هو ابو طالب، عبدمناف بن عبد المطلب، عم النبي محمد (ص) وحاميه، وأبو الإمام علي (ع). تولى أبو طالب السقاية بعد وفاة أبيه عبد المطلب، وعهد إليه برعاية النبي (ص) منذ كان عمره ثماني سنوات وظل يدعمه حتى وفاته.

اشتهر أبو طالب بسمو الأخلاق، والحكمة، والنفوذ بين القبائل، فكان يُحكَّم في النزاعات. ويُعتبر مؤسس تقليد "القَسامة" (اليمين في الشهادة لأولياء الدم) الذي استمر في الإسلام. كان أبو طالب من أبرز شعراء عصره، ومن أشهر قصائده "اللامية" التي نظمها دفاعاً عن النبي (ص) أثناء حصار شعب أبي طالب. جُمعت أشعاره في "ديوان أبي طالب" بواسطة أبي هفان المهزمي (القرن الثالث الهجري).

بعد الدعوة العلنية للإسلام، دافع أبو طالب باستمرار عن النبي (ص) ضد ضغوط قريش التي طالبت بمناهضة الدعوة أو تسليمه. خلال الحصار الاقتصادي الذي استمر ثلاث سنوات، أنفق أبو طالب من أمواله لدعم المسلمين.

يؤمن الشيعة وجماعة من علماء أهل السنة - بناءً على روايات أهل البيت (ع) وبعض الشواهد - بإيمان أبي طالب، وألّفوا كتباً في إثبات إيمانه تحت عنوان "إيمان أبي طالب".

السيرة الذاتية

هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم[١]، المشهور بكنيته "أبو طالب".[٢] وُلد قبل الهجرة بأكثر من ثمانين عاماً.[٣] كان أبوه عبدالمطلب سيد مكة ورئيس قريش[٤]، وأمه فاطمة بنت عمرو بن عائذ من بني مخزوم.[٥]

الزوجة والأبناء

ذكر المؤرخون أن له من زوجته فاطمة بنت أسد[٦] أربعة أبناء: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي (ع)[٧]، وثلاث بنات: أم هاني[٨]، وجمانة، وريطة.[٩] وذُكر أن له من زوجة أخرى اسمها علّة ابناً اسمه طُلَيق.[١٠]

السِّقاية

كان هاشم بن عبد مناف، جدُّ أبي طالب، يتولّى ضيافة الحُجّاج وخدمتهم (السقاية والرفادة) في مكّة.[١١] وبعد هاشم تولّى ابنه عبدالمطلب هذه المهمّة[١٢]، ثم تولّاها بعده أبو طالب نفسه مدة ثلاث سنوات.[١٣] وقيل إنّ أبا طالب لم يكن يملك القدرة المالية على متابعتها، لذلك سلّمها إلى أخيه العباس.

وتكفّل أبو طالب بإصلاح الكعبة بعد السيل الذي اجتاح مكة وألحق الضرر بالبيت، وأمر بأن يُستعمل في ترميمها مالٌ طيّبٌ وخالص. وكان النبي(ص) في ذلك الوقت ابن خمسٍ وعشرين سنة، وفي هذه الحادثة نشأ الخلاف حول من يضع الحجر الأسود في موضعه.


المكانة الاجتماعية

وبحسب حديث مرويّ عن الإمام علي(ع)، كان أبو طالب ـ مع فقره ـ سيّد قريش، ولم يُعرَف قبلَه فقيرٌ تولّى رئاسة قريش.[٦] وكانت مَكارمه مشهورة بينهم. ولِما كان له من حكمةٍ ونفوذ كلمة، كانت القبائل تحكمه بينهم عند وقوع الخلافات. ويُنسب إليه تأسيس سُنّة «القَسامة»؛ وهو الحلف بالأيمان عند الشهادة لأولياء الدم.[٧] وظلّت هذه السنّة معمولاً بها في الإسلام أيضاً.[٨]


الخصائص

كان أبو طالب مشهوراً بالسَّخاء.[٩] كما كان شاعراً قويّاً متميّزاً.[١٠] وقد لقي شعره في القرون الإسلامية الأولى اهتماماً لدى كبار الشعراء والأدباء.[١١] وقد نظم في نصرة النبي(ص) قصيدةً اشتهرت بـ «اللاميّة».[١٢] وجُمعت أشعاره في القرن الثالث الهجري على يد أبي هِفّان المهزمي بعنوان ديوان أبي طالب.[١٣]


