزلت فيه العديد من الآيات القرآنية المكية.[٦] وأيضا، كان هذا البيت مسقط رأس السيدة فاطمة (ع) وأولاد آخرين من السيدة خديجة (ع)،[٧] كما ورد أنه مكان وفاة السيدة خديجة (ع). وقد سكن النبي (ص) في هذا البيت بعد ذلك حتى هاجر إلى المدينة المنورة.[٨]

الأسماء

أصبح هذا البیت يُعرف باسم دار السیدة خديجة (ع) بسبب إقامتها فیه. ویُعرف أيضاً بمولد فاطمة (ع) لكونه مكان ولادتها.[٩]

أوصافه في المصادر التاريخية

بحسب قول مؤرخ القرن الثالث الهجري أبو الوليد الأزرقي ، فقد أصبح هذا البیت تحت تصرّف عقيل بن أبي طالب بعد هجرة الرسول إلى المدينة المنورة. واشترى معاوية بن أبي سفيان ذلك البیت وحوّله إلى مسجد وفتح له باباً من بيت أبيه أبي سفيان.[١٠] وسُمي هذا البیت فيما بعد بدار أبي سفيان.[١١] ويقول الأزرقي في مكان آخر، إن البیت استولى عليه معتب ابن أبي لهب ابن عم الرسول وأحد ألدّ أعدائه بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وآله سلم،[١٢] ولم يطالب النبي بالبيت بعد فتح مكة.[١٣]

وذكر ابن جبير (ت 614 هـ) هذا البیت في كتاب رحلاته في نهاية القرن السادس الهجري. وكان لهذا المنزل قبتان في ذلك الوقت. إحداهما وهي القبة الأكبر تسمى قبة الوحي، وهو المكان الذي عاش فيه النبي (ص) وخديجة (ع)، والمكان الذي نزل فيه جبريل على النبي(ص)؛ والثانية عبارة عن قبة صغيرة، حيث وُلدت السیدة فاطمة (ع).[١٤]

بيت السيدة خديجة (ع) في القرن التاسع

 
خریطة لبناء بیت خديجة (ع) على أساس وصف الفاسي[١٥]

قدّم تقي الدين الفاسي (ت 832 هـ) مؤرخ مكة المکرمة وصفاً مفصلاً لبناء بیت خديجة (ع)، أو حسب قوله "مسقط رأس السيدة فاطمة (ع)"، وأشار إلى أن هذا البيت له فضلٌ بین الناس ويقصدونه بالزيارة.[١٦]

ویقول الفاسي: «وغالب هذه الدار الآن على صفة المسجد، لأن فيها رواقاً فيه سبعة عقود على ثمانية أساطين، في وسط جداره القبلي ثلاثة محاريب، وفيه ست وعشرون سلسلة في صفين، وأمامه رواق فيه أربعة عقود على خمس أسطوانات، وبين هذين الرواقين صحن، والرواق الثاني أخصر من الرواق المتقدم، لأن قربه بعض المواضع التي يقصدها الناس بالزيارة في هذه الدار، وهي ثلاثة مواضع: الأول: الموضع الذي يقال له مولد فاطمة (ع). والثاني: الموضع الذي يقال له قبة الوحي، وهو ملاصق لمولد فاطمة. والثالث: الموضع الذي يقال له المختبأ، وهو ملاصق لقبة الوحي، زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يختبئ فيه من الحجارة التي يرميه بها المشركون، والله أعلم بحقيقة ذلك.»[١٧] ويرى البعض أن هذه الغرف هي المنطقة القديمة من البیت التي كانت في عهد النبي (ص) وأضيف إليها جزء من المسجد فيما بعد.[١٨] وتتفق الأوصاف المختصرة لمؤلفين آخرين أيضاً مع وصف الفاسي حتى القرن الحادي عشر.[١٩]

بيت السيدة خديجة (ع) في القرنين الثالث عشر والرابع عشر

 

في کتاب الرحلات من نهاية عهد ناصر الدين شاه القاجاري (1313-1264 هـ) ورد في وصف بیت السيدة خديجة (ع) أنه كان يحتوي على صحن مرصوف بالرخام، وكانت هناك قبة على مسقط رأس السيدة فاطمة (ع)، وكانت إحدى الغرف فيه تُعرف بمكان عبادة الرسول (ص).[٢٠] وبحسب الرواية، فقد بُني عام 1265 للهجرة مكان بیت السيدة خديجة (ع) تكية تعرف باسم "تكية السيدة فاطمة (ع)" يقصدها الفقراء.[٢١]

