الفرق بين المراجعتين لصفحة: «شقّ الصدر»

أنشأ الصفحة ب'== شقّ الصدر == '''شَقُّ الصَّدر''' يشير إلى المعجزة التي نُسبت إلى النبيّ محمّد {{ص}}، حيث قيل إنّ عدداً من الملائكة شقّوا صدره، وأخرجوا قلبه، وغسلوه وطهّروه ثم أعادوه إلى مكانه. وقد وردت روايات مختلفة عن زمان ومكان وقوع هذه الحادثة، بل يرى بعضهم أنّها تكرّرت في م...'
 
لا ملخص تعديل
 
سطر ١: سطر ١:
== شقّ الصدر ==
شَقُّ الصَّدر يشير إلى المعجزة التي نُسبت إلى النبيّ محمّد {{ص}}، حيث قيل إنّ عدداً من الملائكة شقّوا صدره، وأخرجوا قلبه، وغسلوه وطهّروه ثم أعادوه إلى مكانه. وقد وردت روايات مختلفة عن زمان ومكان وقوع هذه الحادثة، بل يرى بعضهم أنّها تكرّرت في مراحل مختلفة من حياة النبيّ. وقد اختلف العلماء المسلمون من الشيعة وأهل السنّة في صحّة هذه الروايات، إذ إنّ أكثر علماء أهل السنّة قبلوها، في حين ردّها كثير من علماء الشيعة وعدّوها من الموضوعات أو من الإسرائيليات، بينما فسّرها آخرون تفسيراً رمزيّاً وشهوديّاً لا حسّيّاً.
'''شَقُّ الصَّدر''' يشير إلى المعجزة التي نُسبت إلى النبيّ محمّد {{ص}}، حيث قيل إنّ عدداً من الملائكة شقّوا صدره، وأخرجوا قلبه، وغسلوه وطهّروه ثم أعادوه إلى مكانه. وقد وردت روايات مختلفة عن زمان ومكان وقوع هذه الحادثة، بل يرى بعضهم أنّها تكرّرت في مراحل مختلفة من حياة النبيّ. وقد اختلف العلماء المسلمون من الشيعة وأهل السنّة في صحّة هذه الروايات، إذ إنّ أكثر علماء أهل السنّة قبلوها، في حين ردّها كثير من علماء الشيعة وعدّوها من الموضوعات أو من الإسرائيليات، بينما فسّرها آخرون تفسيراً رمزيّاً وشهوديّاً لا حسّيّاً.


== المقدّمة ==
== المقدّمة ==
إحدى الروايات المشهورة في هذا الموضوع روتها '''حليمة السعديّة'''، وهي مرضعة النبيّ {{ص}}، حيث قالت إنّه عندما كان محمّد في طفولته في البادية عندها، جاءه رجلان بثياب بيضاء، فأخذاه وشقّا صدره، وأخرجا قلبه، وغسلاه في طَشْتٍ من ذهب، ثم أعاداه إلى مكانه.<ref>وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، السمهودي، ج۱، ص۲۴۵.</ref>
إحدى الروايات المشهورة في هذا الموضوع روتها حليمة السعديّة، وهي مرضعة النبيّ {{ص}}، حيث قالت إنّه عندما كان محمّد في طفولته في البادية عندها، جاءه رجلان بثياب بيضاء، فأخذاه وشقّا صدره، وأخرجا قلبه، وغسلاه في طَشْتٍ من ذهب، ثم أعاداه إلى مكانه.<ref>وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، السمهودي، ج۱، ص۲۴۵.</ref>


وقد وردت قصة '''شقّ الصدر''' في العديد من كتب السيرة، والتاريخ، والحديث، والتفسير، بصيغٍ متعددة.<ref>نفس المصدر، ج۱، ص۲۴۶.</ref> ومن مجموع هذه الروايات يُفهم أنّ حادثة شقّ الصدر وقعت أكثر من مرة في مراحل مختلفة من عمر النبيّ {{ص}}.<ref>البدایة والنهایة، ابن کثیر، ج۳، ص۱۲۹.</ref> وعدّ الرواة هذه القصة من فضائل النبيّ وكراماته، واعتبروا الهدف منها بيان طهارة الرسول وقداسته وعصمته.<ref>دلائل النبوة، البيهقي، ج۲، ص۲۶۰.</ref>
وقد وردت قصة شقّ الصدر في العديد من كتب السيرة، والتاريخ، والحديث، والتفسير، بصيغٍ متعددة.<ref>نفس المصدر، ج۱، ص۲۴۶.</ref> ومن مجموع هذه الروايات يُفهم أنّ حادثة شقّ الصدر وقعت أكثر من مرة في مراحل مختلفة من عمر النبيّ {{ص}}.<ref>البدایة والنهایة، ابن کثیر، ج۳، ص۱۲۹.</ref> وعدّ الرواة هذه القصة من فضائل النبيّ وكراماته، واعتبروا الهدف منها بيان طهارة الرسول وقداسته وعصمته.<ref>دلائل النبوة، البيهقي، ج۲، ص۲۶۰.</ref>


