الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كربلاء»
أنشأ الصفحة ب''''كربلاء''' مدينةٌ في العراق تقعُ على ضفاف نهر الفرات، على بُعد ١٠٤ كيلومترات من بغداد. وهي مركزُ محافظةِ كربلاء، وتتميّز بمناخٍ صحراويّ حارّ، ويزيد عدد سكانها على مليونٍ ومئتي ألف نسمة، وغالبيتهم من العرب الناطقين بالعربية ومن أتباع المذهب الشيعي. وقد عُرف...' |
لا ملخص تعديل |
||
| سطر ١: | سطر ١: | ||
'''كربلاء''' مدينةٌ في العراق تقعُ على ضفاف نهر | '''كربلاء''' مدينةٌ في [[العراق]] تقعُ على ضفاف نهر [[الفرات]]، على بُعد ١٠٤ كيلومتر من [[بغداد]]. وهي مركزُ محافظةِ كربلاء، وتتميّز بمناخٍ صحراويّ حارّ، ويزيد عدد سكانها على مليونٍ ومئتي ألف نسمة، وغالبيتهم من العرب الناطقين بالعربية ومن أتباع [[المذهب الشيعي]]. | ||
وقد عُرفت كربلاء قبل الإسلام بأسماءٍ مختلفة منها «كور بابل»، غير أنّ شهرتها العالمية ترتبط بواقعة عاشوراء وبوجود مرقد الإمام الحسين(ع) | وقد عُرفت كربلاء قبل الإسلام بأسماءٍ مختلفة منها «كور بابل»، غير أنّ شهرتها العالمية ترتبط بواقعة [[عاشوراء]] وبوجود [[مرقد الإمام الحسين(ع)]] و<nowiki/>[[مرقد أبي الفضل العباس(ع)]]. وتضمّ المدينةُ إضافةً إلى المرقدين الشريفين عدداً من المواقع الدينية مثل [[المخيّم]]، وبين الحرمين، وموقع المقتَل. وفي موسم [[الأربعين]] تستقبل المدينة ملايين الزائرين من مختلف دول العالم. | ||
وعرفت كربلاء عبر التاريخ أحداثاً كثيرة من هجماتِ الوهابيين | وعرفت كربلاء عبر التاريخ أحداثاً كثيرة من هجماتِ [[الوهابيين]] و<nowiki/>[[العثمانيين]] ونظام البعث العراقي، غير أنّها ظلّت رمزاً للصمود والولاء لأهل البيت(ع). | ||
== جغرافية كربلاء == | |||
تقع كربلاء في وسط العراق، إلى الجنوب الغربي من نهر | تقع كربلاء في وسط العراق، إلى الجنوب الغربي من نهر [[الفرات]]، وعلى مسافة ١٠٤ كيلومترات تقريباً إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد، وتفصلها عن [[النجف]] مسافة ٧٨ كيلومتراً.<ref>عتبات عالیات عراق، ص۹۵؛ همسفر، ره توشه زائران، ص175.</ref> تقع المدينة على خطّ طول ٤٤ درجة، وخطّ عرض ٣٣ درجة و٣١ دقيقة، وتبلغ مساحتها نحو ٥٢ كيلومتراً مربعاً.<ref>همسفر، ره توشه زائران، ص 175.</ref> وهي قائمةٌ على سهلٍ واسع ذي مناخٍ صحراويّ حارّ وجافّ، ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين ٢٠ و٤٥ متراً. ويُعدّ نهر الفرات أهمَّ موردٍ مائيّ لها.<ref>همسفر، ره توشه زائران، ص 175.</ref> وتنقسم كربلاء إلى قسمين: المدينة القديمة والمدينة الحديثة.<ref>همسفر، ره توشه زائران، ص 176.</ref> | ||
=== السكان والديموغرافيا === | === السكان والديموغرافيا === | ||
