الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الهجرة»
لا ملخص تعديل |
|||
| سطر ٣: | سطر ٣: | ||
تذكر الهجرة في تاريخ الإسلام هجرة النبي محمد(ص) من مكة إلى المدينة، والتي كانت نقطة تحول في التاريخ الإسلامي. لقد مهّدت هذه الهجرة لتأسيس أول حكومة إسلامية وانتشار الإسلام، وأصبحت بداية التاريخ الإسلامي. وقد تمت هجرة النبي من مكة إلى المدينة بالالتفاف عن الطريق المعتاد والاختباء في غار ثور. وقد نُهِي في الإسلام عن رجوع من هاجر إلى وضعه أو أرضه السابقة بعد الهجرة (تَعَرُّب بعد الهجرة)، ويُعتبر ذلك ذنبًا كبيرًا. | تذكر الهجرة في تاريخ الإسلام هجرة النبي محمد(ص) من مكة إلى المدينة، والتي كانت نقطة تحول في التاريخ الإسلامي. لقد مهّدت هذه الهجرة لتأسيس أول حكومة إسلامية وانتشار الإسلام، وأصبحت بداية التاريخ الإسلامي. وقد تمت هجرة النبي من مكة إلى المدينة بالالتفاف عن الطريق المعتاد والاختباء في غار ثور. وقد نُهِي في الإسلام عن رجوع من هاجر إلى وضعه أو أرضه السابقة بعد الهجرة (تَعَرُّب بعد الهجرة)، ويُعتبر ذلك ذنبًا كبيرًا. | ||
== الاصطلاح == | |||
كلمة "هجرة" اسم مصدر من الجذر "هجر"، وتعني الابتعاد، والقطع، والانفصال عن شيء أو شخص.<ref>لسان العرب، ج۵، 251</ref> وقد ذكر أن أصل الكلمة في اللغة العربية يعني ترك البادية والدخول إلى المدينة.<ref>منتخب میزان الحکمه، ص521 ح 6343،6342 و 6341</ref> | كلمة "هجرة" اسم مصدر من الجذر "هجر"، وتعني الابتعاد، والقطع، والانفصال عن شيء أو شخص.<ref>لسان العرب، ج۵، 251</ref> وقد ذكر أن أصل الكلمة في اللغة العربية يعني ترك البادية والدخول إلى المدينة.<ref>منتخب میزان الحکمه، ص521 ح 6343،6342 و 6341</ref> | ||
| سطر ١١: | سطر ١١: | ||
استخدمت الهجرة في الأدب الإسلامي للإشارة إلى الانتقال الجغرافي من مكان إلى آخر، وكذلك للعودة عن المعاصي والرجوع إلى الله. ففي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، تُعتبر أفضل الهجرات الابتعاد عن المعصية.<ref>الأمثل، ج۳، 403 و ص408</ref> | استخدمت الهجرة في الأدب الإسلامي للإشارة إلى الانتقال الجغرافي من مكان إلى آخر، وكذلك للعودة عن المعاصي والرجوع إلى الله. ففي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، تُعتبر أفضل الهجرات الابتعاد عن المعصية.<ref>الأمثل، ج۳، 403 و ص408</ref> | ||
== الهجرة في القرآن == | |||
أكد القرآن الكريم على أهمية الهجرة في سبيل الله في عدة آيات. في الآية 218 من سورة البقرة، يُذكر المؤمنون المهاجرون والجاهدون بأنهم مأمولون في رحمة الله ومغفرته.<ref>الأمثل، ج۵،ص 504</ref> أما في الآيتين 97 و100 من سورة النساء، فيُذكر مصير من امتنع عن الهجرة مع وجود القدرة عليها، ويُعد لهم وعد بالرزق والبركة.<ref>الأمثل،ج۱۲، ص438</ref> | أكد القرآن الكريم على أهمية الهجرة في سبيل الله في عدة آيات. في الآية 218 من سورة البقرة، يُذكر المؤمنون المهاجرون والجاهدون بأنهم مأمولون في رحمة الله ومغفرته.<ref>الأمثل، ج۵،ص 504</ref> أما في الآيتين 97 و100 من سورة النساء، فيُذكر مصير من امتنع عن الهجرة مع وجود القدرة عليها، ويُعد لهم وعد بالرزق والبركة.<ref>الأمثل،ج۱۲، ص438</ref> | ||