== مواقف العلماء ==
== مواقف العلماء ==
التعارض الموجود في نصوص هذه الروايات جعل العلماء المسلمين يقدّمون آراء مختلفة حول صحّتها.<ref>مجمع البيان، الطبرسي، ج۱۰، ص۲۵۱.</ref> فقد قال الباحثون إنّ أكثر علماء '''أهل السنّة''' قبلوا قصة شقّ الصدر وعدّوها من كمالات النبيّ، بينما رأى معظم علماء '''الشيعة''' أنّها مختلقة ومن الإسرائيليات.<ref>بحار الأنوار، المجلسي، ج۱۸، ص۳۲۷.</ref> كما ذهب بعض العلماء إلى أنّ وقوع هذه الحادثة كان من قبيل '''التمثّل''' أو '''التمثيل البرزخي'''، وحاولوا تقديم تفسيرٍ عقلانيّ لها.<ref>تفسير الميزان، الطباطبائي، ج۱۵، ص۲۴۸.</ref> وبعض علماء الشيعة كالعلاّمة '''المجلسي''' قبلوا أصل القصة.<ref>نفس المصدر، ج۱۸، ص۳۳۱.</ref>
التعارض الموجود في نصوص هذه الروايات جعل العلماء المسلمين يقدّمون آراء مختلفة حول صحّتها.<ref>مجمع البيان، الطبرسي، ج۱۰، ص۲۵۱.</ref> فقد قال الباحثون إنّ أكثر علماء أهل السنّة قبلوا قصة شقّ الصدر وعدّوها من كمالات النبيّ، بينما رأى معظم علماء الشيعة أنّها مختلقة ومن الإسرائيليات.<ref>بحار الأنوار، المجلسي، ج۱۸، ص۳۲۷.</ref> كما ذهب بعض العلماء إلى أنّ وقوع هذه الحادثة كان من قبيل التمثّل أو التمثيل البرزخي، وحاولوا تقديم تفسيرٍ عقلانيّ لها.<ref>تفسير الميزان، الطباطبائي، ج۱۵، ص۲۴۸.</ref> وبعض علماء الشيعة كالعلاّمة المجلسي قبلوا أصل القصة.<ref>نفس المصدر، ج۱۸، ص۳۳۱.</ref>


== نقد الروايات ==
== نقد الروايات ==
وجّه المحقّقون العديد من الانتقادات إلى روايات شقّ الصدر، منها أنّ هذه الروايات '''ضعيفة السند'''، وأنّ بعض رواتها إمّا ضعفاء أو مجهولون.<ref>ميزان الاعتدال، الذهبي، ج۲، ص۱۱۲.</ref> كما قيل إنّ '''متون''' هذه الروايات ضعيفة ومتناقضة فيما بينها.<ref>لسان الميزان، ابن حجر، ج۴، ص۲۱۱.</ref> وأشار آخرون إلى أنّ هذه القصص '''تتناقض مع مفهوم العصمة''' ومع القرآن والعقل.<ref>تفسير القرطبي، ج۱۸، ص۹۷.</ref> واعتقد بعض الباحثين أنّ أصل هذه الروايات متأثّر '''بالأساطير القديمة أو الجاهلية'''، ويمكن العثور على عناصر مشابهة لها في تلك القصص.<ref>القصص الديني في الجاهلية، عبد الحميد يونس، ص۵۲.</ref>
وجّه المحقّقون العديد من الانتقادات إلى روايات شقّ الصدر، منها أنّ هذه الروايات ضعيفة السند، وأنّ بعض رواتها إمّا ضعفاء أو مجهولون.<ref>ميزان الاعتدال، الذهبي، ج۲، ص۱۱۲.</ref> كما قيل إنّ متون هذه الروايات ضعيفة ومتناقضة فيما بينها.<ref>لسان الميزان، ابن حجر، ج۴، ص۲۱۱.</ref> وأشار آخرون إلى أنّ هذه القصص تتناقض مع مفهوم العصمة ومع القرآن والعقل.<ref>تفسير القرطبي، ج۱۸، ص۹۷.</ref> واعتقد بعض الباحثين أنّ أصل هذه الروايات متأثّر بالأساطير القديمة أو الجاهلية، ويمكن العثور على عناصر مشابهة لها في تلك القصص.<ref>القصص الديني في الجاهلية، عبد الحميد يونس، ص۵۲.</ref>


