الاستطاعة

مراجعة ١٧:٠٨، ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠ بواسطة Kamran (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' ==اقسام الاستطاعة== الاستطاعة تنقسم إلى قسمين: ===الأول : الاستطاعة الماليّة=== وهي ما يُمكن للح...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

اقسام الاستطاعة

الاستطاعة تنقسم إلى قسمين:

الأول : الاستطاعة الماليّة

وهي ما يُمكن للحاجّ أن يُنفقه على نفسه من أمواله الخاصّة ذهاباً وإياباً كلّ حسب شأنه، وقد عبّر الفقهاء عنها في المسائل بـ(الزاد)، وعن وسائط النقل بـ(الراحلة)[١]

فيجب فرض الحجّ بوجود الزاد والراحلة، فإن وجد أحدهما لا يجب عليه فرض الحجّ وإن كان مُطيقاً للـمشي، قادراً عليه؛ لقولـه صلّى الله عليه وآله عندما سُئل عن الاستطاعة قال: الاستطاعة الزاد والراحلة[٢] ولما روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: من كان صحيحاً في بدنه، مخلّى سربه، لـه زاد وراحلة، فهو ممّن يستطيع الحجّ[٣] وروي ذلك عن علي عليه السلام وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وعائشة، وأنس بن مالك وغيرهم ، وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عمر، وعبد الله ابن عباس، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جُبير، وسعيد بن المسيب، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والثوري، وإسحاق، وعبد العزيز بن سلمة، وسحنون، وابن حبيب، وبه قال بعض أصحاب مالك[٤]

وقال مالك: إذا كان قادراً على المشي لم تكن الراحلة شرطاً في حقّ‍ه، بل من شرطه أن يكون قادراً على الزاد [٥] واعتبر فقهاء الإماميّة وجود نفقة الإياب في وجوب الحجّ فيما إذا أراد المكلّف العودة إلى وطنه، أمّا إذا لم يرد العود وأراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، فلابُدّ من وجود النفقة إلى ذلك البلد، ولا يعتبر وجود مقدار العود إلى وطنه. نعم إذا كان البلد الذي يريد السكنى فيه أبعد من وطنه ، لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان، بل يكفي في الوجوب وجود مقدار العود إلى وطنه.

ويلزم أن يكون المكلّف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحجّ. وعليه فلا يجب على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة عائلته، مع العلم بأنه لا يتمكن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه.

وعلى الجملة: كلّ ما يحتاج إليه الإنسان في حياته، وكان صرفه في سبيل الحجّ موجباً للعسر والحرج، لم يجب بيعه، نعم لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة، وجب بيع الزائد في نفقة الحجّ.

وكلّ ذي حِرفة كالحدّاد والبنّاء، والنجّار وغيرهم ممّن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم، يجب عليهم الحجّ إذا حصل لهم مقدار من المال بإرثٍ أو غيره، وكان وافياً بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدة الذهاب والإياب. ولا يجب على المستطيع أن يحجّ من ماله، فلو حجّ متسكعاً أو من مال شخص آخر أجزأه. نعم، إذا كان ثوب طوافه أو ثمن هديه مغصوباً، لم يجزئه ذلك.

أمّا إذا اقترض مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ، وكان قادراً على وفائه بعد ذلك، وجب عليه الحجّ. وإذا كان عنده ما يفي بمصارف الحجّ، لكنه معتقد بعدمه، أو كان غافلاً عنه، أو كان غافلاً عن وجوب الحجّ عليه غفلة عذر، لم يجب عليه الحجّ.

الاستطاعة البذلية

أمّا الاستطاعة البذلية فإنها تتحقق ببذل الزاد والراحلة، ولا يفرّق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدداً، وإذا عرض عليه الحجّ والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله، وجب عليه الحجّ، وكذلك لو أُعطي مالاً ليصرفه في الحجّ، وكان وافياً بمصارف ذهابه وإيابه وعياله. ولا فرق في ذلك بين الإباحة والتمليك، ولا بين بذل العين وثمنها. نعم، لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ، واستطاع بذلك، وجب عليه الحجّ.

كما لا يجب الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية. نعم، لو كان لـه مال لا يفي بمصاريف الحجّ، وبُذل لـه ما يتمم ذلك، وجب عليه القبول، ولكن يعتبر حينئذٍ الرجوع إلى الكفاية.

