أسطوانة التوبة أو أسطوانة أبي لبابة؛ هي إحدى أساطين المسجد النبوي ومكان توبة أبي لبابة الأنصاري – أحد أصحاب النبي (ص) – في غزوة بني قريظة. حيث شعر أبو لبابة بالذنب لتعاونه مع يهود بني قريظة، فذهب إلى المسجد النبوي وربط نفسه بهذا العمود حتى قُبلت توبته. وتعتبر الصلاة إلى جانب هذا العمود مستحبة.

المكان

تقع أسطوانة التوبة في المسجد النبوي داخل الروضة الشريفة،[١] والمسافة منها إلى قبر النبي عمودان.[٢] وهذا العمود هو العمود الرابع من جهة منبر النبي، والعمود الثالث من جهة القبلة.[٣] ويقع عمود القرعة في جهته الغربية. ويقع باب بيت النبي الذي يفتح إلى داخل المسجد بحذاء هذا العمود، ولهذا السبب سمي باب التوبة.[٤]

توبة أبي لبابة

وفقاً لمشهور الروايات فإنّ يهود بني قريظة بعد نقضهم العهد في غزوة الأحزاب وتآمرهم ضد النبي، حوصرت قلاعهم، فطلب اليهود من النبي أن يرسل إليهم حليفهم الأوسي أبو لبابة للتشاور.

ولما وصل أبو لبابة إلى اليهود، وردّاً على اقتراح استسلامهم للنبي؛ أشار إلى حلقه بيده مشيراً إليهم أنهم سيقتلون إذا استسلموا. وبحسب ما قاله أبو لبابة نفسه، فإنه لم يكن قد خطى خطوة بعد عندما سيطر عليه شعور خيانة الله ورسوله، وحتى يستريح من عذاب ضميره، ذهب إلى مسجد النبي وقيد نفسه إلى أحد الأعمدة بالحبل، وحلف أنه لن يسمح لأحد غير النبي (ص) أن يفكّ قيده.[٥]

وبعد 6[٦] أو 7[٧] أو 20 يوم وليلة[٨] نزلت آية ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ و الرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِکُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ﴾ (الأنفال، 27) وقُبلت توبته.[٩]

أداء النبي لنوافله عند الأسطوانة

وفقاً لإحدى الروايات؛ فإنّ النبي كان يصلي أكثر نوافله إلى جانب أسطوانة التوبة.[١٠] كما ورد أنّ النبي كان يجلس بعد صلاة الفجر إلى جانب هذه الأسطوانة، ويجلس الفقراء والمساكين من حوله فيحدّثهم إلى طلوع الشمس، ويتلو عليهم الآيات التي نزلت عليه في الليلة السابقة.[١١] كما جاء في المصادر أنّ النبي كان يعتكف أحياناً بجانب أسطوانة التوبة،[١٢] ويجعله فراشه أو سريره خلفها.[١٣]

استحباب الصلاة إلى جانب الأسطوانة

جاء في الروايات أنه يستحبّ لزائر المدينة أن يقيم فيها من الأربعاء إلى الجمعة، ويصوم تلك الأيام، ويصلي يوم الأربعاء صلواته قرب أسطوانة التوبة.[١٤] كما أنّ الصلاة[١٥] والعبادة والدعاء[١٦] والتبرك عند هذه الأسطوانة مستحب كذلك.[١٧]

  1. موسوعة مكة المكرمة، ج2، ص423.
  2. أخبار المدينة، ص102.
  3. عمارة وتوسعة المسجد النبوي، ص 70.
  4. تاريخ و آثار إسلامي، ص203-206.
  5. المغازي، ج2، ص509؛ السيرة النبوية، ج4، ص196-197؛ الطبقات، ج4، ص376؛ عمارة وتوسعة المسجد النبوي، ص 70.
  6. السيرة النبوية، ج2، ص237.
  7. المغازي، ج2، ص509.
  8. البداية والنهاية، ج4، ص137.
  9. أسباب النزول، ص157؛ الكشاف، ج2، ص213؛ مجمع البيان، ج4، ص823.
  10. وفاء الوفاء، ج2، ص180.
  11. السيرة الحلبية، ج2، ص664.
  12. السرائر، ج1، ص652.
  13. أخبار المدينة، ص102.
  14. الكافي، ج4 ص558؛ النهاية، ص287؛ السرائر، ج1، ص652.
  15. المزار، ص65.
  16. من لا يحضره الفقيه، ج2، ص572.
  17. الغدير، ج5، ص124؛ الزيارة فی الكتاب والسنة، ص40.