الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مستخدم:A.Zaidan/الملعب 4»
سطر ٦: | سطر ٦: | ||
إن كلمة إبراهيم هي كلمة بابلية، وهي عند بعض المعجميين مركبة من "إب" بمعنى الأب، و"راهيم" بمعنى الرحيم.<ref>الصحاح، ج 5، ص 1871؛ لسان العرب، ج 12، ص 48؛ البحر المحیط، ج 1، ص 542.</ref> واعتبر "[[العهدين]]" و"[[القرآن]]" إبراهيم نموذجاً للتسليم [[الله|لله]] <ref>[[سوره هود]]، الآية 75؛ [[سورة التوبة]]، الآية 114</ref> وصاحب أسمى الفضائل الأخلاقية.<ref>کتاب مقدس، پیدایش، 12: 1-3؛ قصص الأنبياء، الجزائري، ص 110.</ref> وقد اعتبره القرآن رجلاً متسامحاً ورؤوفاً، يطلب المغفرة لنفسه وللآخرين، وكان دائماً مطيعاً لله، ويوصي أولاده بالتسليم لحكم الله ومشيئته.<ref>[[سورة البقرة]]، الآية 131، 132</ref> وقد عدّه الله عز وجل "الحنيف" ( المبتعد عن الباطل إلى الحق)<ref>[[سورة النحل]]، الآية 120؛ [[سورة آل عمران]]، الآیة 17، 68؛ [[سورة النساء]]، الآية 125</ref> و"المسلم الأول".<ref>[[سورة الأنعام]]، الآية 163</ref> | إن كلمة إبراهيم هي كلمة بابلية، وهي عند بعض المعجميين مركبة من "إب" بمعنى الأب، و"راهيم" بمعنى الرحيم.<ref>الصحاح، ج 5، ص 1871؛ لسان العرب، ج 12، ص 48؛ البحر المحیط، ج 1، ص 542.</ref> واعتبر "[[العهدين]]" و"[[القرآن]]" إبراهيم نموذجاً للتسليم [[الله|لله]] <ref>[[سوره هود]]، الآية 75؛ [[سورة التوبة]]، الآية 114</ref> وصاحب أسمى الفضائل الأخلاقية.<ref>کتاب مقدس، پیدایش، 12: 1-3؛ قصص الأنبياء، الجزائري، ص 110.</ref> وقد اعتبره القرآن رجلاً متسامحاً ورؤوفاً، يطلب المغفرة لنفسه وللآخرين، وكان دائماً مطيعاً لله، ويوصي أولاده بالتسليم لحكم الله ومشيئته.<ref>[[سورة البقرة]]، الآية 131، 132</ref> وقد عدّه الله عز وجل "الحنيف" ( المبتعد عن الباطل إلى الحق)<ref>[[سورة النحل]]، الآية 120؛ [[سورة آل عمران]]، الآیة 17، 68؛ [[سورة النساء]]، الآية 125</ref> و"المسلم الأول".<ref>[[سورة الأنعام]]، الآية 163</ref> | ||
=== معرفة العرب بإبراهيم (ع) === | === معرفة العرب بإبراهيم (ع) === | ||
كان العرب قبل [[الإسلام]] يعرفون إبراهيم معرفة تامة. وقد تم وضع تشبيه أو تمثال له ول<nowiki/>[[إسماعيل (ع)]] في بيت [[الكعبة]]، وبحسب إحدى الروايات، فقد قام [[النبي (ص)]] بإخراج هذين التمثالين من الكعبة عند فتح [[مكة]]، وحطّمهما.<ref>صحيح البخاري، ج 5، ص 93؛ فتح الباري، ج 8، ص 14.</ref> وبالإضافة لذلك، يمكن العثور على العديد من آثار إبراهيم، بما في ذلك المزارات والمقامات والأعمال التوحيدية المنسوبة إليه، في جميع أنحاء المنطقة الساميّة، من بلاد [[ما بين النهرين]] إلى [[شبه جزيرة سيناء]]، مما يدل على | كان العرب قبل [[الإسلام]] يعرفون إبراهيم معرفة تامة. وقد تم وضع تشبيه أو تمثال له ول<nowiki/>[[إسماعيل (ع)]] في بيت [[الكعبة]]، وبحسب إحدى الروايات، فقد قام [[النبي (ص)]] بإخراج هذين التمثالين من الكعبة عند فتح [[مكة]]، وحطّمهما.