أمّا إذا أُعطي مالاً هبة على أن يحجّ، وجب عليه القبول، وأمّا لو خيّره الواهب بين الحجّ وعدمه، أو أنه وهبه مالاً من دون ذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييراً، لم يجب عليه القبول.

ولا يجب بالبذل إلّا الحجّ الذي هو وظيفة المبذول لـه على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حجّ التمتع، فبذل لـه حج القران، أو الإفراد، لم يجب عليه القبول، وبالعكس، وكذلك الحال لو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام.

ولا يعتبر في وجوب الحجّ البذل نقداً، فلو وكّله على أن يقترض عنه ويحجّ به، واقترض، وجب عليه. والظاهر أن ثمن الهدي على الباذل، فلو لم يبذله وبذل بقية المصارف، لم يجب الحجّ على المبذول لـه، إلّا إذا كان متمكناً من شرائه من ماله. نعم، إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجباً لوقوعه في الحرج، لم يجب عليه القبول، وأمّا الكفارات فالظاهر أنّها واجبة على المبذول لـه دون الباذل.

والحجّ البذلي يجزئ عن حجة الإسلام، ولا يجب عليه الحجّ ثانياً إذا استطاع بعد ذلك.

الثاني : الاستطاعة البدنيّة.

وهي كون المكلّف مستطيعاً لأداء مناسك الحجّ كلّها أو بعضها، من دون حرج عليه، فلو لم يقدر وعجز عن أدائها لمرض أو هرم أو غير ذلك ، لم يجب عليه الحجّ مباشرةً، بل تجب عليه الاستنابة.

كما يجب على المستطيع الحجّ بنفسه إذا كان متمكناً من ذلك، ولا يجزئ عنه حجّ غيره تبرعاً أو بإجارة. فإذا استقر عليه الحجّ، ولم يتمكن من الحجّ بنفسه لمرض، أو حصرٍ، أو هرمٍ، أو كان ذلك حرجاً عليه، ولم يرج تمكنه من الحجّ بعد ذلك من دون حرج، وجبت عليه الاستنابة. وبه قال الشافعي[٦]

وقال مالك ، وأبو حنيفة: لا تلزمه النيابة إذا استطاع مع العجز عن المباشرة[٧]

وكذلك من كان موسراً ولم يتمكن من المباشرة، أو كانت حرجية، فوجوب الاستنابة كوجوب الحجّ الفوري.

ولا يختص اشتراط وجود الراحلة بصورة الحـاجة إليها، بـل يشترط مطلقاً ولو مع عدم الحاجة إليها، كما إذا كان قادراً على المشي من دون مشقّة ولم يكن منافياً لشرفه.

الهوامش

  1. انظر الانصاف ٣ /٣٦٢
  2. سنن الدارقطني ٢ /٢١٥ حديث ١ و١٦، وسنن ابن ماجة ٢ /٩٦٧ حديث ٢٨٩٦ - ٢٨٩٧، وسنن الترمذي ٣ /١٧٧حديث ٨١٣، واحكام القران للجصاص ٢ /٢٥، والدر المنثور ٢ /٥٦ .
  3. التهذيب ٥ /٣ حديث ٢ .
  4. النتف ١ /٢٠١ - ٢٠٢، واللباب ١ /١٧٧، وعمدة القاري ٩ /١٢٦، وبدائع الصنائع ٢ /١٢٢، والمجموع ٧ /٦٦ و٧٣ و ٧٨ ، وفتح العزيز ٧ /١٠ و ١٤، وكفاية الاخيار ١ /١٣٤، ومغني المحتاج ١ /٤٦٣ ، والمغني ٣ /١٦٨ ، والجامع لاحكام القرآن ٤ / ١٤٧ - ١٤٨ ، وبداية المجتهد ٢ /١٩٠، ومقدمات ابن رشد ١ /٢٨٨، وبلغة السالك ١ /٢٦٣ ، ونيل الاوطار ٥ /١٣، والبحر الزخار ٣ /٢٨٢ .
  5. بداية المجتهد ١ /٣١٩ ، ومقدمات ابن رشد ١ /٢٨٨ ، وبلغة السالك ١ /٢٦٣، والمغني لابن قدامة ٣ / ١٦٨ .
  6. بداية المجتهد ٢ /١٨٦ - ١٨٧
  7. بداية المجتهد ٢ /١٨٦ - ١٨٧ .