يعتنقُ معظمُ سكان كربلاء المذهبَ | يعتنقُ معظمُ سكان كربلاء [[المذهب الشيعي|المذهبَ الشيعي]]، ويتحدّثون اللغة العربية. ويزيد عددهم على مليونٍ ومئتي ألف نسمة، مما يجعلها من المدن الكبيرة في [[العراق]]. أمّا في المواسم الكبرى مثل [[الأربعين]]، فإنّ المدينة تستقبل أكثر من عشرين مليون زائرٍ يدخلونها تباعاً ويغادرونها بعد أداء [[الزيارة]] والإقامة القصيرة.<ref>آشنايى با تاريخ تمدن اسلامى، ص146.</ref> | ||
== الاسم وأصل التسمية == | |||
=== في الروايات الدينية === | |||
تفيد بعض الروايات بأنّ أرض كربلاء كانت تُعرف بهذا الاسم منذ عهد آدم(ع)، بل ورد أنها كانت معروفةً في العلم الإلهي بهذا الاسم قبل خلق الأرض. | تفيد بعض الروايات بأنّ أرض كربلاء كانت تُعرف بهذا الاسم منذ عهد [[آدم (ع)|آدم(ع)]]<ref>موسوعه العتبات، ج 8 ص 179.</ref>، بل ورد أنها كانت معروفةً في العلم الإلهي بهذا الاسم قبل خلق الأرض.<ref>کامل الزیارات، ص 450 و 451.</ref> | ||
=== أسماء أخرى === | |||
ورد في كلام الإمام علي(ع) تسميةُ كربلاء بـ «كربٍ | ورد في كلام الإمام علي(ع) تسميةُ كربلاء بـ «كربٍ وبلاء»<ref>امالی، ص598.</ref>، كما استُعملت لها أسماءٌ أخرى مثل نينوى، الغاضريّة، والحير (أو الحائر).<ref>موسوعه العتبات، ج 8 ص 179.</ref> | ||
=== الآراء التاريخية واللغوية === | === الآراء التاريخية واللغوية === | ||
'''الأصل الآشوري:''' يرى رأيٌ آخر أنّ الاسم مشتقّ من الكلمة الآشورية «كَرْب» بمعنى الحرم، و«إل» بمعنى الإله، فيكون معنى «كربلاء»: «حرمُ الله». | * '''الارتباط ببابل:''' رجّح بعض الباحثين أنّ اسم «كربلاء» مشتقّ من لفظة «كور بابل»، وقد عُرفت المنطقة بهذا الاسم في عهد الكلدانيين؛ بمعنى «معبد الرب»، لوجود معابد كبيرة للمسيحيين آنذاك.<ref>شمیم یار، ص 29.</ref> | ||
* '''الأصل الآشوري:''' يرى رأيٌ آخر أنّ الاسم مشتقّ من الكلمة الآشورية «كَرْب» بمعنى الحرم، و«إل» بمعنى الإله، فيكون معنى «كربلاء»: «حرمُ الله».<ref>موسوعه العتبات، ج 8ص179.</ref> | |||
* '''الأصل العربي:''' ذهب بعض الباحثين إلى أنّ «كربلاء» من «كَرْبَلَه» بمعنى الليونة أو النقاء، إما لسُهولة أرضها أو لخلوّها من الحصى والشوائب. كما أن «الكَرْبَل» في العربية اسمٌ لنوعٍ من الأعشاب، وربما سُمّيت المنطقة لكثرة هذا النبات فيها.<ref>معجم البلدان، ج 4ص445.</ref> | |||
== تاريخ مدينة كربلاء == | |||
في السنة ١٤ هـ فتحت منطقة كربلاء على يد أحد قادة سعد بن أبي وقاص.<ref>بغیه النبلاء ص18 و 19.</ref> وفي السنة ٣٦ هـ، عندما كان [[أمير المؤمنين علي(ع)]] متوجّهاً إلى [[صفين]] لمقاتلة معاوية، أخبر بمقتل ابنه الحسين(ع) في هذا المكان وأمره بالصبر.<ref>الاخبار الطِوال، ص 252 و 253.</ref> وفي سنة ٦٠ هـ استشهد [[الإمام الحسين(ع)]] في كربلاء، فدُفن هناك<ref>وقعه الطف، ص 250-258.</ref>، ومنذ ذلك الحين اكتسبت المدينة شهرتها من وجود [[ضريح سيد الشهداء(ع)]].<ref>آشنايى با تاريخ تمدن اسلامى، ص۱۴۶.</ref> | |||