وفاته

توفّي أبو طالب في شهر ذي القعدة أو في منتصف شوّال من العام العاشر للبعثة، وهو في السادسة والثمانين من عمره، وقيل في التاسعة والثمانين أو التسعين.[١٤] ودُفن ـ كما دُفن أبوه عبد المطلب[١٥] ـ في مقبرة جَنّة المعلّى بمكة.[١٦] وسمّى النبي(ص) ذلك العام الذي شهد وفاة أبي طالب وخديجة بـ «عام الحُزن».[١٧] وبعد وفاته اشتدّت الضغوط على المسلمين.[١٨] والمقبرة التي دُفن فيها تُعرف لدى الإيرانيين باسم «مقبرة أبي طالب».[١٩]


كفالته للنبي(ص)

بعد وفاة عبد المطلب، تولّى أبو طالب ـ وفق وصيّته ـ كفالة النبي(ص) وكان حينها في الثامنة من عمره.[٢٠] وقد نُقل أنّ أبا طالب كان يُظهر له من المحبة ما لم يُظهره لأبنائه، ويُهيّئ له أفضل الطعام، ويجعل فراشه إلى جانب فراشه، ويحرص على أن يصحبه دائماً.[٢١] وكان يأخذه معه في سفراته التجارية، وفي إحدى تلك الرحلات حدثت حادثة لقاء الراهب بَحيرا وبشارته لأبي طالب بنبوّة محمد(ص).[٢٢]

وقد نصح أبو طالب النبي(ص) بالعمل التجاري مع خديجة،[٢٣] ثم مثّلَهُ في خطبتها،[٢٤] وقيل إنّه هو الذي تولّى عقد الزواج أيضاً.[٢٥]


دعمه للنبي(ص)

بعد أن صدع النبي(ص) بالدعوة جهراً، ازدادت ضغوط قريش على أبي طالب.[٢٦] وفي يوم الإنذار، حيث كان المدعوون من بني هاشم، لامه بعض الهواشم مثل أبي لهب. وحين أعلن النبي(ص) في ذلك المجلس أنّ عليّاً(ع) هو أخوه ووصيّه وخليفته، استهزأ بعضهم بأبي طالب وقالوا: لقد أمرك أن تطيع ولدك![٢٧]

وتذكر الروايات أنّ زعماء قريش جاؤوا إليه ثلاث مرات يطلبون منه أن يمنع محمداً من الدعوة، أو يسلمه إليهم.[٢٨]

وكان أبو طالب يسعى لإقناعهم، وفي الوقت نفسه كان يحذّر النبي(ص) من أخطار دعوتهم.[٢٩] حتى إنّهم عرضوا عليه مبادلة محمد(ص) بعمارة بن الوليد المخزومي، وكان شاباً وسيماً ذكيّاً،[٣٠] فغضب غضباً شديداً، وأنّبهم بشعرٍ نظمه،[٣١] وبحسب رواية أخرى هددهم بالقتل.[٣٢]

وقد نقلت مصادر كثيرة أشعاراً لأبي طالب في نصرة النبي(ص).[٣٣] وفي العام السابع، حين علم أنّ قريشاً تنوي قتل النبي، أنشد: "واللهِ لا يَصلونَ إليكَ بجَمعِهِم … حتى أُوَسَّدَ في التُّرابِ دَفِيناً".[٣٤]


دعمه للمسلمين في شِعْب أبي طالب

في العام السابع للبعثة، وبعد الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش، اضطرّ بنو هاشم وسائر المسلمين للإقامة في شعب أبي طالب.[٣٥] وكان أبو طالب ممّن بذلوا أموالهم في حماية المسلمين ودعمهم.[٣٦]


إيمان أبي طالب

اختلف العلماء المسلمون في إيمان أبي طالب. فعلماء الشيعة ـ اعتماداً على روايات أهل البيت(ع)[٣٧] ـ يعتقدون أنّه آمن بالنبي(ص). وبعض علماء السنّة استدلّوا على إيمانه بقرائن منها: أنّ النبي(ص) أمر بغسله، وأنه استغفر له، وأن زوجته فاطمة بنت أسد بقيت معه وهي مسلمة، إضافةً إلى مضامين أشعاره.[٣٨]

