اقتصاد الحجالابعاد والمکاسب الاقتصادیة للـ[[حج]. حسب ما جاء في القرآن والروایات یجوز الاستفادة الاقتصادیة من سفر الحج. وتم الاشارة الی بعض الجوانب الاقتصادیة في مثل هذا المجال مثل شراء الهدایا واعطاء لحوم الاضحیة الی الفقراء. ویعتبر القرآن الحج ضمان قوي لوصول المسلمین الی مرحلة الاکتفاء الذاتي في الاقتصاد. ولاقتصاد الحج اتجاه سیاسي ایضا ویعتبر موضوع البراءة من المشرکین، احد اهم المؤثرات الاقتصادیة ذات الاتجاه السیاسي للحج.

فهذا الاقتصاد، خلافا للاقتصاد اللیبرالي، لا یعتبر الاقتصاد منفصلا عن الاخلاق ویعتبر مرافقة الاخلاق للاقتصاد سبیل حل للتوزیع الظالم للثروة والعائدات المالیة. فالجانب الاخلاقي للحج باتجاهه الاقتصادي یرفع العقلانیة الآلیة الی العقلانیة الصالحة ویؤدي الی تزکیة الاجواء الاقتصادیة والتنمیة المستدیمة. فالحج من خلال مناسکه واعمالها الخاصة مثل المساواة بین الغني والفقیر وتحریم الجدل یؤدي الی تعزیز الثقة الاجتماعیة التي تعتبر الممهد المناسب للتنمیة الاقتصادیة. والحج من خلال خصوصیاته التوحیدیة واقرار المساواة وتوزیع الاضحیة في مجالها الصحیح یوفر الارضیة اللازمة لتجاوز المصالح الفردیة والاتجاه نحو تحقیق المصالح العامة.

ویعتقد البعض ان الحج یستطیع من خلال تعزیز السیاحة الدینیة وتأسیس السوق الاسلامي المشترك وتأسیس اتحاد التعاون الاقتصادي ان یدخل مجال التنمیة والازدهار الاقتصادي.

رغم کل ذلك وحسب ما جاء في الروایات ان اهم جوانب الحج هو جانبه العبادي والمعنوي من هنا ینبغي ان یسیر الجانب الاقتصادي في هذا المسیر. من هنا لا ینبغي ان تتفوق الابعاد المادیة والاقتصادیة علی الجوانب المعنویة للحج لانه عمل مرفوض ومذموم.

في القرآن

وفقا لآیة (واذن في الناس بالحج یأتوك رجالا ... لِّيَشۡهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمۡ﴾.[١] وتفسیر الائمة (ع) فان منافع الحج تشمل المنافع المادیة والمعنویة.[٢] وفي تفسیره لهذه الآیة یقول عبدالله ابن عباس ان المنافع الاخرویة للحج هو رضا الله عز وجل واعتبره منافعه الدنیویة هو الاستفادة التي یتمتع بها الناس من لحوم الاضحیة ومن التجارة. ویؤکد العالم الشیعي السید محمد حسین الطباطبائي ایضا علی وجود المنافع المادیة والمعنویة للحج ویعتبر اهم النتائج الدنیویة للحج هو تعزیز روح التضامن والاتحاد والتعاون بین المسملین.[٣]

وقول آیة (لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ.[٤] علی هذا الأمر بأنه في الحج والی جانب العبادة وذکر الله عز وجل وتعزیز التقوی یستطیع الناس ایضا الحصول علی المنافع الاقتصادیة ایضا. واستنبط المفسرون من هذه الآیة بان الناس یتمکنون من ممارسة التجارة في رحلتهم الی الحج.[٥]

وعلی اساس القرآن، فأن موضوع معیشة الناس والاقتصاد في الحج کان مطروحا منذ بدایة تأسیس وبناء مکة علی ید سیدنا ابراهیم (ع)، لأنه طلب من الله عز وجل ان یرزق أهالي هذه المدینة بانواع المحاصیل والفواکه. واستجاب الله عز وجل لدعوته وجعل مکة مکانا آمنا تنقل الیها جمیع انواع الثمرات والسلع.[٦]

