باب الصفا: من الابواب التي تقع في الجهة الجنوبية للـمسجد الحرام ويقابله جبل الصفا. وعرف هذا الباب لقربه الى جبل الصفا بهذا الاسم. يعرف هذا الباب باسماء اخرى مثل باب بني عدي وباب بني مخزوم. وكان الباب حتى منتصف القرن الثاني الهجري على شكل مدخل بحيث تم لاول مرة بناء باب له خلال مرحلة التوسعة الثانية للمسجد الحرام من الجهة الجنوبية في عهد المهدي العباسي. وكان يعد اكبر باب للمسجد ذات عدة مداخل. وفقا لتقارير المؤرخين، فان باب الصفا كان مزينا بايات القرآن الكريم والزخارف المتنوعة. في عهد مراد الثالث العثماني، تم اعادة بناء جميع المداخل الخمسة للباب مع مصراعيه الخشبين. ووفقا لبعض الروايات فان هذا الباب كان محل لدخول النبي ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام لاداء مناسك الحج، وفي حادثة النزاع لقبيلة قريش لنصب الحجر الاسود فان النبي الاكرم قد دخل من هذا الباب للمسجد الحرام ويقال ايضا انه كان يدخل بصحبة الامام علي (ع) والسيدة خديجة من هذا الباب لاقامة الصلاة. كما ان خروج النبي (ص) من هذا الباب صوب الصفا وقربه بالمسعى قد اعطى اهتماما خاصا بهذا الباب.

باب الصفا

سبب التسمية

باب الصفا كان الباب الثالث على الجانب الشرقي من الجدار الجنوبي لـمسجد الحرام وبسبب قربه الى جبل الصفا قد عرف بهذا الاسم.[١] هذا المدخل وبسبب انه كان امام منازل بني عدي بن كعب من قبائل قريش قد عرف في العصر الجاهلي بباب بني عدي. في أعقاب المعركة التي جرت بين بني عدي وبني عبد الشمس، فان بني عدي قاموا بمغادرة منازلهم، ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا المدخل معروفا بباب بني مخزوم بسبب موقعه امام منازل بني مخزوم. [٢] وتذكر بعض الاحداث التاريخية مثل خروج النبي (ص) من هذا الباب صوب الصفا [٣] بباب بني مخزوم. واثر محاصرة المسجد الحرام من قبل الحجاج بن يوسف الثقفي لقمع انتفاضة عبد الله بن زبير عام 73 هـ. قد تم تفويض مهمة الحفاظ على هذا الباب للقوات الاردنية.[٤]

الموقع

باب الصفا حتى منتصف القرن الثاني الهجري. كان بشكل مدخل، وفي عمليات التوسعة للمسجد الحرام فان موقع الباب كان يتغير على غرار مكانه السابق. في عام 167 هـ. وخلال التوسعة الثانية لعهد المهدي العباسي (158-169 هـ)، واثر توسعة المسجد من الجهة الجنوبية فانه تم لاول مرة صنع باب له وكان أكبر باب للمسجد ذات عدة مداخل، [٥]وكان الباب له خمسة قبوات ومداخل تم وضعها على أربعة أعمدة. بحيث كان ارتفاع المداخل الاربعة 13 / 5 ذراعا (أكثر من 5/6 مترًا ) وارتفاع المدخل الأوسط 14 ذراعا ( حوالي سبعة أمتار)[٦]، وكان بإمكان الحجاج رؤية الكعبة من داخله من أعلى جبل الصفا اقتداء بسيرة النبي الاكرم (ص) [٧]. ووفقا للروايات فان عرض باب الصفا کان 36 ذراعا [٨] ومما كان الباب اعلى من سطح المسجد فانه كان يصل الى فناء المسجد ب12 أو 6 سلالم .[٩] في السلم الرابع كان هناك حجر أسود عليه اثار قدم النبي الاكرم(ص) وتم قطع هذا الاثر فيما بعد بحيث تم توجيه ألاصابع الشريفة صوب المسجد.[١٠]