أما الذين نفوا إيمانه، فقالوا إنه لم يتلفّظ بالشهادتين، وإنّ الآية ٢٦ من سورة الأنعام[٣٩] والآية ١١٣ من سورة التوبة نزلتا فيه. لكنّ آخرين ردّوا ذلك بقولهم: إنّه قال الشهادتين ولكنه أخفاهما ليحمي النبي،[٤٠] وإنّ آيات سورة الأنعام نزلت دفعةً واحدة وليس لها شأن نزول مستقل، وإنّ آية النهي عن الاستغفار نزلت في المدينة بعد وفاة أبي طالب،[٤١] فلا تصلح دليلاً على نفي إيمانه.

الهوامش

  1. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۱؛ الطبقات، خلیفه، ص۳۰؛ تاریخ یعقوبی، ج۲، ص۱۱.
  2. عمدة الطالب، ص۲۰؛ الاصابه، ج۷، ص۱۹۶.
  3. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۵؛ انساب الاشراف، ج۲، ص۲۸۹.
  4. السیرة النبویه، ج۱، ص۱۴۲.
  5. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۹۲؛ انساب الاشراف، ج۲، ص۲۸۸.
  6. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۱-۱۲۲؛ ج۸، ص۴۸؛ انساب الاشراف، ج۲، ص۲۹۵؛ تاریخ یعقوبی، ج۲، ص۱۴.
  7. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۱-۱۲۲؛ ج۸، ص۵۱؛ مقاتل الطالبیین، ص۳.
  8. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۲؛ ج۸، ص۱۵۱.
  9. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۲؛ ج۸، ص۴۸.
  10. الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۲؛ ج۸، ص۴۸.
  11. انساب الاشراف، ج۱، ص۶۴.
  12. السیرة ‌النبویه، ج۱، ص۱۰۹؛ تاریخ یعقوبی، ج۲، ص۱۳.
  13. انساب الاشراف، ج۱، ص۶۴.