وفي أوائل القرن العشرين قدّم محمد لبيب البتنوني (1375 هـ) تقريراً مفصلاً عن حالة بیت السيدة خديجة (ع) مع مخطط لهندسة البيت في رحلته، ووصفه كالتالي:

و هذه الدار قد ارتفع عنها الطریق أیضاً، فینزل إلیها بجملة درجات توصل إلی طرقة، علی یسارها شبه مصطبة مرتفعة عن الأرض بنحو ثلاثین سنتیمتراً ومسطحها نحو عشرة أمتار طولاً في أربعة عرضاً، و فیها کتّاب یقر‌أ فیه الصبیان القرآن الشریف، وعلی یمینها باب صغیر یصعد إلیه بدرجتین یدخل منه إلی طرقة ضیقة عرضها نحو مترین و فیها ثلاثة أبواب:

الذی علی الیسار لغرفة صغیرة یبلغ مسطحها ثلاثة أمتار طولاً في أقل منها عرضاً؛ و هذا المکان کان معداً لعبادته صلی الله علیه وسلم، و فیه ینزل الوحي علیه. و علی یمین الداخل إلیه مکان منخفض عن الأرض یقولون إنه کان محل وضوئه علیه الصلاة والسلام. الباب الذی فی قبالة الداخل إلی الطرقة یفتح علی مکان واسع یبلغ طوله نحو ستة أمتار في عرض أربعة. و هو المکان الذي یسکنه صلی الله علیه وسلم مع زوجته خدیجة (ع). أما الباب الذي علی الیمین فهو غرفة مستطیلة عرضها نحو أربعة أمتار في طول نحو سبعة أمتار ونصف. وفي وسطها مقصورة أقیمت علی المکان الذی ولدت فیه السیدة فاطمة (ع).

وعلی طول هذا المسکن والطرقة الخارجة والمصطبة من جهة الشمال فضاء مرتفع بنحو متر و نصف یبلغ طوله علی نحو ستة أمتار وعرضه نحو سبعة أمتار، و أظن أنه المکان الذي کانت السیدة خدیجة تخزن فیه تجارتها.[٢٢]

هدم البيت

زار هذا البيت الكاتب المصري محمد حسنين هيكل (متوفى 1376 هـ) عام 1354 للهجرة، وكتب: «أصاب الوهابيون مولد علي في شعب بني هاشم بما أصابوا به مولد النبي ومولد فاطمة، فهو اليوم فضاء لا أثر فيه».[٢٣] كما أكد محمد لطفي جمعة في مذكرات رحلته هدم البيت.[٢٤]

بناء مدرسة قرآنية في موقع البيت

في جمادى الأول 1370 للهجرة شيّد بناء مدرسة خاصة لتحفيظ القرآن الكريم في أرض بیت السیدة خديجة (ع).[٢٥] كما ذكر محمد طاهر الكردي (ت 1400 هـ) هذه التکیة.[٢٦] وتم بناء هذا المسجد بجهود السيد عباس القطان وعرف باسم مدرسة السيد عباس في دار أم المؤمنين السیدة خديجة (ع).[٢٧]

الدمج في المسجد الحرام

في نهاية العام 1410 للهجرة تم هدم مبنى تحفيظ القرآن لتوسيع المساحات على الجانب الشرقي من الحرم. وخلال عملية الهدم، عثروا على بقايا أبنية قديمة، واتضح أن المكان الذي عثروا فيه على هذه الآثار التاريخية هو بیت السیدة خديجة (ع).[٢٨] وكان أحمد زكي اليماني حاضراً في الموقع أثناء عملية البناء، والتقط صوراً وخرائط لبقايا بيت السیدة خديجة (ع) وكتب تقريراً عن ملاحظاته في كتابه دار السيدة خديجة بنت خويلد.[٢٩]

معرض صور

موقع بيت السيدة خديجة (ع) بمكة المكرمة

صورة مدرسة السيد عباس في مكان بيت السيدة خديجة (ع)