الزخارف

من الاعمدة الاربعة لباب الصفا، تم تزيين العمودين في المنتصف بنقوش وزخارف متنوعة، وتم درج عبارات مطلية بالذهب عليها. وقدم ابن جبیر ( 614 هـ) سردا كاملا لكتابات هذين العمودين. وافاد انه الكتابة على إحدى هاتين العمودين في المنتصف امر المهدي العباسي في عام 167 هـ. لتوسيع المسجد الحرام من جهة باب الصفا بحيث تكون الكعبة في المنتصف. وعلى العمود الاخر من المدخل نفسه، تم الكتابة عليه بشان اجراءات المهدي في توسعه المسجد من جهة الصفا وتوسيع المنطقة المحيطة بالمسجد. وايضا تحت هذه الكتابات المدرجة على العمودين تم تكرار أمر المهدي في توسيع المدخل الأوسط للصفا الذي كان في اتجاه حركة النبي (ص).[١١]

في بعض التاليفات المعاصرة، نقلت عبارات كتبت على اعمدة الباب بما في ذلك:الآية 56 من سورة الأحزاب: ﴿اِنَّ الله َوَمَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا اَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلیما﴾ وايضا الصلوات على النبي الاكرم (ص) وعلى اهل بيته وايضا كلمات تشير الى ان الكتابات والزخارف تمت على ايدي اهالي الكوفة. [١٢]

بناء الاعمدة

بناء على اوامر من المهدي العباسي تم بناء عمودين لتحديد مسار النبي (ص) من المسجد الى الصفا من داخل المسجد وامام المدخل الاوسط، على أحد هذين العمودين، تم كتابة عبارة تشمل امر المهدي لبناء العمودين وسبب بنائهما واسماء يقطين بن موسى (186 هـ) وابراهيم بن صالح ( 176 هـ) من القائمين على عملية هذه التوسعة [١٣]. وتم كتابة عبارة "الله اولی بالمؤمنین»" على العمود الاخر. في القرن الثالث الهجري وبسبب التاکل كان یصعب قراءة هذا النص.[١٤]

صناعة الباب الخشبی

فی عام 825 هـ. وفي عهد حکومة سيف الدين برسباي المملوكي ( 825-841 هـ)، تم صناعة باب خشبي جديد للمدخل الاوسط للباب على يد الامير مقبل القديدي، المسؤول على توسعة الحرم .[١٥]

اعادة الإعمار في الحكم العثماني

في عام 984 هـ. وفي عهد حكومة مراد الثالث العثماني ( 982-1003 هـ ) تم اعادة بناء جميع المداخل الخمسة للباب مع مصراعي الباب الخشبي. في الجزء العلوي من كل المداخل، قاموا ببناء قبو ذو واجهة من الحجر الملون. كان عرض المدخل الأوسط ثلاثة أمتار والمدخلان بجواره، مترين والمدخلان بجانبيه 5/1 متر. وكان ارتفاع المدخل في المنتصف هو اطول من سائر المداخل الأخرى. ومن المدخل الأوسط، كان يمكن رؤية الكعبة. وأيضا على رأس هذه الأقواس كان هناك 29 مسننا تم تزئينه على الطراز المعماري الروماني، ولكل منها عبارة تم كتابتها بالخط الثلث داخل اطار مستطيل. عند الدخول الى المسجد وفوق المدخل الأول من جهة الشرق، نرى من بعد البسملة الآية 158 من سورة البقرة :﴿"اِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ﴾ و وفوق المدخل الثاني تم كتابة استمرار هذه الاية :﴿الْبَیْتَ اَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ اَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَاِنَّ اللهَ شاکِرٌ عَلیمٌ﴾ وفوق المدخل الاوسط تم كتابة الاية 133 من سورة ال عمران﴿وَ سارِعُوا اِلی‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْاَرْضُ﴾ وعلى المدخل الرابع قد تم كتابة استمرار هذه الاية﴿اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقینَ الَّذینَ یُنْفِقُونَ فِی السّـَرَّاءِ وَ الضَّـرَّاءِ وَ الْکاظِمینَ﴾ و في المدخل الخامس ايضا تم كتابة استمرار الاية الشريفة:﴿الْغَیْظَ وَ الْعافینَ عَنِ النَّاسِ وَ اللهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنینَ﴾ .و كان يبلغ ارتفاع هذا الباب من أرضية مسجد الحرام 10 سلالم. كما تم اعداد لكل مدخل مصراعين من الباب الخشبي .[١٦]