وأمر الله عز وجل في القرآن بأن لا یتقرب المشرکون من المسجد الحرام ویستنبط من عبارة (لا یقربوا) في هذه الآیة هو انه للمشرکین ان یصولوا ویتجولوا في هذا المکان ایضا من الناحیة الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة. وکان المسلمین في صدر الاسلام یشعرون بالقلق من ان تفقد الاسواق ازدهارها وتتعرض للاضرار فیما لم یشارك المشرکون فیه. وللاجابة علی هذا القلق یقول سبحانه وتعالی بانه سیغنیهم من فضله بطرق مختلفة وعبر طرق أخری. من هنا قد صرحت الایة المذکورة بأن الحج ضمان قوي للاستقلال الاقتصادي للمسلمین وعدم تبعیتهم للمشرکین.[٧]وقد أمر القرآن في موسم الحج بذبح الاضحیة وتوزیع لحومها بین الناس وخاصة بین الفقراء. فقد تم تنظیم الحج ومناسکه بشکل بحیث یعزز قضیة التعاون والاحسان بین الناس. وقد تم تأیید موضوع استفادة الفقراء والمحتاجین من الاضحیة في الاحادیث الاسلامیة ایضا.[٨]

في الروایات

ان الروایات المتعلقة بالاقتصاد في الحج تنقسم حسب اعتقاد البعض الی قسمین فتطرقوا الی مجالین وهما:

جواز تحقیق الربح الاقتصادي في الحج:

علی أساس بعض الروایات، یجوز ممارسة النشاطات الاقتصادیة في الحج.[٩] وهذه الروایات تعتبر رداً علی الفکر الذي یعتبر الحج عبادة خالصة لا تتناسب مع الاقتصاد. والبعض الذین یعتبرون الاسلام مزیجا من التنسیق بین معیشة الحیاة والمعاد ایضا یعتبرون مناسك الحج افضل دلیل علی ذلك.[١٠] الابعاد والآثار الاقتصادیة للحج:


في روایة، اوصی النبي محمد (ص) الشخص الذي یرید الدنیا والاخرة بزیارة الکعبة[١١] وفي روایة اخری اعتبر الحج وسیلة للغناء. وفي روایات عدیدة للـائمة علیهم السلام ایضا تم الاشارة الی تأثر الحج في زیادة الرزق[١٢] والحیلولة دون الفقر[١٣] واعتبروا ترك الحج عند الاستطاعة المالیة بسبب الفقر والعوز. وفي حدیث عن الامام الصادق (ع) تم اعتبار التجارة والاستفادة من المنافع المادیة للحج احد اهداف الحج.[١٤] کما ان تأکید الروایات علی شراء الهدایا یدل ایضا علی الجانب الاقتصادي للحج.[١٥]

اقتصاد الحج والسیاسة

ان الاقتصاد الاسلامي اضافة الی تأمین الاحتیاجات الاقتصادیة یأخذ الاحتیاجات السیاسیة بنظر الاعتبار ایضا ویؤکد علی الرؤیة الاجتماعیة – الاقتصادیة. ویعتبر موضوع البراءة من المشرکین من اهم المؤثرات الاقتصادیة للحج في الامة الاسلامیة علی الصعید السیاسي واعتبر السید روح الله الخمیني مفجر الثورة الاسلامیة الایرانیة ان البراءة من المشرکین هو اعلان التبري والتنفر من القوی العظمی وانذار وتنبیة الامة ازاءه مبادرة هذه القوی بنهب رأسمال وثروة البلدان الاسلامیة.[١٦]

ویعتقد البعض ان الکثیر من المشاکل الاقتصادیة التي تعاني منها المجتمعات الاسلامیة الیوم ناجم عن علاقة الحکام العملاء لتلك الجوامع مع القوی العظمی. وعند براءة المسلمین وابتعادهم عن اعداء الاسلام سینتهي مجال الاستغلال عند القوی للمصادر والثروات الاسلامیة.[١٧]