المصادر

  • الاصابه: ابن حجر العسقلانی (م.۸۵۲ق.)، تحقیق علی محمد و دیگران، بیروت، دار الکتب العلمیه، ۱۴۱۵ق.
  • اعیان الشیعه: سید محسن الامین (م.۱۳۷۱ق.)، تحقیق حسن الامین، بیروت، دار التعارف.
  • امتاع الاسماع: المقریزی (م.۸۴۵ق.)، تحقیق محمد عبدالحمید، بیروت، دار الکتب العلمیه، ۱۴۲۰ق.
  • انساب الاشراف: البلاذری (م.۲۷۹ق.)، تحقیق زکار، بیروت، دار الفکر، ۱۴۱۷ق.
  • ایمان ابی‌طالب: المفید (م.۴۱۳ق.)، بیروت، دار المفید، ۱۴۱۴ق.
  • ایمان ابی‌طالب: فخار بن معد الموسوی (م.۶۳۰ق.)، تحقیق بحر العلوم، قم، سیدالشهداء، ۱۴۱۰ق.
  • آثار اسلامی مکه و مدینه: رسول جعفریان، تهران، انتشارات مشعر، ۱۳۸۶ش.
  • آینه پژوهش (مجله): قم، پژوهشگاه علوم و فرهنگ اسلامی.
  • البحر المحیط: ابوحیان الاندلسی (م.۷۵۴ق.)، بیروت، دار الفکر، ۱۴۱۲ق.
  • البیان و التبیین: الجاحظ (م.۲۵۵ق.)، تحقیق عبدالسلام، بیروت، دار الفکر، ۱۴۰۹ق.
  • تاریخ طبری (تاریخ الامم و الملوک): الطبری (م.۳۱۰ق.)، تحقیق گروهی از علما، بیروت، اعلمی، ۱۴۰۳ق.
  • تاریخ الیعقوبی: احمد بن یعقوب (م.۲۹۲ق.)، بیروت، دار صادر، ۱۴۱۵ق.
  • التسهیل لعلوم التنزیل: محمد بن جزی الغرناطی (م.۷۴۱ق.)، تحقیق خالدی، یبروت، دار الارقم، ۱۴۱۶ق.
  • تفسیر ابن ابی‌حاتم (تفسیر القرآن العظیم): ابن ابی‌حاتم (م.۳۲۷ق.)، تحقیق اسعد محمد، بیروت، المکتبة العصریه، ۱۴۱۹ق.
  • تفسیر ابن کثیر (تفسیر القرآن العظیم): ابن‌کثیر (م.۷۷۴ق.)، تحقیق شمس الدین، بیروت، دار الکتب العلمیه، ۱۴۱۹ق.
  • التفسیر الکبیر: الفخر الرازی (م.۶۰۶ق.)، بیروت، دار احیاء التراث العربی، ۱۴۱۵ق.
  • تفسیر ثعلبی (الکشف و البیان): الثعلبی (م.۴۲۷ق.)، تحقیق ابن عاشور، بیروت، دار احیاء التراث العربی، ۱۴۲۲ق.
  • تفسیر قرطبی (الجامع لاحکام القرآن): القرطبی (م.۶۷۱ق.)، بیروت، دار احیاء التراث العربی، ۱۴۰۵ق.
  • جامع‌ البیان: الطبری (م.۳۱۰ق.)، بیروت، دار المعرفه، ۱۴۱۲ق.
  • الدر المنثور: السیوطی (م.۹۱۱ق.)، بیروت، دار المعرفه، ۱۳۶۵ق.
  • دلائل النبوه: البیهقی (م.۴۵۸ق.)، تحقیق عبدالمعطی، بیروت، دار الکتب العلمیه، ۱۴۰۵ق.
  • دیوان ابی‌طالب: گردآورنده ابوهفان بن احمد مهزمی و علی بن حمزه بصری، تحقیق محمدحسن آل یاسین، بیروت، دار الهلال، ۲۰۰۳م.
  • رجال النجاشی: النجاشی (م.۴۵۰ق.)، تحقیق شبیری زنجانی، قم، نشر اسلامی، ۱۴۱۸ق.
  • روح البیان: بروسوی (م.۱۱۳۷ق.)، بیروت، دار الفکر.
  • الروض الانف: السهیلی (م.۵۸۱ق.)، تحقیق عبدالرحمن، بیروت، دار احیاء التراث العربی، ۱۴۱۲ق.
  • روض الجنان: ابوالفتوح رازی (م.۵۵۴ق.)، تحقیق یاحقی و ناصح، مشهد، آستان قدس رضوی، ۱۳۷۵ش.
  • زاد المسیر: ابن جوزی (م.۵۹۷ق.)، تحقیق عبدالرزاق، بیروت، دار الکتاب العربی، ۱۴۲۲ق.
  • سنن النسائی: النسائی (م.۳۰۳ق.)، بیروت، دار الفکر، ۱۳۴۸ق.
  • السیرة النبویه: ابن هشام (م.۸-۲۱۳ق.)، تحقیق محمد محیی الدین، مصر، مکتبة محمد علی صبیح و اولاده، ۱۳۸۳ق.
  • شرح نهج البلاغه: ابن ابی‌الحدید (م.۶۵۶ق.)، تحقیق محمد ابوالفضل، دار احیاء الکتب العربیه، ۱۳۷۸ق.
  • الطبقات الکبری: ابن سعد (م.۲۳۰ق.)، بیروت، دار صادر.
  • الطبقات: خلیفة بن خیاط (م.۲۴۰ق.)، تحقیق سهیل زکار، بیروت، دار الفکر، ۱۴۱۴ق.
  • عمدة الطالب: ابن عنبه (م.۸۲۸ق.)، تحقیق محمد حسن، نجف، المکتبة الحیدریه، ۱۳۸۰ق.
  • الفهرست: منتجب الدین بن بابویه (م.۵۸۵ق.)، الارموی، قم، مکتبة النجفی، ۱۳۶۶ش.
  • الکافی: الکلینی (م.۳۲۹ق.)، تحقیق غفاری، تهران، دار الکتب الاسلامیه، ۱۳۷۵ش.
  • الکتاب: سیبویه (م.۱۸۰ق.)، تحقیق عبدالسلام، یبروت، دار الجیل.
  • الکشاف: الزمخشری (م.۵۳۸ق.)، قم، بلاغت، ۱۴۱۵ق.
  • مقاتل الطالبیین: ابوالفرج الاصفهانی (م.۳۵۶ق.)، تحقیق مظفر، قم، دار الکتاب، ۱۳۸۵ق.