الأهمية

ووفقا لبعض المصادر، فان هذا الباب كان محل دخول النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام لاداء مناسك الحج، [١٧] كما أفادت هذه المصادر أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قد دخل المسجد من هذا الباب اثر النزاع بين قريش بشان نصب الحجر الاسود. [١٨] كما هناك روايات بان النبي الاكرم (ص) بصحبة الامام علي (عليه السلام) والسيدة خديجة سلام الله عليها كانوا يدخلون من هذا الباب الى المسجد لاقامة الصلاة. [١٩]

خروج النبي (ص) من باب الصفا متوجهاالى الصفا

وقد أعطى خروج النبي (ص) من هذا الباب متوجها الى الصفا وجواره مع المسعى اهمية خاصة لهذا الباب. لذلك، يعتبر خروج الحجاج من هذا الباب بعد الطواف ولاداء السعي عملا مستحبا [٢٠]وقد ذكر كبار الشخصيات و الزعماء هذه السنة خلال مختلف العهود.[٢١] في العصر المملوكي، كان يخرج أمراء مكة مع موكبهم الرسمي بعد استلامهم زي الإمارة من باب الصفا[٢٢]، وكان يقوم الاخرون بتقليد هذا الفعل، بحيث كانوا بعد توليهم المناصب حكومية وارتدائهم الزي يغادرون من هذا الباب ومن دون موكب لهم.[٢٣]

الهوامش

  1. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص87-89؛ اخبار مکة، فاکهي، ج2، ص190-191؛ نصب الرایة، ج3، ص134؛ تاریخ عمارة الحرم المکي، ص159.
  2. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص90، 261؛ اخبار مکة، فاکهي، ج2، ص191؛ ج3، ص334.
  3. المجموع، ج8، ص10؛ نصب الرایة، ج3، ص134؛ تلخیص الحبیر، ج7، ص271.
  4. تاریخ طبري، ج6، ص190.
  5. رحلة ابن جبیر، ص76؛ رحلة ابن بطوطه، ج1، ص376.
  6. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص89؛ اخبار مکة، فاکهي، ج2، ص190.
  7. مستفاد الرحلة، ص227
  8. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص89؛ اخبار مکة، فاکهي، ج2، ص190.
  9. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص89؛ اخبار مکة، فاکهي، ج2، ص191.
  10. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص89؛ سفرنامه ناصر خسرو، ص127-128.
  11. رحلة ابن جبیر، ص6، 76-77.
  12. تاریخ عمارة الحرم المکي، ص148-149.
  13. رحلة ابن جبیر، ص61.
  14. اخبار مکة، ازرقي، ج2، ص84.
  15. شفاء الغرام، ج1، ص303؛ نک: اتحاف الوری، ج3، ص757.
  16. تاریخ عمارة المسجد الحرام، ص122؛ تاریخ عمارة واسماء ابواب المسجد الحرام، ص100 -101.
  17. علل الشرایع، ج2، ص586.
  18. الاعلام باعلام بیت الله الحرام، ص85؛ منائح الکرم، ج1، ص457.
  19. الفصول المختارة، ص274؛ المناقب، ص56؛ کشف الغمة، ج1، ص82.
  20. المهذب، ج1، ص240؛ المختصر النافع، ص95؛ المجموع، ج8، ص49.
  21. اتحاف الوری، ج1، ص545-546؛ بلوغ القری، ج2، ص911؛ ج3، ص1765؛ نیل المنی، ج2، ص725.
  22. اتحاف الوری، ج3، ص579-580، 605؛ ج4، ص196؛ بلوغ القری، ج2، ص1042.
  23. اتحاف الوری، ج3، ص605.