<ref>صحيح البخاري، ج 5، ص 93؛ فتح الباري، ج 8، ص 14.</ref> وبالإضافة لذلك، يمكن العثور على العديد من آثار إبراهيم، بما في ذلك المزارات والمقامات والأعمال التوحيدية المنسوبة إليه، في جميع أنحاء المنطقة الساميّة، من بلاد [[ما بين النهرين]] إلى [[شبه جزيرة سيناء]]، مما يدل على سعة طيف تأثيره وعمقه بين قبائل وأمم هذه المنطقة.<ref>العرب والیهود، ص 251، 256.</ref> | ||
== الولادة و الهجرة من بابل == | == الولادة و الهجرة من بابل == | ||
وفي الروايات الإسلامية، نحظى بمعلومات واسعة النطاق عن حياة إبراهيم | وفي الروايات الإسلامية، نحظى بمعلومات واسعة النطاق عن حياة إبراهيم الشخصية، وتتفق جميع الروايات على أن إبراهيم ولد في أرض [[بابل]]، فيما يعرف الآن بجنوب العراق.<ref>معجم البلدان، ج 1، ص 383.</ref> | ||
وقد ورد الحديث عن هجرة إبراهيم (ع) من موطنه عدة مرات في [[القرآن الكريم]].<ref>سورة مريم الآية 48؛ سورة الصافات، آية 99؛ سورة العنکبوت، الآية 26؛ سورة الأنبياء، الآية 71؛</ref>وبحسب التفاسير فإن وجهة هذه الهجرة هي [[الأرض المقدسة|أرض المقدس]]،<ref>جامع البيان، ج 20، ص 174؛ الكافي، ج 8، ص 371؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 45.</ref> وفي رواية غير مشهورة كانت [[مصر]]،<ref>الكامل، ج 1، ص 100.</ref> وفي رواية عن [[ابن عباس]] أن وجهة هجرة إبراهيم | وقد ورد الحديث عن هجرة إبراهيم (ع) من موطنه عدة مرات في [[القرآن الكريم]].<ref>سورة مريم الآية 48؛ سورة الصافات، آية 99؛ سورة العنکبوت، الآية 26؛ سورة الأنبياء، الآية 71؛</ref>وبحسب التفاسير فإن وجهة هذه الهجرة هي [[الأرض المقدسة|أرض المقدس]]،<ref>جامع البيان، ج 20، ص 174؛ الكافي، ج 8، ص 371؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 45.</ref> وفي رواية غير مشهورة كانت [[مصر]]،<ref>الكامل، ج 1، ص 100.</ref> وفي رواية عن [[ابن عباس]] أن وجهة هجرة إبراهيم كانت [[مكة]].<ref>جامع البيان، ج 17، ص2؛ مجمع البيان، ج 7، ص 100.</ref> وكانت هذه الهجرة بعد خلاص إبراهيم من [[نار النمرود]]،<ref>جامع البيان، ج 17، ص 60؛ الكافي، ج 8، ص 370-371.</ref> وفي عدة روايات، كانت بُعيد نفيه على يد [[النمرود]].<ref>الكافي، ج 8، ص 371؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 39-154.</ref> | ||
====رواية التوراة==== | ====رواية التوراة==== | ||
وبحسب رواية [[التوراة]]، فإن إبراهيم خرج من [[أور كلدان]] مع أبيه [[تارح]] وزوجته [[سارة]] وابن أخيه [[لوط]] وهاجروا إلى [[حران|حاران]].<ref>الكتاب المقدس، پیدایش، 11: 31.</ref> ثم خرج من حاران إلى أرض [[كنعان]] بأمر من الله.<ref>الكتاب المقدس، پیدایش، 12: 4-5.</ref> تم ذكر [[أرض المقدس]] على أنها الوجهة النهائية لهجرته.<ref>الكتاب المقدس، پیدایش، 12: 1.