الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ابو طالب»
أنشأ الصفحة ب''''هو ابو طالب، عبدمناف بن عبد المطلب'''، عم النبي محمد (ص) وحاميه، وأبو الإمام علي (ع). تولى أبو طالب السقاية بعد وفاة أبيه عبد المطلب، وعهد إليه برعاية النبي (ص) منذ كان عمره ثماني سنوات وظل يدعمه حتى وفاته. اشتهر أبو طالب بسمو الأخلاق، والحك...' |
لا ملخص تعديل |
||
| سطر ٣: | سطر ٣: | ||
اشتهر أبو طالب بسمو الأخلاق، والحكمة، والنفوذ بين القبائل، فكان يُحكَّم في النزاعات. ويُعتبر مؤسس تقليد "القَسامة" (اليمين في الشهادة لأولياء الدم) الذي استمر في [[الاسلام|الإسلام]]. كان أبو طالب من أبرز شعراء عصره، ومن أشهر قصائده "اللامية" التي نظمها دفاعاً عن النبي (ص) أثناء حصار [[شعب أبي طالب]]. جُمعت أشعاره في "ديوان أبي طالب" بواسطة أبي هفان المهزمي (القرن الثالث الهجري). | اشتهر أبو طالب بسمو الأخلاق، والحكمة، والنفوذ بين القبائل، فكان يُحكَّم في النزاعات. ويُعتبر مؤسس تقليد "القَسامة" (اليمين في الشهادة لأولياء الدم) الذي استمر في [[الاسلام|الإسلام]]. كان أبو طالب من أبرز شعراء عصره، ومن أشهر قصائده "اللامية" التي نظمها دفاعاً عن النبي (ص) أثناء حصار [[شعب أبي طالب]]. جُمعت أشعاره في "ديوان أبي طالب" بواسطة أبي هفان المهزمي (القرن الثالث الهجري). | ||
بعد الدعوة العلنية للإسلام، دافع أبو طالب باستمرار عن النبي (ص) ضد ضغوط قريش التي طالبت بمناهضة الدعوة أو تسليمه. خلال الحصار الاقتصادي الذي استمر ثلاث سنوات، أنفق أبو طالب من أمواله لدعم المسلمين. | بعد الدعوة العلنية للإسلام، دافع أبو طالب باستمرار عن النبي (ص) ضد ضغوط [[قريش]] التي طالبت بمناهضة الدعوة أو تسليمه. خلال الحصار الاقتصادي الذي استمر ثلاث سنوات، أنفق أبو طالب من أمواله لدعم المسلمين. | ||
يؤمن الشيعة وجماعة من علماء أهل السنة - بناءً على روايات أهل البيت (ع) وبعض الشواهد - بإيمان أبي طالب، وألّفوا كتباً في إثبات إيمانه تحت عنوان "إيمان أبي طالب". | يؤمن الشيعة وجماعة من علماء [[أهل السنة]] - بناءً على روايات [[أهل البيت (ع)]] وبعض الشواهد - بإيمان أبي طالب، وألّفوا كتباً في إثبات إيمانه تحت عنوان "إيمان أبي طالب". | ||
== السيرة الذاتية == | == السيرة الذاتية == | ||
هو عبد مناف بن عبد المطلب بن | هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۱؛ الطبقات، خلیفه، ص۳۰؛ تاریخ یعقوبی، ج۲، ص۱۱.</ref>، المشهور بكنيته "أبو طالب".<ref>عمدة الطالب، ص۲۰؛ الاصابه، ج۷، ص۱۹۶.</ref> وُلد قبل [[الهجرة]] بأكثر من ثمانين عاماً.<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۵؛ انساب الاشراف، ج۲، ص۲۸۹.</ref> كان أبوه [[عبدالمطلب]] سيد [[مكة]] ورئيس [[قريش]]<ref>السیرة النبویه، ج۱، ص۱۴۲.</ref>، وأمه فاطمة بنت عمرو بن عائذ من [[بني مخزوم]].<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۹۲؛ انساب الاشراف، ج۲، ص۲۸۸.</ref> | ||