المنابع

  • اتحاف الوری: عمر بن محمد بن فهد (م. 885ق.)، بمحاولة عبدالکریم، مکة، جامعة ام‏ القری، 1408ق؛
  • اخبار مکة: الازرقي (م. 248ق.)، بمحاولة رشدي الصالح، مکة، مکتبة الثقافة، 1415ق؛
  • اخبار مکة: الفاکهي (م. 279ق.)، بمحاولة ابن دهیش، بیروت، دار خضر، 1414ق؛
  • الاعلام باعلام بیت الله الحرام: محمد بن احمد النهروالي (م. 990ق.)، بمحاولة هشام عبدالعزیز، مکه، المکتبة التجاریة، 1416ق؛
  • بلوغ القری في ذیل اتحاف الوری: عبدالعزیز بن فهد المکي (م. 920ق.)، بمحاولة صلاح الدین و دیگران، دار القاهرة؛
  • تاریخ طبري (تاریخ الامم و الملوك):الطبري (م. 310ق.)، بمحاولة محمد ابوالفضل، بیروت، دار احیاء التراث العربي؛
  • تاریخ عمارة الحرم المکي الشریف: فوزیة حسین مطر، جدة، تهامة، 1402ق؛
  • تاریخ عمارة المسجدالحرام: حسین عبدالله باسلامه، جدة، تهامة، 1400ق؛
  • تاریخ عمارة و اسماء ابواب المسجدالحرام: طه عبدالقادر، مکة، جامعة‌ام القری؛
  • تلخیص الحبیر: ابن حجر العسقلاني (م. 852ق.)، دار الفکر؛
  • رحلة ابن بطوطه: ابن‏ بطوطه (م. 779ق.)، بمحاولة التازي، رباط، المملکة المغربیة، 1417ق؛
  • رحلة ابن جبیر: محمد بن‏ احمد (م. 614ق.)، بیروت، دار مکتبة الهلال، 1986م؛
  • الروضة البهیة في شرح اللمعة: الشهید الثاني (م. 965ق.)، بمحاولة کلانتر، قم، مکتبة الداوري، 1410ق؛
  • سفرنامه ناصر خسرو: ناصر خسرو (م. 481ق.)، طهران، زوّار، 1381ش؛
  • شفاء الغرام: محمد الفاسي (م. 832ق.)، بمحاولة فئة من العلماء، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1421ق؛
  • علل الشرایع: الصدوق (م. 381ق.)، بمحاولة بحر العلوم، نجف، المکتبة الحیدریة، 1385ق؛
  • الفصول المختارة: المفید (م. 413ق.)، بمحاولة جعفریان و الآخرین، بیروت، دار المفید، 1414ق؛
  • کشف الغمة: علی بن عیسی الاربلي (م. 693ق.)، بیروت، دار الاضواء، 1405ق؛
  • المجموع شرح المهذب: النووي (م. 676ق.)، دار الفکر؛
  • المختصر النافع: المحقق الحلي (م. 676ق.)، طهران، البعثة، 1410ق؛
  • مستفاد الرحلة و الاغتراب: قاسم بن یوسف التجیبی السبتي (م. 730ق.)، بمحاولة عبدالحفیظ، لیبی ـ تونس، دار العربیة للکتاب؛
  • المناقب: الخوارزمي (م. 568ق.)، بمحاولة مالک محمودي، قم، النشر الاسلامي، 1411ق؛
  • منائح الکرم: علي بن تاج الدین السنجاري (م. 1125ق.)، بمحاولة المصری، مکة، جامعة ام‏ القری، 1419ق؛
  • المهذب: القاضی ابن البراج (م. 481ق.)، قم، النشر الاسلامي، 1406ق؛
  • نصب الرایة: الزیلعي (م. 762ق.)، بمحاولة ایمن صالح، قاهرة، دار الحدیث، 1415ق؛
  • نیل المنی بذیل بلوغ القری: جارالله محمد بن فهد المکي، بمحاولة الهیلة، مؤسسة الفرقان، 1420ق؛
  • وسائل الشیعة: الحر العاملي (م. 1104ق.)، بمحاولة رباني شیرازي، بیروت، دار احیاء التراث العربي، 1403ق.