</ref> وتؤكد بعض الروايات الإسلامية رواية التوراة، والتي تفيد بأن إبراهيم ذهب أولاً إلى حاران وأقام هناك | وبحسب رواية [[التوراة]]، فإن إبراهيم خرج من [[أور كلدان]] مع أبيه [[تارح]] وزوجته [[سارة]] وابن أخيه [[لوط]] وهاجروا إلى [[حران|حاران]].<ref>الكتاب المقدس، پیدایش، 11: 31.</ref> ثم خرج من حاران إلى أرض [[كنعان]] بأمر من الله.<ref>الكتاب المقدس، پیدایش، 12: 4-5.</ref> تم ذكر [[أرض المقدس]] على أنها الوجهة النهائية لهجرته.<ref>الكتاب المقدس، پیدایش، 12: 1.</ref> وتؤكد بعض الروايات الإسلامية رواية التوراة، والتي تفيد بأن إبراهيم ذهب أولاً إلى حاران وأقام هناك فترة من الزمن، ثم غادرها مرة أخرى إلى [[فلسطين]].<ref>جامع البیان، ج 17، ص 61؛ تفسير القرطبي، ج 15، ص 98؛ ج 23، ص 65؛ إعلام القرآن، ص 23.</ref> | ||
== السفر لمكة == | == السفر لمكة == | ||
يذكر [[القرآن]]، على عكس [[التوراة]]، رحلة إبراهيم إلى [[مكة]]، والتي | يذكر [[القرآن]]، على عكس [[التوراة]]، رحلة إبراهيم إلى [[مكة]]، والتي يُحتمل أنّها حصلت مرتين على الأقل. وفي الرحلة الأولى كانت معه [[هاجر]] و<nowiki/>[[إسماعيل]] أيضاً وأسكنهما بمكة. | ||
وكانت مكة يومئذ أرضاً جرداء لا عشب فيها | وكانت مكة يومئذ أرضاً جرداء لا عشب فيها ولا ماء.<ref>جامع البیان، ج 1، ص 755؛ مجمع البيان، ج 6، ص 84.</ref>﴿رَبَّنا إِنِّي أَسکنتُ مِن ذُرِّیتِي بِواد غَیرِ ذِي زَرع عِندَ بَیتِك المُحَرَّم...﴾<ref>سورة إبراهيم، الآية 37</ref> | ||
وبحسب روايات كثيرة، فإن إسماعيل (ع) كان في هذا السفر طفلاً، | وبحسب روايات كثيرة، فإن إسماعيل (ع) كان في هذا السفر طفلاً، وأبقاه أبوه إبراهيمُ بأمر الله وتأييد جبريل في المكان المسمّى الآن بـ"حجر إسماعيل".<ref>صحيح البخاري، ج 4، ص 116؛ الكافي، ج 4، ص 201.</ref> وفي رواية أخرى، بعد الوصول لمكة وعودة إبراهيم، كاد إسماعيل أن يهلك من شدة العطش، حتى أتاه لطف الله وعثر على الماء في تلك الأرض، ومن ثم أصبحت مقصد القوافل من اليمن.<ref>الكافي، ج 4، ص 20.</ref> وبحسب روايات المفسرين فإن استقرار إسماعيل وهاجر في هذا المكان، و دعائهما بالخير لهذه المدينة، كان عامل قيام مدينة مكة أو ازدهارها.<ref>الميزان، ج 12، ص 68.</ref><ref>حواشي الشرواني، ج 4، ص 66.</ref> | ||
===سفر إبراهيم لمكة مجدداً=== | ===سفر إبراهيم لمكة مجدداً=== | ||
وبحسب الآيات القرآنية، فإن إبراهيم سافر إلى [[مكة]] أكثر من | وبحسب الآيات القرآنية، فإن إبراهيم سافر إلى [[مكة]] أكثر من مرة، ففي سفره الأول أودع هناك [[هاجر]] وابنه الرضيع [[إسماعيل]]،<ref>[[سورة إبراهيم]]، الآية 37</ref> وفي سفره الثاني بنى [[الكعبة]] بمساعدة ابنه الصغير إسماعيل وأدى مناسك [[الحج]].<ref>[[سورة البقرة]]، الآية 127</ref> | ||
== بناء الكعبة == | == بناء الكعبة == | ||