وفي الآية 72 من سورة الأنفال، يُعتبر المهاجرون والأنصار أولياء لبعضهم البعض، ويُحذر من مراعاة من لم يهاجروا.<ref>واکاوی مفهوم هجرت در قرآن کریم بر پایه تحلیل روابط همنشینی، ص 76-77</ref> كما تشير الآية 56 من سورة العنكبوت إلى وجوب الهجرة من مكان تنتشر فيه المعصية.<ref>منتخب میزان الحکمه، ح6348</ref> الهجرة واليقين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، حيث الإيمان هو أساس الهجرة.<ref>الامثل، ج۲، ص108</ref> | وفي الآية 72 من سورة الأنفال، يُعتبر المهاجرون والأنصار أولياء لبعضهم البعض، ويُحذر من مراعاة من لم يهاجروا.<ref>واکاوی مفهوم هجرت در قرآن کریم بر پایه تحلیل روابط همنشینی، ص 76-77</ref> كما تشير الآية 56 من سورة العنكبوت إلى وجوب الهجرة من مكان تنتشر فيه المعصية.<ref>منتخب میزان الحکمه، ح6348</ref> الهجرة واليقين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، حيث الإيمان هو أساس الهجرة.<ref>الامثل، ج۲، ص108</ref>تعتبر الهجرة مساوية للجهاد في القيمة، ولها آثار وبركات دنيوية وأخروية عديدة.<ref>الأمثل، ج۳، 403 و ص408</ref> | ||
== هجرتان في صدر الإسلام == | |||
تعرض المسلمون في بدايات الإسلام للضغط من مشركي مكة، وقد شهدوا هجرتين. الأولى كانت إلى الحبشة، ويُعتقد أن هذه الهجرة تمت مرتين: الأولى في السنة الخامسة للهجرة، ثم عودة قصيرة، ثم هجرة ثانية.<ref>مهاجرت به حبشه، ص36</ref> | تعرض المسلمون في بدايات الإسلام للضغط من مشركي مكة، وقد شهدوا هجرتين. الأولى كانت إلى الحبشة، ويُعتقد أن هذه الهجرة تمت مرتين: الأولى في السنة الخامسة للهجرة، ثم عودة قصيرة، ثم هجرة ثانية.<ref>مهاجرت به حبشه، ص36</ref> | ||
| سطر ٣٢: | سطر ٢٩: | ||
اختار النبي طريقًا غير الطريق المعتاد للقصّر، وسافر ليلاً بدليل عبد الله بن أريقط، متجنبًا الطرق الرئيسية.<ref>البدء و التاریخ، ج4 ص177</ref> مسار الهجرة كان: مكة، غار ثور، عسفان، أَمَج، رابغ رمل، ثنية المرة، مدلجة الحجاج، جداجد (جباجب)، ذو سلم، عرج، بطن رئم، ملل، وقباء.<ref>الهجره النبویه من خروجه من مکه،ص16</ref> | اختار النبي طريقًا غير الطريق المعتاد للقصّر، وسافر ليلاً بدليل عبد الله بن أريقط، متجنبًا الطرق الرئيسية.<ref>البدء و التاریخ، ج4 ص177</ref> مسار الهجرة كان: مكة، غار ثور، عسفان، أَمَج، رابغ رمل، ثنية المرة، مدلجة الحجاج، جداجد (جباجب)، ذو سلم، عرج، بطن رئم، ملل، وقباء.<ref>الهجره النبویه من خروجه من مکه،ص16</ref> | ||
== تَعَرُّب بعد الهجرة == | |||
"تَعَرُّب بعد الهجرة" أي رجوع المهاجر إلى البادية بعد الهجرة، مُنهَى عنه في الإسلام ويُعد من الكبائر. يعني رجوع الإنسان إلى مكان قد يضع دينه في خطر، أو العودة إلى الجهل. حسب رواية الإمام الصادق(ع)، متعرب بعد الهجرة هو من يدع ولاية أهل البيت بعد معرفتهم.<ref>گناهان کبیره، ج2 ص23</ref> كما ذكر الإمام علي(ع) في نهج البلاغة: «صِرتُم بعد الهجرة أعرابياً».<ref>نهج البلاغه، خطبه192 ص282</ref> | "تَعَرُّب بعد الهجرة" أي رجوع المهاجر إلى البادية بعد الهجرة، مُنهَى عنه في الإسلام ويُعد من الكبائر. يعني رجوع الإنسان إلى مكان قد يضع دينه في خطر، أو العودة إلى الجهل. حسب رواية الإمام الصادق(ع)، متعرب بعد الهجرة هو من يدع ولاية أهل البيت بعد معرفتهم.<ref>گناهان کبیره، ج2 ص23</ref> كما ذكر الإمام علي(ع) في نهج البلاغة: «صِرتُم بعد الهجرة أعرابياً».<ref>نهج البلاغه، خطبه192 ص282</ref> | ||
