آدم (ع) هو أول إنسان وأول نبي، وبحسب بعض الروايات الإسلامية فإنّ آدم سكن في مكة بعد إخراجه من الجنة. وقُبلت توبته بمكة، وهو الذي بنى الكعبة، وكان أول من تعلم مناسك الحج على يد جبريل، وأدّاها مرات عديدة.

معنى اسم آدم

استُخدم اسم آدم للدلالة على الإنسان الأول في كل من القرآن والعهدين، وبالإضافة إلى اللغة العربية ظهر استعماله أيضاً في اللغات السامية الأخرى[١] مثل الفينيقية، والعبرية، والسريانية، والمندائية مع اختلافات بسيطة فيما بينها. وبالإضافة إلى استعماله كاسم علم؛ تم استخدامه كاسم عام بمعنى إنسان.[٢]

الخلقة

روت الأديان الإبراهيمية ومختلف ديانات وطقوس الشعوب السامية الأخرى قصصاً متشابهة نسبياً في خلق واستقرار الإنسان الأول على الأرض. ففي القرآن الكريم (على سبيل المثال: سورة البقرة، الآيات 38-30؛ وسورة الأعراف، الآيات 25-19) والعهد القديم[٣] وردت قصة آدم من حيث كيفية خلقه من التراب وتكوين جسده ونفخ الروح فيه بالتفصيل، واختلفت الآراء حول كل مرحلة من هذه المراحل وأبعادها المختلفة، وخاصة في مسألة خلقه دفعة واحدة أو بالتدريج.[٤] ويرى البعض استناداً إلى بعض الاكتشافات العلمية وبعض الروايات أنّ البشر كانوا موجودين قبل آدم عليه السلام.[٥]

الهبوط في مكة

بعد تناول الفاكهة المحرمة؛ هبط آدم وزوجته حواء بالإضافة إلى إبليس من الجنة إلى الأرض. وتعددت الآراء حول نوع جنة آدم وطريقة النزول وفلسفة الأكل من الفاكهة المحرمة.[٦]

لم يحدد القرآن أو التوراة مكان هبوط آدم بشكل واضح، وقد وردت عدّة آراء حول المسألة في التراث الإسلامي. ففي رواية منسوبة إلى الإمام علي (ع) فإن آدم نزل في جبل (سرانديب) في الهند، وهبطت حواء في جدة.[٧] وجاء في رواية أخرى أن آدم هبط على جبل الصفا وحواء على جبل المروة، وسمّي الصفا تيمّناً بلقب آدم (صفي الله) واسم المروة من (المرأة) التي هبطت في ذلك المكان.[٨] ويذهب مشهور الروايات إلى أنّ آدم وحواء قد هبطا في أرض مكة.[٩] وفي محاولة للجمع بين الروايات يرى بعضهم أنّ نزولهم كان على مرحلتين: الأولى كانت في (سرانديب) ومن ثَم في مكة.[١٠]

هبوط الحجر الأسود

جاء في بعض الروايات أن الحجر الأسود هبط من الجنة مع هبوط آدم (ع).[١١] وفي روايات أخرى فإنّ نزول الحجر الأسود كان لأجل آدم (ع).[١٢]

توبة آدم في مكة

وردت روايات أيضاً حول قبول توبة آدم، وتحدّثت عن نزول جبريل في الكعبة، حتى غطّى نوره الحرم كله، ثم طلب من آدم أن يغتسل يوم التروية ويحرم ويبيت في منى. وأخيرا تلقى كلمات من جبريل في عرفات، وقُبلت توبته حين قالها، ثم أدى بقيّة مناسك الحج.[١٣]

آدم وبناء الكعبة

تختلف الآراء حول دور النبي آدم (ع) في بناء الكعبة تبعاً لاختلافها حول زمن إنشاء الكعبة. ففي بعض الروايات الشيعية والسنية ورد ذكر وجود الكعبة قبل آدم (ع)،[١٤] ويؤكد هذا الخبر ما ورد في بعض الأحاديث عن حج الملائكة قبل آدم.[١٥] وتشير بعض الأخبار إلى أنّ وجود الكعبة يعود إلى 2000 عام قبل دحو الأرض.[١٦] ويبحث المفسّرون هذه الروايات عادة في ذيل الآية {إِنَّ أَوَّلَ بَیتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکةَ مُبَارَکا...} (آل عمران، 96)، ويعتبرون الآية مؤيدة لما جاء فيها.ref>انظر: جامع البيان، ج1، ص762.</ref> واعتبرت مجموعة أخرى من الروايات أنّ آدم (ع) هو المؤسس الأول للكعبة ولبيت المقدس.[١٧] بينما جاء في رواية عن وهب بن منبه أنّ شيث بن آدم هو الذي بنى الكعبة.[١٨]