ومن ظاهر بعض الآيات | ومن ظاهر بعض الآيات كالآية:﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيت وُضِعَ لِلنّاس...﴾<ref>[[سورة آل عمران]]، الآية 96</ref> والروايات الصريحة، يظهر أن [[الكعبة]] كانت موجودة قبل إبراهيم وبنيت بيد [[آدم (ع)|آدم]].<ref>مجمع البيان، ج 1، ص 386؛ فتح الباري، ج 6، ص 290-291؛ كنز الدقائق، ج 1، ص 338-339.</ref>ومن ناحية أخرى، يعتبر بعض المفسرين أن إبراهيم هو مؤسس الكعبة، ويعتبرون خبر بناء الكعبة على يد آدم (ع) ضعيفاً.<ref>تفسير ابن كثير، ج 1، ص 391.<nowiki></ref> | ||
ومن الروايات الكثيرة الواردة أن مكان الكعبة لم يكن معروفاً لإبراهيم في البداية، و<nowiki/>[[جبرائيل]] هو من علّمه مكان بنائها.<ref>تفسير القمي، ج 1، ص 62؛ مجمع البيان، ج 1، ص 389؛ بحار الأنوار، ج 96، ص 38.</ref> ولم يرد ضمن آيات [[القرآن]] الأمر ببناء الكعبة لإبراهيم صراحة؛ لكن جاء في بعض الروايات التي تمسك بها المفسرون أن [[الله]] وكل إليه أمر بنائها.<ref>تفسير القمي، ج 1، ص 61؛ الصافي، ج 1، ص 189؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 99.</ref> | ومن الروايات الكثيرة الواردة أن مكان الكعبة لم يكن معروفاً لإبراهيم في البداية، و<nowiki/>[[جبرائيل]] هو من علّمه مكان بنائها.<ref>تفسير القمي، ج 1، ص 62؛ مجمع البيان، ج 1، ص 389؛ بحار الأنوار، ج 96، ص 38.</ref> ولم يرد ضمن آيات [[القرآن]] الأمر ببناء الكعبة لإبراهيم صراحة؛ لكن جاء في بعض الروايات التي تمسك بها المفسرون أن [[الله]] وكل إليه أمر بنائها.<ref>تفسير القمي، ج 1، ص 61؛ الصافي، ج 1، ص 189؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 99.</ref> | ||
ولم يكن إبراهيم وحده عند بناء الكعبة، بل ساعده [[إسماعيل]] وأحضر له الآجر أو الأحجار، وقام إبراهيم ببنائها.<ref>تفسير الثعلبي، ج 1، ص 274؛ المیزان، ج 1، ص 292؛ مجمع البيان، ج 1، ص 389.</ref> وذكر في بعض الروايات كذلك عن | ولم يكن إبراهيم وحده عند بناء الكعبة، بل ساعده [[إسماعيل]] وأحضر له الآجر أو الأحجار، وقام إبراهيم ببنائها.<ref>تفسير الثعلبي، ج 1، ص 274؛ المیزان، ج 1، ص 292؛ مجمع البيان، ج 1، ص 389.</ref> وذكر في بعض الروايات كذلك عن معونة الملائكة لهما.<ref>عمدة القارئ، ج 9، ص 213.</ref> وكانت مواد البناء عبارة عن نوع من الآجر أو الحجر الأحمر تم جلبها من خمسة جبال مختلفة حول الكعبة، وبحسب رواية أخرى أنهم أحضروها من [[جبل طوى]].<ref>تفسير القمي، ج 1، ص 62؛ عمدة القارئ، ج 9، ص 213؛ الصافي، ج 1، ص 189.</ref> | ||
=== مقام إبراهيم === | === مقام إبراهيم === |
مراجعة ١١:٤٨، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
https://wikihaj.com/view/%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%AA_%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%DB%8C%D9%85(%D8%B9)
يعتبر إبراهيم (ع) من بين أتباع الديانات التوحيدية، وزعيم الموحِّدين وأبو الأمم الموحِّدة. كما ويُعرف في الأدب الإسلامي وفي القرآن بأنه باني أو مرمم الكعبة. وقد ورد في القرآن والأحاديث الإسلامية عن حجّه وهجرته إلى مكة وبناء الكعبة بمشاركة إسماعيل (ع).