== بداية التاريخ الإسلامي == | |||
كان العرب قبل الإسلام يعتمدون تقويم عام الفيل. في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، عام 16 أو 17 بعد الهجرة، تم تحديد هجرة النبي من مكة إلى المدينة كبداية لتاريخ المسلمين.<ref>تاریخ الطبری، ج2ص391 و ج4 ص39</ref> وهناك من قال أن النبي نفسه أذن في هذا التقويم.<ref>الصحیح من سیره النبی،ج 5 ص69-36</ref> | كان العرب قبل الإسلام يعتمدون تقويم عام الفيل. في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، عام 16 أو 17 بعد الهجرة، تم تحديد هجرة النبي من مكة إلى المدينة كبداية لتاريخ المسلمين.<ref>تاریخ الطبری، ج2ص391 و ج4 ص39</ref> وهناك من قال أن النبي نفسه أذن في هذا التقويم.<ref>الصحیح من سیره النبی،ج 5 ص69-36</ref> | ||
| سطر ٤٣: | سطر ٤٠: | ||
== المصادر == | == المصادر == | ||
{{الهوامش}} | {{الهوامش}} | ||
* | * الامثل فی تفسیر کتاب الله منزل، ناصر مکارم شیرازی، قم، مدرسه الامام علی بن ابیطالب، 1379ش. | ||
* | * اطلس قرآن، د. شوقی ابوخلیل، ترجمه محمد کرمانی، مشهد، آستان قدس رضوی، ۱۳۸۹ ؛ | ||
* | * البدء و التاریخ، مقدسی مطهر بن طاهر (م۵۰۷ ق )، پورسعید، مکتبه الثقافه الدینیه بی تا؛ | ||
* | * البدایه و النهایه، ابن کثیر اسماعیل بن عمر (م۷۷۴ق )، بیروت، دار الفکر، ۱۴۰۷؛ | ||
* | * التاریخ القویم لمکه و بیت الله الکریم ، کردی محمد طاهر (م۱۴۰۰ق)، بیروت ،دار خضر، ۱۴۲۰ ؛ | ||
* | * تاریخ الیعقوبی، یعقوبی احمد بن ابی یعقوب (م بعد از۲۹۲ ق)، بیروت، دار صادر، بی تا؛ | ||
* | * تاریخ پیامبر اسلام ، آیتی محمد بن ابراهیم، تهران، دانشگاه تهران، ۱۳۶۹؛ | ||
* | * سبل الهدی و الرشاد فی سیره خیر العباد، صالحی شامی محمد بن یوسف (م۹۴۲ ق )، تحقیق عادل احمد عبدالموجود، بیروت، دار الکتب العلمیه، ۱۴۱۴؛ | ||
* | * السیره النبویه، ابن هشام عبدالملک(م ۲۱۸ق)، تحقیق مصطفی السقا و...،بیروت، دار المعرفه بی تا؛ | ||
* | * سیره رسول خدا، رسول جعفریان، قم، دلیل ما، 1383ش. | ||
* | * الصحیح من سیره النبی، عاملی جعفر مرتضی (م1441ق)، قم، دار الحدیث، 1385؛ | ||
* | * گناهان کبیره، شهید محراب آیت الله دستغیب سید عبدالحسین، تهیه و تنظیم سید محمد هاشم دستغیب،شیراز، کانون تربیت، بی تا؛ | ||
* | * لسان العرب، ابن منظور محمد بن مکرم (م711ق)، قم، نشر ادب الحوزه، 1405؛ | ||
* | * منتخب میزان الحکمه، ریشهری محمد، تلخیص سید احمد حسینی، قم، دار الحدیث، 1422؛ | ||
* | * مهاجرت به حبشه، محمد فارس الجمیل، ترجمه علیرضا ذکاوتی، قم، کتابخانه تخصصی تاریخ اسلام و ایران، بیتا. | ||
* | * الهجره النبویه من خروجه من مکه الی استقراره بالمدینه، طرهوبی کعبی محمد بن رزق، جده، مکتبه العلم، 1414. | ||
{{پایان}} | {{پایان}} | ||