يرى عدد كبير من المحدّثين والمفسرين استناداً إلى روايات في المقام بأنّ إبراهيم (ع) هو المؤسس الأول للكعبة،[١٩] ولا يرون أي دور لآدم في هذا السياق، ولا يقبلون أساساً بوجود الكعبة في ذلك الوقت. والبعض يرى بأنّ الروايات المتعلقة بدور آدم (ع) في بناء الكعبة وأدائه لمراسم الحج غير معتبرة نظراً للآيات التي تصرّح بدور إبراهيم (ع) في بنائها.[٢٠] وذهب البعض إلى الجمع بين الروايات التي تتعلق ببناء الكعبة، وقالوا بأنّ الملائكة بنوا الكعبة أول مرة قبل هبوط آدم، ثم قام آدم ومن بعده ابنه شيث وأخيراً إبراهيم بإعادة بنائها وتجديدها.[٢١]

حج آدم (ع)

ورد في كتاب الكافي (من المصادر الحديثية الشيعية الأساسية) باب مستقل حول موضوع حج آدم، وأشارت روايات الباب المتعدّدة بشكل كامل ومفصّل إلى كيفية حجّه. وبحسب هذه الروايات فإنّ جبريل علّم آدم مناسك الحج خطوة بخطوة كما يلي:

أخذ جبريل آدم أولاً إلى عرفات وطلب منه أن يستغفر عند غروب الشمس. ثم انطلق به إلى البطحاء وأوصاه أيضاً بالاستغفار هناك عند طلوع الشمس. ثم علمه الذهاب إلى منى، والتضحية، ورمي الجمرات، وكذلك الحلق والتقصير، وأخيراً الطواف سبعاً وطواف النساء. كما قام جبريل (ع) بمساعدة آدم في الحلق والأضحية وغيرها من مناسك الحج.

عدد حجج آدم

اختلفوا في عدد المرات التي أدى فيها آدم (ع) مناسك الحج، فذهب البعض إلى أنها 30 وقيل 40 أو 70 أو 700 أو 1000. وقد وردت معظم هذه الأرقام في أحاديث مرسلة أو في روايات عن غير المعصومين.

  1. ADAM,jewishencyclopedia
  2. مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ج1، ص59؛ واژه‌های دخيل، ص۱۰۶-۱۰۷.
  3. الكتاب المقدس، سفر التكوين، 1: 26 -30؛ 2: 7.
  4. راجع من باب المثال: الميزان، ج‌4، ص‌143؛ ج‌16، ص‌255.
  5. الدراسات العلمية تدعم وجود بشر قبل آدم (عليه السلام)، مركز الأبحاث العقائدية.
  6. راجع: التفسير الكبير، ج3، ص2-28؛ الميزان، ج1، ص126-154.
  7. علل الشرائع، ج2، ص595؛ کشف‌الأسرار، ج‌1، ص‌151؛ التفسير الکبير، ج‌3، ص‌27؛ بحار الأنوار، ج11، ص111؛ ج61، ص274.
  8. الكافي، ج4، ص190؛ الميزان، ج‌1، ص‌139.
  9. تفسير العياشي، ج‌1، ص‌36-‌39؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج1، ص88؛ الكافي، ج4، ص190.
  10. الميزان، ج‌1، ص‌150.
  11. کمال الدين، ص294، 298؛ تفسير العز بن عبدالسلام، ج3، ص289.
  12. الكافي، ج4، ص185.علل الشرائع، ج2، ص318.
  13. تفسير القمي، ج1، ص44-45.
  14. مسند الشافعي، ص116؛ من لا يحضره الفقيه، ج2، ص250.
  15. الكافي، ج4، ص194؛ من لا يحضره الفقيه، ج2، ص230؛ الدر المنثور، ج1، ص130.
  16. الكافي، ج4، ص198؛ السنن الكبری، ج5، ص177.
  17. الكافي، ج4، ص188؛ عمدة القاري، ج15، ص262؛ شرح سنن النسائي، ج2، ص33.
  18. الاستذكار، ج4، ص185؛ تفسير القرطبي، ج2، ص122؛ فتح الباري، ج6، ص285.
  19. صحيح البخاري، ج4، ص116؛ جامع البيان، ج1، ص763؛ تفسير ابن كثير، ج3، ص226.
  20. المنار، ج1، ص383.
  21. روح المعاني، ج4، ص5.