إبراهيم (ع) بين القبائل والأمم
إن كلمة إبراهيم هي كلمة بابلية، وهي عند بعض المعجميين مركبة من "إب" بمعنى الأب، و"راهيم" بمعنى الرحيم.[١] واعتبر "العهدين" و"القرآن" إبراهيم نموذجاً للتسليم لله [٢] وصاحب أسمى الفضائل الأخلاقية.[٣] وقد اعتبره القرآن رجلاً متسامحاً ورؤوفاً، يطلب المغفرة لنفسه وللآخرين، وكان دائماً مطيعاً لله، ويوصي أولاده بالتسليم لحكم الله ومشيئته.[٤] وقد عدّه الله عز وجل "الحنيف" ( المبتعد عن الباطل إلى الحق)[٥] و"المسلم الأول".[٦]
معرفة العرب بإبراهيم (ع)
كان العرب قبل الإسلام يعرفون إبراهيم معرفة تامة. وقد تم وضع تشبيه أو تمثال له ولإسماعيل (ع) في بيت الكعبة، وبحسب إحدى الروايات، فقد قام النبي (ص) بإخراج هذين التمثالين من الكعبة عند فتح مكة، وحطّمهما.[٧] وبالإضافة لذلك، يمكن العثور على العديد من آثار إبراهيم، بما في ذلك المزارات والمقامات والأعمال التوحيدية المنسوبة إليه، في جميع أنحاء المنطقة الساميّة، من بلاد ما بين النهرين إلى شبه جزيرة سيناء، مما يدل على سعة طيف تأثيره وعمقه بين قبائل وأمم هذه المنطقة.[٨]
الولادة و الهجرة من بابل
وفي الروايات الإسلامية، نحظى بمعلومات واسعة النطاق عن حياة إبراهيم الشخصية، وتتفق جميع الروايات على أن إبراهيم ولد في أرض بابل، فيما يعرف الآن بجنوب العراق.[٩]
وقد ورد الحديث عن هجرة إبراهيم (ع) من موطنه عدة مرات في القرآن الكريم.[١٠]وبحسب التفاسير فإن وجهة هذه الهجرة هي أرض المقدس،[١١] وفي رواية غير مشهورة كانت مصر،[١٢] وفي رواية عن ابن عباس أن وجهة هجرة إبراهيم كانت مكة.[١٣] وكانت هذه الهجرة بعد خلاص إبراهيم من نار النمرود،[١٤] وفي عدة روايات، كانت بُعيد نفيه على يد النمرود.[١٥]
رواية التوراة
وبحسب رواية التوراة، فإن إبراهيم خرج من أور كلدان مع أبيه تارح وزوجته سارة وابن أخيه لوط وهاجروا إلى حاران.[١٦] ثم خرج من حاران إلى أرض كنعان بأمر من الله.[١٧] تم ذكر أرض المقدس على أنها الوجهة النهائية لهجرته.[١٨] وتؤكد بعض الروايات الإسلامية رواية التوراة، والتي تفيد بأن إبراهيم ذهب أولاً إلى حاران وأقام هناك فترة من الزمن، ثم غادرها مرة أخرى إلى فلسطين.[١٩]
السفر لمكة
يذكر القرآن، على عكس التوراة، رحلة إبراهيم إلى مكة، والتي يُحتمل أنّها حصلت مرتين على الأقل. وفي الرحلة الأولى كانت معه هاجر وإسماعيل أيضاً وأسكنهما بمكة.