اقتصاد الحج والاخلاق

علاقة الاقتصاد والاخلاق في الحج

بعد آدم اسمیت، قام العالم الاقتصادي والفیلسوف الاسکتلندي وبالتدریج باشاعة عقیدة عزل القیم علی العلم وهذا ما ادي الی ابتعاد الاقتصاد عن الاخلاق واتضح بمرور الزمن ان حصیلة الاقتصاد الحر البعید عن الاخلاق الی جانب محاسنه یحتوي علی عیوب ونواقص ایضا مثل الملکیة الخاصة والتوزیع الخاطئ للعائدات المالیة ومن اجل مواجهة هذا الفشل اقترح الاقتصاد الرأسمالي تدخل الحکومة في هذا المجال.[١٨]

ان السبیل الذي یقدمه النظام الاقتصادي الاسلامي لحل هذه المشکلة هي الاخلاق. حیث ان الاخلاق من خلال السیطرة علی النفس واصلاح وتعزیز اسس المعرفة الانسانیة تقدم تعاریف جدیدة للمفاهیم مثل الفقر، الغني، الرفاه، الزهد، الربح، الدخل. والسعادة والثروة وبهذا الشکل توسع وتنمي دائرة النفع الفردي حتی لا یتم تجاهل المنافع الاجتماعیة ایضا.[١٩]

والحج من المناسك الدینیة التي تتمتع الی جانب الابعاد الاقتصادیة بابعاد اخلاقیة کبیرة وواسعة.[٢٠] في الحج خلافا للاقتصاد اللیبرالي التي یعتبر الاقتصاد منفصلا عن الاخلاق، لا یتم النظر الی الانسان من جانب واحد فقط ولا یحدد اللذة في اللذات المادیة فقط، بل تأتي هذه اللذة بعد علاقة الانسان بالله عز وجل وبالعقیدة والایمان بالاخرة واللذة المعنویة.[٢١]

الجوانب الاخلاقیة للحج

تسامي العقلانیة الاقتصادیة

ان العقلانیة التي تبین سیطرة الرأسمالیة هي عقلانیة آلیة مدروسة تری تطور ونمو في المجتمع في جانب واحد فقط وهو البعد المادي للانسان.[٢٢] في حین ان الاسلام یدعو الانسان الی عقلانیة اشمل تتبین آثارها في المجال الاقتصادي والاجتماعي ومنها التنمیة المستدیمة. والحج الذي یمثل مظهرا من مظاهر عظمة الحضارة الاسلامیة وتبلور النظرة الکونیة التوحیدیة یهتم بالجانب التربوي والاخلاقي والعرفاني ویؤدي دوراً کبیراً في العبور من مرحلة العقلیة الالیة الی عقلیة الابرار. وظهور وانتشار هذا النوع من العقلانیة تؤثر بلا شك في تصحیح السلوك والاجواء الاقتصادیة وتؤثر بالتالي في التنمیة المستدیمة.[٢٣]

تعزیز الثقة الاجتماعیة

ان الثقة من اهم مبادي مؤشرات الرأسمال الاجتماعي الذي یعتبر من الممهدات المناسبة للتنمیة الاقتصادیة. فالاسلام من خلال دعوة الناس بالصدق والامانة ویصدر اوامر حول آداب المعاملة مثل التلطف في البیع یرسم نظاماً تتم فیه اعمال الناس بسهولة وهذا ما یزید ویعزز من ثقة ابناء المجتمع. وهذه الثقة تتمکن من خلال تأثیرها علی فاعلیة السوق والحکومة ان تؤدي الی تقلیل الفقر والی التنمیة المالیة وان تؤدي بالتالي الی النمو الاقتصادي وهذا ما یوفر بدوره الی توفر اجواء مناسبة للتنمیة الاقتصادیة للمجتمع.[٢٤]

