قبر السيدة خديجة (ع)
قبر السيدة خديجة (ع) هو قبر خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد (ص)، والذي يقع في مقبرة أبي طالب (جنة المعلاة أو الحجون) في مكة المكرمة.
ذكرت المصادر التاريخية دفن جثمان السيدة خديجة (ع) في الحجون، غير أنّ الموقع الدقيق لقبرها لم يُعرف إلا في القرن الثامن الهجري. ومنذ النصف الأول من القرن الثامن الهجري؛ تم تحديد مكان في مقبرة المعلاة بمكة على أنه قبر السيدة خديجة، وتم بناء شاهد قبر عليه. وفيما بعد بني عليه مقام، وفي القرون الأخيرة بنيت له قبة شاهقة. وقد دمر الوهابيون مبنى هذا المقام عام 1218 هـ. ثمّ أعيد بناؤه مرة أخرى. حتى تم تدميره مجدداً عام 1343 هـ مع قيام حكومة آل سعود.
السيدة خديجة (ع)
خديجة بنت خويلد بن أسد أولى زوجات النبي (ص). تزوجها رسول الله وعمره 25 سنة، وكانت نتيجة هذا الزواج ستة أطفال؛ ولدان اسمهما القاسم وعبد الله، وأربع بنات بأسماء زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. وجاء في رواية عن النبي محمد (ص) أنّ خديجة وفاطمة ومريم وآسيا (ع) هنّ سيدات نساء العالمين.
عاشت خديجة مع النبي محمد (ص) حوالي 25 سنة. وتوفيت بالمدينة المنورة في العاشر من رمضان في السنة العاشرة للبعثة.
مكان القبر
أفادت المصادر أن السيدة خديجة دُفنت في مقبرة الحجون، وهي نفس المقبرة التي كانت تقع في باب المعلى، وتعرف أيضاً بمقبرة باب المعلاة.
لكن أقدم التقارير حول الموقع الدقيق لقبرها مسجلة في مصادر تعود إلى القرن الثامن الهجري، ولم يكن موقع القبر معروفًا قبل ذلك. وقد روى ابن جبير (م 614هـ) في القرن السادس أن قبور مقبرة الحجون في باب المعلى تهدمت ونُسيت. ويذكر التجيبي الذي زار مكة سنة 696هـ أن أهل مكة يقولون بأن قبر خديجة (ع) في شعب يقع في طرف المعلاة، إلا أنه لا يُرى هناك أي قبر.
ومنذ القرن الثامن الهجري أصبح قبر السيدة خديجة مشهوراً في جنة المعلاة وورد ذكره في المصادر. ويذكر ابن بطوطة، الذي أقام في مكة في 729-730هـ، أنه لا يوجد سوى عدد قليل من القبور المعروفة في مقبرة المعلاة، بما في ذلك قبر السيدة خديجة.
وأفاد المرجاني (770هـ)، الجغرافي من القرن الثامن، أن مكان قبر خديجة في مكة غير معروف، ولكن جاء أحد الصالحين في المنام (أو حالة الكشف) أن قبرها إلى جانب قبر الفاضل بن عياض، وفي سنة 749هـ بني على المكان شاهد للقبر.
وقد شكك الفاسي (ت 832هـ) مؤرخ مكة الشهير في صحة نسبة هذا القبر إلى خديجة (ع)، ويرى أنه لم يدفن في المعلاة أحد من أصحاب النبي. كما شكك بعض الباحثين المعاصرين في صحة نسبة هذا القبر.
بناء القبة والضريح
ولأول مرة في سنة 749هـ تم وضع حجر مكتوب عليه "هذا قبر السيدة خديجة" على قبرها. وفي وقت لاحق، تم بناء صندوق خشبي عليه.
وفي سنة 950هـ بنى محمد بن سليمان أحد عمال مصر مقاماً وقبة حجرية لهذه المقبرة، كما وضع صندوقًا جديدًا على القبر، ووضع عليه قطعة قماش فاخرة وعين خادمًا للمقام.
وبعد أن هدمه آل سعود، أعيد بناء هذا المقام عام 1242هـ، وبقي حتى القرن الرابع عشر. وتحدثت بعض الأخبار عن إرسال أقمشة من حكام مصر العثمانيين لاستخدامها على صندوق هذا المقام.
وأشارت كتب رحلات السفر في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين إلى قبر السيدة خديجة. فعلى سبيل المثال، ذكر الفراهاني المقام الخشبي للمقبرة عام 1302هـ، وتحدث رفعت باشا عن القبة العالية لمقبرة خديجة عام 1318هـ.
هدم الضريح
مع سيطرة الحركة الوهابية على مكة وقيام الدولة السعودية الأولى؛ تم هدم جميع المباني والقباب في جنة المعلاة يوم الأربعاء 29 ربيع الثاني 1218هـ، وتم تسوية قبور هذه المقبرة بالأرض. وبعد هزيمة هذه الحكومة على يد القوات العثمانية، تم بناء قبة أخرى فوق قبر ومقام السيدة خديجة، لكن هذا المبنى تعرض للتدمير أيضًا عام 1343هـ بعد قيام الدولة السعودية الثالثة.