وكانت مكة يومئذ أرضاً جرداء لا عشب فيها ولا ماء.[٢٠]﴿رَبَّنا إِنِّي أَسکنتُ مِن ذُرِّیتِي بِواد غَیرِ ذِي زَرع عِندَ بَیتِك المُحَرَّم...﴾[٢١]
وبحسب روايات كثيرة، فإن إسماعيل (ع) كان في هذا السفر طفلاً، وأبقاه أبوه إبراهيمُ بأمر الله وتأييد جبريل في المكان المسمّى الآن بـ"حجر إسماعيل".[٢٢] وفي رواية أخرى، بعد الوصول لمكة وعودة إبراهيم، كاد إسماعيل أن يهلك من شدة العطش، حتى أتاه لطف الله وعثر على الماء في تلك الأرض، ومن ثم أصبحت مقصد القوافل من اليمن.[٢٣] وبحسب روايات المفسرين فإن استقرار إسماعيل وهاجر في هذا المكان، و دعائهما بالخير لهذه المدينة، كان عامل قيام مدينة مكة أو ازدهارها.[٢٤][٢٥]
سفر إبراهيم لمكة مجدداً
وبحسب الآيات القرآنية، فإن إبراهيم سافر إلى مكة أكثر من مرة، ففي سفره الأول أودع هناك هاجر وابنه الرضيع إسماعيل،[٢٦] وفي سفره الثاني بنى الكعبة بمساعدة ابنه الصغير إسماعيل وأدى مناسك الحج.[٢٧]
بناء الكعبة
ومن ظاهر بعض الآيات كالآية:﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيت وُضِعَ لِلنّاس...﴾[٢٨] والروايات الصريحة، يظهر أن الكعبة كانت موجودة قبل إبراهيم وبنيت بيد آدم.[٢٩]ومن ناحية أخرى، يعتبر بعض المفسرين أن إبراهيم هو مؤسس الكعبة، ويعتبرون خبر بناء الكعبة على يد آدم (ع) ضعيفاً.[٣٠]
ومن الروايات الكثيرة الواردة أن مكان الكعبة لم يكن معروفاً لإبراهيم في البداية، وجبرائيل هو من علّمه مكان بنائها.[٣١] ولم يرد ضمن آيات القرآن الأمر ببناء الكعبة لإبراهيم صراحة؛ لكن جاء في بعض الروايات التي تمسك بها المفسرون أن الله وكل إليه أمر بنائها.[٣٢]
ولم يكن إبراهيم وحده عند بناء الكعبة، بل ساعده إسماعيل وأحضر له الآجر أو الأحجار، وقام إبراهيم ببنائها.[٣٣] وذكر في بعض الروايات كذلك عن معونة الملائكة لهما.[٣٤] وكانت مواد البناء عبارة عن نوع من الآجر أو الحجر الأحمر تم جلبها من خمسة جبال مختلفة حول الكعبة، وبحسب رواية أخرى أنهم أحضروها من جبل طوى.[٣٥]
مقام إبراهيم
- صفحة مفصلة: مقام إبراهيم
يوجد بجانب الكعبة أثر آخر لإبراهيم. ﴿وَإِذ جَعَلنَا البَيتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبرَاهِيمَ مُصَلًّی﴾[٣٦] ويقال أن هذا هو نفس الحجر الذي وضعه تحت قدميه أثناء بناء الكعبة. كما اعتبر البعض أن بيت الكعبة نفسه هو مقام إبراهيم.[٣٧]
دعوة الناس إلى الحج
بحسب الروايات، بعد بناء الكعبة، أُعطي إبراهيم الأمر بأن يدعو الناس إلى الحج أمراً من عند الله. ﴿وأَذِّن في النّاسِ بِالحَجّ...﴾[٣٨]فوقف على جبل أبي قبيس ووضع يده على أذنه وصاح: أيها الناس! لبّوا نداء ربكم. وكان أول من لبى نداءه، جماعة من قبيلة يمنية تسمى جُرْهُم.[٣٩]
حج إبراهيم (ع)
ويُستشف من ظاهر الآيات القرآنية أن إبراهيم لم يكن على دراية بمناسك الحج. لذلك طلب من الله عز و جل أن يعلمه ذلك: ﴿... وأَرِنا مَناسِكنا...﴾[٤٠]. وقد ذكر المفسرون روايات تدل على أن جبرائيل علم إبراهيم مناسك الحج.[٤١][٤٢]
وليس هناك مستمسك حول عدد حجج إبراهيم (ع)؛ ويقال أن أول حج لإبراهيم كان بعد بناء بيت الله.[٤٣] كما أن هذا الرأي محل تأييد من يعتبره مؤسس الكعبة،[٤٤] والحال أنه قد جاء في الروايات أن أول حج لإبراهيم كان قبل بناء الكعبة.[٤٥]
الهوامش
- ↑ الصحاح، ج 5، ص 1871؛ لسان العرب، ج 12، ص 48؛ البحر المحیط، ج 1، ص 542.