ان الحج من خلال توحید المناسك والسلوك والملبس یسعی الی زیادة مستوی التشابه بین الافراد وان یزید في ممهدات الاتصال والعلاقات بینهم وعندما تزداد مجالات العلاقات تقل مجالات عدم التفاهم وبالتالي یزداد الشعور بالتعاضد والشعور بالهم المشترك بینهم. وفي مثل هذه الاجواء الایجابیة ستزداد النظرة الایجابیة للافراد وبالتالي تزداد الثقة بینهم. في مناسك الحج تزول ارضیة سلب الثقة وعلی سبیل المثال ان احد محرمات الاحرام هو الجدل والسب الذي یعتبر من اهم اسباب انهیار العلاقات الاجتماعیة وازالة الثقة بین الناس. من هنا نلاحظ ان الاعمال الاخلاقیة للحج تزید من جهة تدین الناس الذي یؤدي بدوره الی تزاید حالة الصدق وتزاید الاحترام للآخرین وهذا ما یؤدي بالتالي الی زیادة الثقة العامة. من ناحیة اخری نلاحظ ان التواصل والتعاضد الناجم عن الجوانب الاجتماعیة للحج تؤدي الی تعزیز التضامن الاجتماعیة التي یعتبر تعزیز الثقة بین اعضاء المجتمع احد آثارها ونتائجها.[٢٥]

الاهتمام بالمصالح العامة احد التحدیات المهمة للاقتصاد الفردي اللیبرالي المبني علی الاسواق الحرة هو تجاهل المصالح العامة بسبب المصالح الشخصیة والفردیة. اما الاسلام فإلی جانب احترام الملکیة الشخصیة یهتم کثیرا بالمصالح العامة ویخطط لنظام العلاقات الاجتماعیة علی أساس المبادئ الاخلاقیة لکي لا تکون نظرة واهداف ابناء المجتمع محدودا باهدافهم الشخصیة وبعبارة أخری ان حب الذات موجود بشکل طبیعي وحقیقي في جمیع ابعاد وجوانب حیاة الانسان. إلّا ان الترکیز علی الارباح والمصالح الشخصیة یحول دون تحقق الاهداف الاجتماعیة. وهنا تعتبر الضوابط الاخلاقیة افضل سبیل لخلق التنافس والعلاقات الصحیحة بین کوادر الاسواق. ان اسلوب اقامة مراسم الحج هو وفق حیاة الفئات الفقیرة للمجتمع لیخرج الزوار من دائرة الشعور بالتفوق وروح التمییز ویدرکوا بالتالي مشاکل الطبقة الفقیرة للمجتمع. فزوار بیت الله الحرام یجربون في الاجواء المعنویة للحج نوع من العلاقات الاجتماعیة التي تتناقض مع الاسس المتداولة في الحیاة الدنیویة. وتقدم للزوار تجربة الوحدة والتوحید بین الناس من خلال مزیة المساوات. ویمکن اعتبار تحقق العدالة الاجتماعیة في الحج في موضوع (الذبح) بحیث ان علی کل حاج ان یقوم وفق الشرع الاسلامي بالذبح کضحیة او کفارة وان ینفقها في السبیل الذي تم تحدیده. اقتصاد الحج والتنمیة: کثیر من الناس یعتقدون ان هناك مجالات عملیة کثیرة کي یدخل الحج في مجال التنمیة والازدهار الاقتصادي. ومنها: السیاحة الدینیة تعتبر السیاحة مهنة کبیرة علی مستوی العالم. بحیث انها تعتبر ثالث ابرز مهنة وصناعة في العالم بعد صناعة النفظ وصناعة السیارات. فالحج یتمتع بامکانیة وقوة تتمکن من تبدیل الاقتصاد المحدود الی اقتصاد متنوع وذلك من خلال استغلال وتنشیط الاعمال والمهن الموجودة في قطاع السیاحة والصناعات المرتبطة بها. ویعتقد البعض بانه اذا تم الاستفادة بشکل صحیح من امکانیات السیاحة الخاصة بالحج علی صعید خلق تحول وتطور اقتصادي في العالم الاسلام فأن هذه السیاحة ستعادل صناعة النفط في العالم الاسلامي. اما أحد شروط تنمیة السیاحة هو التواصل بین الثقافات والتضامن. فالبلدان الاوربیة تمکنت من خلال تأسیس الاتحاد الاوروبي ان تهیمن علی 79 بالمئة من السیاحة في العالم. ویعتقد البعض ان الاعمال الثقافیة للحج تتمکن من ایجاد هذا التواصل والتضامن بین الثقافات المتنوعة خلال مناسك الحج.

