اليهود في الجزيرة العربية
کلمة الیهود
اشقّت لفظة يهود من «هاد» بمعنی تاب والهود یعنی التوبة؛ و هاد یهود هوداً أو تهوّداً بمعنی تاب ورجع إلی الحق. یقصد من هذه الکلمة الیوم أفراد قبيلة یهودا أطلقت علی أيّ فرد من أفراد الیهود في العالم.[١]
نسب الیهود
یعتقد الیهود بأنّ نسبهم یرقی إلی النّبي إبراهيم الذي عاش حوالي سنة 1800 قبل المیلاد وراح من مکان ولادته إلی کنعان الذي عاش فیه قومه من زوجته سارة بعد وفاته وسمّوا بالعبرانیین من جذر عبر بمعنی «الجهة الأخری» في اللغات السامية.[٢] لغة الیهود التي تعرف باللغة العبرية اشتقّت من هذا جذر. هذا مختصر من نسب الیهود.[٣]
تعرّف الیهود أنفسهم باسم آخر أیضا وهو «الإسرائیلیون» المنسوب إلی «إسرائیل» الذي اسم النبي یعقوب بن إسحاق؛ وهذه تشکّلت الکلمة من لفظتین سامیتین قدیمتین هما «أسر» بمعنی القوة والغلبة و«ایل» بمعنی الله فیصیر معنی الکلمة «قوة الله».[٤]
علاقة الیهود بالجزیرة العربية
وقع الیهود والرومان في حرب سنة 70 م التي انتهت بخراب فلسطين وتدمير هيکل بیت المقدس وتشتّت الیهود في أصقاع العالم.[٥] قصدت جموع منهم الیمن والعراق والشام ومصر وترکيا وجزیرة العرب. یبدو أنّهم لاقوا الإضطهاد في المناطق التي حکم بها المسیحيين مثل سوريا وترکيا ومصر؛ ولکن کان بعض قلیل منهم موجود في الجزیرة العربية حتّی قبل خراب الهیکل فتمتّعوا بحرية الدينية الکاملة التي جرت في جزیرة العرب قبل الإسلام لأنّ أکثر قبائل العرب اعتقدوا بالوثنية. استقرّت الیهود في مواضع المیاه والعیون من وادي القری وبنوا فیه حصون للحفظ وهکذا في الیمن وصار بعض القبائل یهوديين في الیمن. عمل الیهود علی نشر تعاليم التوراة في مناطق سکناهم في شبه جزیرة العرب.[٦]
الیهود في یثرب
کانت یثرب في أیدي الیهود قبل هجرة الأوس والخزرج إلیها. انقسم الیهود في المدينة إلی ثلاث قبائل: بنو قينقاع، بنو قریظة وبنو النضیر. تمرکز بنو قینقاع وعددهم حوالي 1000 شخص في قلب یثرب و ترمکز بنو قریظة وعددهم حوالي 1500 شخص في ضواحي یثرب من الجنوب الشرقي وتمرکز بنو النضیر وعددهم 1500 شخص في اتجاه الغرب. وکان من الیهود الساکنة في یثرب وضواحیها قبائل صغیرة متعددة ولکن کانوا تابعي للقبائل الرئیسة في سیاستهم.[٧]
أتي الأوس والخزرج من جنوب الجزیرة العربية إلی یثرب للسکون فیها؛ إذ یرجع نسبهما إلی قبيلة الأزد الیمنیة. عندما وقع الأوس والخزرج في یثرب، سیطروا علیها وقسموها فیما بینهم فلم یبق للیهود أيّ سلطان علیها. وجد الیهود حینئذ أنفسهم مضطرین للتعایش مع الأوس والخزرج فأنشأوا معهم علاقات سیاسية واقتصادية. ولکن لم یکن ذلك کافيا للسلام بین الأوس والخزرج بل کانا في صراع دائمة وانقسم یثرب إلی معسکرین یعیش في واحد منهما الأوس مع بني النضیر وبني قریظة وفي الآخر یعیش الخزرج. لم یتحالف بنو قینقاع مع الأوس أو الخزرج وبقوا منعزلة عن النزاع. [٨]
یقال أنّ الیهود کانوا من مسببات النزاع بین الأوس والخزرج واستمرّ الصراع بینهما حتی حضور الرسول في یثرب وصیرورة المدينة، مقرّ المسلمين.
الیهود في خیبر
وقعت خيبر في بعد مئة ميل من شمال یثرب وعاش فيه الیهود بعدد 3000 شخص تقریبا. وهم أشدّ الیهود في الجزیرة العربية قوة وأوسعهم مالا لخصوبة أرض خیبر وکثرة المزارع؛ اشتهر خیبر بکثرة المیاه والنخیل.
عندما نصر المسلمين وسیطروا علی خیبر، تفرّق الیهود منه فذهب بعضهم إلی العراق وبعضهم الآخر إلی الشام ومصر؛ بقوا في کل من هذه المواضع، متعصبین لخیبر.[٩]
الیهود في فدك وتیماء
تمرکزت الیهود في فدك وتیماء، کتجمّعات صغيرة تقدّر بحوالي 1000 شخص. کان فدك من مواضع ذوات المیاه غلب علیه الیهود وبدأ بالزراعة والتجارة فیه. أما تیماء فهي من المواضع الهامة القديمة تعتبر ملتقی طرق التجارة، فهم ذلك الیهود فأقاموا واستبدّوا بها؛ بشکل وصفت تیماء في بعض الأشعار بتیماء الیهود.[١٠]
الجوانب الإقتصادية
اشتغل الیهود غالبا بالزراعة التي هي المهنة الرئیسية لمن عاش بوادي القری منهم؛ عملوا بتربية الماشية والدواجن أیضا. کان الیهود أیضا یتحکّمون في الأسواق التجارية واشتهر بعض منهم شهرة کبيرة کأبي رافع وسلام بن أبي الحقيق. یمکن أن یقال إنّ تجارة التمر والشعير والقمع والخمر تکاد تکون وفقا علیهم في شمال الحجاز. ولکن کرههم الأعظم من العرب لأنّهم أصرّوا علی أخذ الربا؛ وکان لهم من طبيعة منطقة المدينة الزراعية فرصة إلی ذلك لاحتیاج الزراع عادة إلی اقتراض الأموال حين الحصاد.[١١]
اشتغلت نساء الیهود بنسج الأقمشة وعمل بعض من رجالهم بالصناعات المختلفة کصنع الأسلحة وصياغة الذهب.
الهوامش
المنابع
- ↑ قاموس الکتاب المقدس: لفظة یهود .
- ↑ دائرة المعارف، المعلم بطریس البستاني، ج11 ص659 .
- ↑ الشخصية الإسرائیلیة، حسن ظاظا، ص24 .
- ↑ المعجم الحديث عبري - عربي، د. ربحي کمال، لفظة إسرائیل .
- ↑ Hayim Kohen - The Jews Of the Middle East (1660 - 1972) The introduction- .P۱ .
- ↑ فجر الإسلام، أحمد أمين، ص24 .
- ↑ تاریخ الشعوب الإسلامية، کارل بروکلمان، 42 - الأعاني ابوالفرج الإصفهاني، 19 : 95 .
- ↑ تاریخ الشعوب الإسلامية، کارل بروکلمان، ص43 .
- ↑ تاریخ الطبري، ج3 ، ص15.
- ↑ الکامل في التاریخ، ابن الأثير ، ج2 ، ص93 .
- ↑ النشاط السري الیهودي، غازي محمدفریج، ص76 .