ومن النقاط الأخرى المثارة ضدّها وجود '''اختلافات كبيرة''' بين نصوص الأحاديث، وقد اعتبر بعضهم هذه الفروقات دليلاً على ضعفها، بينما رأى آخرون أنّها تدلّ على تكرّر الحادثة في أزمنة مختلفة.<ref>السيرة الحلبية، الحلبي، ج۱، ص۲۱۶.</ref>
ومن النقاط الأخرى المثارة ضدّها وجود اختلافات كبيرة بين نصوص الأحاديث، وقد اعتبر بعضهم هذه الفروقات دليلاً على ضعفها، بينما رأى آخرون أنّها تدلّ على تكرّر الحادثة في أزمنة مختلفة.<ref>السيرة الحلبية، الحلبي، ج۱، ص۲۱۶.</ref>
كما صرّح العلّامة '''الطباطبائي''' بأنّ هذه القصة من نوع '''التمثّل البرزخي''' لا الواقعة الحسية، وردّ غير ذلك من التفاسير.<ref>تفسير الميزان، ج۱۵، ص۲۵۰.</ref>
كما صرّح العلّامة الطباطبائي بأنّ هذه القصة من نوع التمثّل البرزخي لا الواقعة الحسية، وردّ غير ذلك من التفاسير.<ref>تفسير الميزان، ج۱۵، ص۲۵۰.</ref>
وقد فسّر بعض المفسّرين القصة بأنها '''تمثيلٌ للمعونة الإلهية''' في تقوية إرادة النبيّ {{ص}} وتطهيره من النقائص والوساوس الشيطانية.<ref>تفسير المنار، رشيد رضا، ج۱۲، ص۵۸.</ref>
وقد فسّر بعض المفسّرين القصة بأنها تمثيلٌ للمعونة الإلهية في تقوية إرادة النبيّ {{ص}} وتطهيره من النقائص والوساوس الشيطانية.<ref>تفسير المنار، رشيد رضا، ج۱۲، ص۵۸.</ref>
 
== الهوامش ==
{{پانویس}}
 
== المصادر ==
{{الهوامش}}
* '''بحارالأنوار'''، مجلسی، محمدباقر بن محمدتقی، بیروت، دار إحياء التراث العربی، ۱۴۰۳ق.
* '''«تحلیل انتقادی روایاتی از کتاب الایمان صحیح مسلم»'''، موسوی، زهرا ؛ زارعی، زهرا، تحقیقات قرآنی و حدیثی، شماره ۳، بهار و تابستان ۱۳۹۹ش.
* '''تفسير نمونه'''، مكارم شيرازى، ناصر، تهران، دار الكتب الإسلامية، ۱۳۷۱ش.
* '''«سرگذشت شق صدر النبی از پندار تا حقیقت»'''، کربلایی پازوکی، علی، کلام اسلامی، شماره ۳۱، پاييز 1378ش.
* '''«شقّ صدرالنبی صلی الله علیه وسلم به روایت مورّخان، محدّثان و مفسّران»'''، کریمی قهی، منصوره، مشکوة، شماره ۹۲ و ۹۳، پاییز و زمستان ۱۳۸۸ش.
* '''«شق صدر و عصمت نبی (ص)»'''، کربلایی پازوکی، علی، انجمن معارف اسلامی، شماره ۷، تابستان ۱۳۸۵ش.
* '''الصحیح من سیرة النبی الأعظم (ص)'''، عاملی، جعفر مرتضی، قم، دار الحدیث، ۱۴۲۶ق.
* '''صحیح البخاری'''، بخاری، محمد بن اسماعیل، بیروت، دار طوق النجاة، ۱۴۲۲ق.
* '''صحیح مسلم'''، قشیری نیشابوری، مسلم بن حجاج، تحقیق: محمد فؤاد عبدالباقی، بیروت، دار احیاء التراث العربی، بی‌تا.
* '''المیزان فی تفسیر القرآن'''، طباطبایی، محمدحسین، بیروت، مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، ۱۳۹۰ق.
* '''«نقد آراء سیره‌نویسان در داستان شق صدر»'''، سید علوی، سید ابراهیم، آیینه پژوهش، شماره ۱۰، ۱۳۷۰ش.
{{پایان}}