ان تأسیس اسواق مشترکة بین البلدان الاسلامیة تحظی بأهمیة خاصة من قبل المفکرین المسلمین. فالمسلمین یشکلون اکثر من 25 % من عدد سکان العالم. وهذا العدد السکاني یحمل من الناحیة الاقتصادیة فکرة خاصة وهي هل یمکن تأسیس اسواق بین المسلمین لا یباع ولا یشتری فیها إلّا السلع المنتجة في البلدان الاسلامیة وان یبادر العالم الاسلامي من خلال ذلك بتعزیز القطاع الانتاجي والاستهلاکي الخاص به. ان مناسك الحج تجمع الملایین من المسلمین في مکان واحد، بحیث ان کل واحد او واحدة منهم یبادر علی الاقل بشراء هدیة او شيء آخر في هذه الرحلة المعنویة، وهذا یعني ان المجتمع الاستهلاکي والزبائن متوفرین دون أي تکالیف او اعلام او دعایات. ولکن الیوم مع الاسف نلاحظ ان هذه الامکانیات وضعت في اختیار سلع ومنتوجات غالبیتها من انتاج بلدان غیر اسلامیة. ان نسبة التصدیر والاستیراد بین البلدان الاسلامیة في الوقت الراهن قلیل جدا وانه لا یمکن تأسیس اسواق اسلامیة مشترکة بسبب القضایا السیاسیة والجغرافیة والاقتصادیة للکثیر من البلدان الاسلامیة. ویعتبر البعض ان المنجزات الثقافیة والاجتماعیة للحج ارضیة مناسبة لازالة هذه العقبات.

اتحاد التعاون الاقتصادي ان الاتحاد الاقتصادي یتمکن من خلال القیام بمبادرات مثل حریة التبادل الاقتصادي وتسهیلها ان یؤدي دورا في انخفاض التکالیف وسلامة الاقتصاد. من هنا یتم الیوم متابعة هذا الامر باعتباره ضرورة اقتصادیة، ویعتبر البعض بأنه وفقا لفلسفة الحج ینبغي ان یکون قسم مهم من منافع الحج هو تحقیق القدرة الاقتصادیة والوصول الی الوحدة الاسلامیة من هنا فهم یعتبرون ان اجتماع الحج هو افضل وأنسب آلیة لتحقیق الاتحاد الاقتصادي. العقبات والسلبیات وفقا للروایات ان ابرز جوانب الحج هو جانبه العبادي والمعنوي وان الجوانب الاقتصادیة تقع في نفس هذا المسیر؛ من هنا فان تفوق البعد المادي والاقتصادي یعتبر امر مذموم، وعلی سبیل المثال نلاحظ ان الامام الصادق (ع) یقسم الحجاج الی ثلاثة فرق، فریق یتخلصون من نار جهنم، وفریق تغفر ذنوبهم وفریق تحفظ اهالیهم واموالهم. وعلی صعید تقییم هذه الفرق یعتبر الفرق الثالث أقل من یستفید من الحج. وفي حجة الوداع عندما رأی النبي محمد (ص) ان الأغنیاء یذهبون الی مکة من اجل الترفیه والتسلیة وابناء الطبقة الوسطی للبیع والشراء والفقراء للریاء والحصول علی الشهرة ابدی قلقه في هذا المجال.