- ↑ سوره هود، الآية 75؛ سورة التوبة، الآية 114
- ↑ کتاب مقدس، پیدایش، 12: 1-3؛ قصص الأنبياء، الجزائري، ص 110.
- ↑ سورة البقرة، الآية 131، 132
- ↑ سورة النحل، الآية 120؛ سورة آل عمران، الآیة 17، 68؛ سورة النساء، الآية 125
- ↑ سورة الأنعام، الآية 163
- ↑ صحيح البخاري، ج 5، ص 93؛ فتح الباري، ج 8، ص 14.
- ↑ العرب والیهود، ص 251، 256.
- ↑ معجم البلدان، ج 1، ص 383.
- ↑ سورة مريم الآية 48؛ سورة الصافات، آية 99؛ سورة العنکبوت، الآية 26؛ سورة الأنبياء، الآية 71؛
- ↑ جامع البيان، ج 20، ص 174؛ الكافي، ج 8، ص 371؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 45.
- ↑ الكامل، ج 1، ص 100.
- ↑ جامع البيان، ج 17، ص2؛ مجمع البيان، ج 7، ص 100.
- ↑ جامع البيان، ج 17، ص 60؛ الكافي، ج 8، ص 370-371.
- ↑ الكافي، ج 8، ص 371؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 39-154.
- ↑ الكتاب المقدس، پیدایش، 11: 31.
- ↑ الكتاب المقدس، پیدایش، 12: 4-5.
- ↑ الكتاب المقدس، پیدایش، 12: 1.
- ↑ جامع البیان، ج 17، ص 61؛ تفسير القرطبي، ج 15، ص 98؛ ج 23، ص 65؛ إعلام القرآن، ص 23.
- ↑ جامع البیان، ج 1، ص 755؛ مجمع البيان، ج 6، ص 84.
- ↑ سورة إبراهيم، الآية 37
- ↑ صحيح البخاري، ج 4، ص 116؛ الكافي، ج 4، ص 201.
- ↑ الكافي، ج 4، ص 20.
- ↑ الميزان، ج 12، ص 68.
- ↑ حواشي الشرواني، ج 4، ص 66.
- ↑ سورة إبراهيم، الآية 37
- ↑ سورة البقرة، الآية 127
- ↑ سورة آل عمران، الآية 96
- ↑ مجمع البيان، ج 1، ص 386؛ فتح الباري، ج 6، ص 290-291؛ كنز الدقائق، ج 1، ص 338-339.
- ↑ تفسير ابن كثير، ج 1، ص 391.<nowiki>
- ↑ تفسير القمي، ج 1، ص 62؛ مجمع البيان، ج 1، ص 389؛ بحار الأنوار، ج 96، ص 38.
- ↑ تفسير القمي، ج 1، ص 61؛ الصافي، ج 1، ص 189؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 99.