وفي عهد الخلافة العباسية بدأت كربلاء تتطوّر وتزدهر، إلا أنّ بعض الخلفاء العباسيين أبدوا معارضةً لذلك فتعطّل البناء والتعمير لفترات. ففي عهد هارون الرشيد، سنة ١٩٣ هـ، أصدر أمراً بهدم القبة المطهّرة والمنازل المحيطة بها. كما أنّ المتوكل العباسي خلال فترة حكمه من ٢٣٣ هـ إلى ٢٤٧ هـ أصدر أربع مرات، من بينها سنة ٢٣٦ هـ، أوامر بالتخريب وتمهيد الأرض حول قبر الإمام الحسين(ع) وهدم المنازل المحيطة به. | |||
وفي أيام المعتصم العباسي (٢٤٧ – ٢٤٨ هـ) ازداد إقبال الشيعة على السكن في كربلاء وإعمارها. ويُعدّ إبراهيم مجاب، حفيد الإمام السابع(ع)، أول علوي استقر في كربلاء حوالي سنة ٢٤٧ هـ. ومن حول منزله وضريح الإمام الحسين(ع) نشأت البيوت والأسواق تدريجياً. وعندما زار عضد الدولة الديلمي من آل بويه كربلاء سنة ٣٧٠ هـ، بلغ عدد السادة والعلويين المقيمين فيها حوالي ٢٢٠٠ نسمة. | |||
=== بعض الأحداث التاريخية === | |||
* '''هجوم الوهابيين (١٢١٦ هـ):''' في عيد الغدير من سنة ١٢١٦ هـ، هاجم جيش الوهابيين من نجد كربلاء بحوالي ٢٥ ألف مقاتل. وهرب والي المدينة آنذاك عمر آغا دون مقاومة، فبقيت المدينة بلا دفاع. وقتل الوهابيون الآلاف من السكان في ست ساعات، ودمّروا مرقد الإمام الحسين(ع) ونهبوا ممتلكات المدينة. كما استشهد العديد من العلماء وطلاب الحوزة الدينية، بينما نجا سيد علي الطباطبائي (صاحب رياض) بشكل معجز. | |||
* '''واقعة نجيب باشا (١٢٥٨ هـ):''' بعد خلاف بين إيران والدولة العثمانية ورفض أهالي كربلاء الخضوع للسلطة العثمانية، هاجم والي بغداد، نجيب باشا، المدينة في سنة ١٢٥٨ هـ. وأسفرت هذه الحملة عن قتل نحو عشرة آلاف من السكان والعلماء والسادة، وعُرفت باسم «واقعة غدير الدم». | |||
* '''هجوم نظام البعث العراقي (١٤١٢ هـ / ١٣٦٩ ش):''' خلال انتفاضة شعبانية سنة ١٤١٢ هـ، هاجمت قوات البعث الحرمين المطهّرين في النجف وكربلاء، واستشهد أو جُرح آلاف العراقيين والزائرين، وتضرّر ضريح الإمام الحسين(ع). ولا تزال آثار الطلقات النارية على جدران الحرم قائمة حتى اليوم. | |||
=== فضل كربلاء === | |||
في الروايات، وُصفت أرض كربلاء بأنها من أفضل الأراضي بعد أرض الكعبة، ووُصفت بأنها أرضٌ مهيأة للجنة. وفي بعض الأحاديث، قُدّر فضل زيارة الإمام الحسين(ع) في كربلاء بمقدار الحج أو أكثر، كما ذُكر أنّ الأنبياء مثل موسى ونوح(ع) قد تواجدوا وتعبدوا في هذه الأرض. | |||
=== أيام زيارة كربلاء === | |||
يُعد يوم الأربعين من أهم أيام الزيارة. وورد في حديث عن الإمام العسكري(ع) أنّ زيارة الأربعين تُعد من علامات المؤمن الخمس. ووفقاً لإحصاءات العتبة العباسية، تراوحت أعداد الزائرين لمسيرة الأربعين بين ١١ و٢٢ مليون زائر من سنة ١٣٩٥ إلى ١٤٠٣قمري. | |||