خلفیة البحوث حول اقتصاد الحج لم یتم القیام بأبحاث کبیرة حول دراسة الابعاد الاقتصادیة للحج. وانما قامت بعض الکتب بدراسة الجوانب الاقتصادیة للحج بشکل اجمالي ومنها: یشیر محمد امامي الی بعض المنافع والفوائد الاقتصادیة للحج ومنها تأمین جزء بسیط من حیاة الفقراء في الحجاز وزیادة نسبة الخمس والزکاة وازدهار الاعمال التجاریة في الحجاز. کما اشار حسیني ادیاني الی دور الحج في تعزیز الاسس والبنی الاقتصادیة للبلدان الاسلامیة ویؤکد علی امکانیة تأسیس السوق الاسلامي المشترك. وتحدث محمد اکبر محقق حول الجوانب والآثار الاقتصادیة للحج والعمرة حسب ما جاء في الآیات والروایات. وقد بیّن محمد تقي رهبر الابعاد والجوانب الاقتصادیة للحج وفقا للآیات والروایات وعدّد الجوانب الاخلاقیة والاقتصادیة للحج وثم بیّن الدور الاقتصادي للحج. وفي مکان آخر یلقي نظرة بسیطة علی موضوع العولمة ویدرس الجوانب الاقتصادیة للحج. بادرت دار ابحاث الحج والزیارة في عام 2012 بأقامة المؤتمر الدولي الذي حمل عنوان الحج والاقتصاد وتم طبع جمیع مقالات هذا المؤتمر ایضا والتي شملت مقالات عدیدة حول المحاور الخمسة الاساسیة للمؤتمر ومنها: المقالات الشاملة، والمباحث الفقهیة للحج، والابحاث الاقتصادیة الجزئیة للحج والابحاث الاقتصادیة الکلیة للحج. وضمن اشارته للتمایز بین رحلة الحج والرحلات السیاحیة التي تقام من اجل المتعة، تطرق ترنر الی دراسة تأثیر الحج علی التنمیة الاقتصادیة للسعودیة. هذه الدراسة تمت علی أساس دراسة (رابینسون) التي یعبر فیها السیاح في بلدان مثل الهند و ....الجنوبیة یعتبرون مصادر وعائدات مالیة لتنمیة تلك البلدان. کما یقوم (کوهین) مثل نونز بتعریف مکة بعنوان مقصد فرید لا مثیل له للسیاحة علی مر العصور. فالحج من زاویة نظر کوهین مثل الرحلات السیاحیة الذي یقوم خلالها الزائر کالسیاح برحلة ارادیة،وهدفهم هو کسب ما یریدوه. وتشیر نتائج هذه الابحاث الی ان الحج مثل السیاحة یؤدي الی تسهیل النشاطات. ویصرح (سردار) في دراسته التي حملت عنوان الجوانب المعنویة والجسمیة للحج، ان التجربة المعنویة وغیر المادیة للحج هي سبب تذلیل وتسهیل متاعب وصعوبة مناسك الحج. ویعتبر اللذة الواقعیة لهذه الرحلة هو الحضور في الاجواء المعنویة للأماکن المقدسة. وحسب عقیدة (سوئیفت) 60 % وغوسلینغ 62 ونش 64 وبریکس 65 ولانغ66 واسماعیل 67 ان اکثر الحجاج من الفقراء ومن سکان المناطق الریفیة والقرویة الذین یضطرون دون الانتباه الی شرط الاستطاعة الی توفیر قسم کبیر من دخلهم وعائداتهم المالیة لتأمین نفقات الحج او انهم یقومون بتأمین هذه النفقات من خلال استقراض مبالغ کبیرة. وحسب رأي لکارد 68 وبیلر جي آر 69 ان ا کثر الحجاج من الطبقة الغنیة للمجتمع الذي لا یواجهون اي صعوبة لتأمین نفقات الحج. وبعبارة اخری ان تسدید نفقات هذه الرحلة (الحج) لا یترك تأثیراً یذکر علی حیاة هؤلاء الافراد. ویعتقد (غرابون) و(اوان هاد) بان الحجاج هم من الطبقتین الفقیرة والغنیة للمجتمع لکنه لم یقدم أي احصائیة عن نسبة هذه الترکیبة ویعتقد بعض المفکرین بانه قلما تم توجیه النقد لهذه الرؤیة بسبب قربها الی الواقع. وقد تطرق (خدیر) الی دراسة الجانب الاقتصادي للحج وتأثیره علی حیاة الفلاحین في مالیزیا. وفق هذه الدراسة فأن الفلاحین والمزارعین یشکلون غالبیة حجاج مالیزیا. وتوضح دراسة المسیرة التاریخیة للحج في مالیزیا بان تکالیف سفر ورحلة الحج نظراً لظروف التضخم وتغیّر وسائل الشخص والنقل من السفینة الی الطائرة قد زادت من نسبة المیزانیة المالیة التي خرجت من القطاع الزراعي في مالیزیا. وهذا الأمر قد ترك بدوره تأثیراً سلبیاً علی القطاع الزراعي في هذا البلد. وتطرق (تانغبان) في احد بحوثه الی دراسة تأثیر الحج علی الاقتصاد في نیجریا، ودرس تأثیر الجوانب الاقتصادیة المتنوعة الایجابیة والسلبیة للحج علی اقتصاد نیجیریا. وفق هذه الدراسة یعتبر موضوع تسدید الاموال الی الحکومة السعودیة للحصول علی تأشیرات الدخول والمساعدات المالیة التي تقدم للزوار والمیزانیة السنویة للانفاق علی لجنة الحج تعتبر من مؤثرات الاقتصاد السلبي للحج علی اقتصاد نیجیریا. لکن من جهة اخری نلاحظ الحج قد ترك تأثیر ایجابي علی اقتصاد نیجیریا ایضا، وذلك لأن الحج باعتباره من عوامل نشاط الاقتصاد یؤدي عامة الی تسهیل نشاطات اقتصادیة خاصة في مدة محددة من السنة، حیث تشهد قطاعات الشحن والمواصلات البرّية والبحرية، والصناعات الغذائیة، وصناعة الاقمشة والحیاکة، وصناعة الادویة في نیجیریا ازدهارا کبیرا في موسم الحج. ولو ان نتائج هذه الدراسة تؤکد بأن التأثیر السلبي للحج أکثر من تأثیره الایجابي علی اقتصاد نیجیریا.