تم الكشف عن بيت السيدة خديجة (ع) بعد هدم مدرسة تحفيظ القرآن

الهوامش

  1. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص78- 87؛ دار سیدة خدیجة بنت خویلد، ص94.
  2. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 199.
  3. دار سیدة خدیجة بنت خویلد، ص94.
  4. أخبار مکة، الأزرقي، ج2، ص 87؛ الزهور المقتطفة من تاریخ مکة المشرفة، ص 99.
  5. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 199.
  6. الزهور المقتطفة من تاریخ مکة المشرفة، ص99.
  7. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 199.
  8. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 199.
  9. الزهور المقتطفة من تاریخ مکة المشرفة، ص 99.
  10. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 199.؛ الجامع اللطیف، ص 286؛ التاریخ القویم، ج1، ص 289.
  11. التاریخ القویم، ج1، ص 289
  12. الطبقات‌الکبری، ج‏4، ص45.
  13. أخبار مکة، الأزرقي، ج‏2، ص 245.
  14. رحلة ابن جبیر، ص81 – 82.
  15. دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 47، 52.
  16. الزهور المقتطفة من تاریخ مکة المشرفة، ص 99.
  17. شفاء الغرام، ج1، ص360-361.
  18. دار السیدة خدیجة، ص 48.
  19. دار السیدة خدیجة، ص 52-53.
  20. میقات الحج، ر63، ص70.
  21. التاریخ القویم، ج‏1، ص289-290.
  22. ترجمة سفرنامه حجاز، ص149
  23. في منزل الوحي، ص 227.
  24. الأیام المبرورة فی البقاع المقدسة، ص 78.
  25. دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 58؛ أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر، ص 85.
  26. التاریخ القویم، ج1، ص 290
  27. دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 58.
  28. دار السیدة خدیجة بنت خویلد، ص 60؛ الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة، ص 249.
  29. دار السیدة خدیجه بنت خویلد، ص 93 فصاعداً.

المنابع


  • آثار اسلامی مکة و مدینة، رسول جعفریان، طهران، مشعر، 1386ش.
  • اخبار مکة و ما جاء فیها من الآثار، محمد بن عبدالله الازرقي (م 248ق)، تحقیق: رشدي الصالح ملحس، بیروت، دار الاندلس، 1416هـ.
  • الارج المسکی فی التاریخ المکي، علی بن عبدالقادر الطبري (م 1070هـ)، تصحیح: اشرف احمد جمال، مکة، مکتبة التجاریة، 1416هـ.
  • اعلام الحجاز في القرن الرابع عشر، محمدعلی مغربي، جدة، تهامة، 1401هـ.
  • الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة ، عبدالوهاب إبراهیم ابوسلیمان، لندن، موسسة الفرقان للتراث الإسلامي،1431هـ.
  • الأیام المبرورة فی البقاع المقدسة، محمد لطفي جمعة، قاهرة، عالم الکتب، 1998م.
  • پنجاه سفرنامه حج قاجاري، تصحیح: رسول جعفریان، طهران، نشر العلم، 1389ش.
  • التاریخ القویم لمکة و بیت الله الکریم، محمد طاهر الکردي، تحقیق: ابن دهیش، بیروت، دار خضر، 1420هـ.
  • الجامع اللطیف فی فضل مکة و اهلها و بناء البیت الشریف، محمد ابن ظهیرة (م 986هـ)، تحقیق: علي عمر، قاهرة، مکتبة الثقافة الدینیة، 1423هـ.
  • دار سیدة خدیجة بنت خویلد فی مکة المکرمة دراسة تاریخیه للدار و موقعها و عمارتها، احمد زکي یماني، لندن، موسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1434هـ.
  • رحلة ابن جبیر، محمد بن احمد ابن جبیر (م 614هـ)، بیروت، دار مکتبة الهلال، 1986م.
  • الزهور المقتطفة من تاریخ مکة المشرفة، محمد بن احمد التقي الفاسي (م 832هـ)، تحقیق: محمد حسین الذهبي، مکة، مکتبة نزار مصطفی الباز، 1418هـ.
  • سفرنامه حجاز، محمد لبیب البتنوني، ترجمة: هادی الانصاري، مشعر، 1381ش.
  • سفرنامه مکة، سلطان مراد میرزاحسام‌ السلطنة، تصحیح: رسول جعفریان، طهران، نشر مشعر، 1374ش.
  • الطبقات الکبری، محمد ابن سعد بن منیع (م 230هـ)، تحقیق: محمد عبدالقادر، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1410هـ.
  • فی منزل الوحی، محمد حسین هیکل، قاهرة، هیئة المصریة العام للکتب، 2010م.
  • مرآة الحرمين، ابراهیم رفعت پاشا، قاهرة، مطبعة دارالکتب المصریة، 1344هـ.
  • میقات حج (فصلنامه)، طهران، حوزه نمایندگی ولی فقیه در امور حج و زیارت.