- ↑ تفسير الثعلبي، ج 1، ص 274؛ المیزان، ج 1، ص 292؛ مجمع البيان، ج 1، ص 389.
- ↑ عمدة القارئ، ج 9، ص 213.
- ↑ تفسير القمي، ج 1، ص 62؛ عمدة القارئ، ج 9، ص 213؛ الصافي، ج 1، ص 189.
- ↑ سورة البقرة، الآية 125؛ وسورة آل عمران، الآية 97
- ↑ جامع البيان، ج 1، ص 746-747؛ التفسير الکبير، ج 4، ص 54.
- ↑ سورة الحجّ، الآية 27
- ↑ الكافي، ج 4، ص 205؛ عمدة القارئ، ج 9، ص 128؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 15.
- ↑ سورة البقرة، الآية 128
- ↑ تفسير ابن کثير، ج 1، ص 189؛ الدر المنثور، ج 1، ص 137.
- ↑ بحار الأنوار، ج 12، ص 100.
- ↑ تفسير ابن کثير، ج 1، ص 189؛ بحار الأنوار، ج 12، ص 100.
- ↑ التبيان، ج 1، ص 462.
- ↑ الكافي، ج 4، ص 202-203.
المنابع
- إعلام القرآن: شبستري، قم، دفتر تبليغات، 1379 ش.
- بحار الأنوار: المجلسي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ.
- البحر المحیط: أبو حيان الأندلسي، بقلم عادل أحمد وآخرون، بيروت، دار الكتب العلمية، 1422 هـ.
- التبيان: الطوسي، بقلم العاملي، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- تفسير ابن کثير (تفسير القرآن العظيم): ابن کثير، بقلم المرعشلي، بيروت، دار المعرفة، 1409 هـ.
- التفسير الکبير: الفخر الرازي، قم، مكتب الإعلانات، 1413 هـ.
- تفسير الثعلبي (الكشف والبيان): الثعلبي، بقلم ابن عاشور، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1422 هـ.
- تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن): القرطبي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1405 هـ.
- جامع البيان: الطبري، بقلم صدقي جميل، بيروت، دار الفكر، 1415 هـ.
- حواشي الشرواني والعبادي: الشرواني والعبادي، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- الدر المنثور: السيوطي، بيروت، دار المعرفة، 1365 هـ.
- الصافي: الفيض الكاشاني، بيروت، الأعلمي، 1402 هـ.
- الصحاح: الجوهري، بقلم أحمد العطار، بيروت، دار العلم للملايين، 1407 هـ.
- صحيح البخاري: البخاري، بيروت، دار الفكر، 1401 هـ.
- العرب واليهود في التاريخ: أحمد سوسة، دمشق، 1972 م.
- عمدة القارئ: العيني، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- فتح الباري: ابن حجر العسقلاني، بيروت، دار المعرفة.
- قصص الأنبياء: ابن كثير، بقلم مصطفی عبد الواحد، دار الكتب الحديثة، 1388 هـ.
- قصص الأنبياء: الجزائري، قم، الشريف الرضي.
- الكافي: الكلیني، بقلم الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1375ش.
- الكامل في التاريخ: ابن اثير علي بن محمد الجزري، بيروت، دار صادر، 1385 هـ.
- الكتاب المقدس
- الكتاب المقدس: ترجمة: فاضل خان همداني، ويليام گلن، هنري مرتن، طهران، أساطير، 1380 ش.
- کنز الدقايق: المشهدي، بقلم درگاهي، طهران، وزارة الإرشاد، 1411 هـ.
- لسان العرب: ابن منظور، قم، أدب الحوزة، 1405 هـ.
- مجمع البيان: الطبرسي، بقلم مجموعة من العلماء، بيروت، الأعلمي، 1415 هـ.
- معجم البلدان: ياقوت الحموي، بيروت، دار صادر، 1995 م.
- الميزان: الطباطبائي، بيروت، الأعلمي، 1393 هـ.
- وسائل الشيعة: الحر العاملي، قم، آل البيت:، 1412 هـ.