  1. سورة حج(۲۲)، آیه‌های ۲۷ و ۲۸؛ ترجمه قرآن (انصاریان)، ص۳۳۵.
  2. اصول کافی، ج 4، ص422.
  3. المیزان، ج‏14، ص 522.
  4. سورة بقرة(۲)، آیه ۱۹۸؛ ترجمه قرآن (انصاریان)، ص۳۱.
  5. البرهان فی تفسیر القرآن، ج1، ص421.
  6. سوره قصص، آیه ۵۷؛ ترجمه قرآن (انصاریان)، ص۳۹۲.
  7. سوره حج، آیه ۳۶؛ ترجمه قرآن (انصاریان)، ص۳۳۶.
  8. من لایحضره الفقیه ج2، ص200.
  9. وسائل الشیعة، ج8، ص40.
  10. بررسی مسائل اجتماعی ایران، ص28.
  11. وسائل الشیعه، ج8، ص40.
  12. وسائل الشیعة، ج8، ص41.
  13. وسائل الشیعة، ج8، ص90.
  14. وسائل الشیعة، ج8، ص9.
  15. الكافي، ج‏4، 280.
  16. ر. ک. مجموعه مقالات اولین همایش حج و اقتصاد، ص 31 ـ 29 «بررسی ظرفیت‌های اقتصادی حج ابراهیمی ـ محمدی با رویکرد نظام‌وار (سیستمی) در پرتو بیانات امام خمینی و مقام معظم رهبری»؛ صحیفه حج، ج 1، صص256 و 257.
  17. دانشنامه حج و حرمین شریفین، ج۶، ص۴۱۱.
  18. اسلام و چالش اقتصادی، ص86.
  19. فصلنامه علمی پژوهشی اقتصاد اسلامی، سال هفتم، شماره 26، صص 146 ـ 130. «اخلاق اقتصادی (مبانی بینشی، آموزه‌ها و آثار)»
  20. برای نمونه ر.ک. صهبای حج؛ اسرار عرفانی حج؛ نمادها و رمزواره‌های حج؛ حج برنامه تکامل.
  21. دانشنامه حج و حرمین شریفین، ج۶، ص۴۱۲.
  22. تجزیه و تحلیل اقتصادی و فلسفله اخلاق، ص84.
  23. ر. ک. مجموعه مقالات همایش حج و اقتصاد، ص 538 ـ 517، «تأثیر حج ابراهیمی بر رفتار عاملان اقتصادی برای تأمین توسعه پایدار؛ تحلیلی براساس رشد فراگیری با انجام کار با نرخ پس‌انداز درون‌زا»
  24. ر. ک. فصلنامه اقتصاد اسلامی، سال هفتم، شماره 31، پاییز 1387، صص 68 ـ 37 «فرهنگ اعتمادساز در اندیشه دینی و نقش آن در توسعه اقتصادی»
  25. دانشنامه حج و حرمین شریفین، ج۶، ص۴۱۴.