=== الزوجة والأبناء === | === الزوجة والأبناء === | ||
ذكر المؤرخون أن له من زوجته فاطمة بنت أسد أربعة أبناء: | ذكر المؤرخون أن له من زوجته [[فاطمة بنت أسد]]<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۱-۱۲۲؛ ج۸، ص۴۸؛ انساب الاشراف، ج۲، ص۲۹۵؛ تاریخ یعقوبی، ج۲، ص۱۴.</ref> أربعة أبناء: [[طالب]]، و<nowiki/>[[عقيل]]، و<nowiki/>[[جعفر الطيار|جعفر]]، و<nowiki/>[[علي (ع)]]<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۱-۱۲۲؛ ج۸، ص۵۱؛ مقاتل الطالبیین، ص۳.</ref>، وثلاث بنات: [[أم هاني]]<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۲؛ ج۸، ص۱۵۱.</ref>، وجمانة، وريطة.<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۲؛ ج۸، ص۴۸.</ref> وذُكر أن له من زوجة أخرى اسمها علّة ابناً اسمه طُلَيق.<ref>الطبقات، ابن سعد، ج۱، ص۱۲۲؛ ج۸، ص۴۸.</ref> | ||
=== | === السِّقاية === | ||
كان هاشم بن عبد مناف، جدُّ أبي طالب، يتولّى ضيافة الحُجّاج وخدمتهم (السقاية والرفادة) في مكّة. وبعد هاشم تولّى ابنه عبد المطلب هذه المهمّة، ثم تولّاها بعده أبو طالب نفسه مدة ثلاث سنوات. وقيل إنّ أبا طالب لم يكن يملك القدرة المالية على متابعتها، لذلك سلّمها إلى أخيه العباس. | |||
وتكفّل أبو طالب بإصلاح الكعبة بعد السيل الذي اجتاح مكة وألحق الضرر بالبيت، وأمر بأن يُستعمل في ترميمها مالٌ طيّبٌ وخالص. وكان النبي(ص) في ذلك الوقت ابن خمسٍ وعشرين سنة، وفي هذه الحادثة نشأ الخلاف حول من يضع الحجر الأسود في موضعه. | |||
---- | |||
=== المكانة الاجتماعية === | === المكانة الاجتماعية === | ||
كان أبو طالب | وبحسب حديث مرويّ عن الإمام علي(ع)، كان أبو طالب ـ مع فقره ـ سيّد قريش، ولم يُعرَف قبلَه فقيرٌ تولّى رئاسة قريش.[٦] وكانت مَكارمه مشهورة بينهم. ولِما كان له من حكمةٍ ونفوذ كلمة، كانت القبائل تحكمه بينهم عند وقوع الخلافات. ويُنسب إليه تأسيس سُنّة «القَسامة»؛ وهو الحلف بالأيمان عند الشهادة لأولياء الدم.[٧] وظلّت هذه السنّة معمولاً بها في الإسلام أيضاً.[٨] | ||
---- | |||
=== الخصائص === | |||
كان أبو طالب مشهوراً بالسَّخاء.[٩] كما كان شاعراً قويّاً متميّزاً.[١٠] وقد لقي شعره في القرون الإسلامية الأولى اهتماماً لدى كبار الشعراء والأدباء.[١١] وقد نظم في نصرة النبي(ص) قصيدةً اشتهرت بـ «اللاميّة».[١٢] وجُمعت أشعاره في القرن الثالث الهجري على يد أبي هِفّان المهزمي بعنوان ''ديوان أبي طالب''.[١٣] | |||
---- | |||
=== وفاته === | |||
توفّي أبو طالب في شهر ذي القعدة أو في منتصف شوّال من العام العاشر للبعثة، وهو في السادسة والثمانين من عمره، وقيل في التاسعة والثمانين أو التسعين.[١٤] ودُفن ـ كما دُفن أبوه عبد المطلب[١٥] ـ في مقبرة جَنّة المعلّى بمكة.[١٦] وسمّى النبي(ص) ذلك العام الذي شهد وفاة أبي طالب وخديجة بـ «عام الحُزن».[١٧] وبعد وفاته اشتدّت الضغوط على المسلمين.[١٨] والمقبرة التي دُفن فيها تُعرف لدى الإيرانيين باسم «مقبرة أبي طالب».[١٩] | |||
---- | |||
=== | === كفالته للنبي(ص) === | ||
بعد وفاة عبد المطلب، تولّى أبو طالب ـ وفق وصيّته ـ كفالة النبي(ص) وكان حينها في الثامنة من عمره.[٢٠] وقد نُقل أنّ أبا طالب كان يُظهر له من المحبة ما لم يُظهره لأبنائه، ويُهيّئ له أفضل الطعام، ويجعل فراشه إلى جانب فراشه، ويحرص على أن يصحبه دائماً.[٢١] وكان يأخذه معه في سفراته التجارية، وفي إحدى تلك الرحلات حدثت حادثة لقاء الراهب بَحيرا وبشارته لأبي طالب بنبوّة محمد(ص).[٢٢] | |||
وقد نصح أبو طالب النبي(ص) بالعمل التجاري مع خديجة،[٢٣] ثم مثّلَهُ في خطبتها،[٢٤] وقيل إنّه هو الذي تولّى عقد الزواج أيضاً.[٢٥] | |||
---- | |||
== | === دعمه للنبي(ص) === | ||
بعد أن صدع النبي(ص) بالدعوة جهراً، ازدادت ضغوط قريش على أبي طالب.[٢٦] وفي يوم الإنذار، حيث كان المدعوون من بني هاشم، لامه بعض الهواشم مثل أبي لهب. وحين أعلن النبي(ص) في ذلك المجلس أنّ عليّاً(ع) هو أخوه ووصيّه وخليفته، استهزأ بعضهم بأبي طالب وقالوا: لقد أمرك أن تطيع ولدك![٢٧] | |||
وتذكر الروايات أنّ زعماء قريش جاؤوا إليه ثلاث مرات يطلبون منه أن يمنع محمداً من الدعوة، أو يسلمه إليهم.[٢٨] | |||
وكان أبو طالب يسعى لإقناعهم، وفي الوقت نفسه كان يحذّر النبي(ص) من أخطار دعوتهم.[٢٩] حتى إنّهم عرضوا عليه مبادلة محمد(ص) بعمارة بن الوليد المخزومي، وكان شاباً وسيماً ذكيّاً،[٣٠] فغضب غضباً شديداً، وأنّبهم بشعرٍ نظمه،[٣١] وبحسب رواية أخرى هددهم بالقتل.[٣٢] | |||
وقد نقلت مصادر كثيرة أشعاراً لأبي طالب في نصرة النبي(ص).[٣٣] وفي العام السابع، حين علم أنّ قريشاً تنوي قتل النبي، أنشد: '''"واللهِ لا يَصلونَ إليكَ بجَمعِهِم … حتى أُوَسَّدَ في التُّرابِ دَفِيناً"'''.[٣٤] | |||
---- | |||
=== دعمه للمسلمين في شِعْب أبي طالب === | |||
في العام السابع للبعثة، وبعد الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش، اضطرّ بنو هاشم وسائر المسلمين للإقامة في شعب أبي طالب.[٣٥] وكان أبو طالب ممّن بذلوا أموالهم في حماية المسلمين ودعمهم.[٣٦] | |||
---- | |||
إيمان أبي طالب | === إيمان أبي طالب === | ||
اختلف العلماء المسلمون في إيمان أبي طالب. فعلماء الشيعة ـ اعتماداً على روايات أهل البيت(ع)[٣٧] ـ يعتقدون أنّه آمن بالنبي(ص). وبعض علماء السنّة استدلّوا على إيمانه بقرائن منها: أنّ النبي(ص) أمر بغسله، وأنه استغفر له، وأن زوجته فاطمة بنت أسد بقيت معه وهي مسلمة، إضافةً إلى مضامين أشعاره.[٣٨] | |||
أما الذين نفوا إيمانه، فقالوا إنه لم يتلفّظ بالشهادتين، وإنّ الآية ٢٦ من سورة الأنعام[٣٩] والآية ١١٣ من سورة التوبة نزلتا فيه. لكنّ آخرين ردّوا ذلك بقولهم: إنّه قال الشهادتين ولكنه أخفاهما ليحمي النبي،[٤٠] وإنّ آيات سورة الأنعام نزلت دفعةً واحدة وليس لها شأن نزول مستقل، وإنّ آية النهي عن الاستغفار نزلت في المدينة بعد وفاة أبي طالب،[٤١] فلا تصلح دليلاً على نفي إيمانه. | |||
== الهوامش == | == الهوامش == | ||