الفرق بين المراجعتين لصفحة: «جعفر الطيار»

من ويكي‌حج
لا ملخص تعديل
 
(١٠ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''جعفر الطيار''' من أبرز [[صحابة]] [[رسول الله]]. ولد من [[أبي طالب]] [[فاطمة بنت أسد|وفاطمة بنت أسد]] وکان أخا [[علي]]. زوجته [[أسماء بنت عميس]] وله ثلاثة أبناء. أسلم في بکرة الدعوة النبوية إلی الإسلام وروي أنّه کان طيّب النفس بالنسبة إلی المساکين. 
عندما ضاقت ظروف المعيشة في [[مکة]] علی المسلمين، أمره النبي بقيادة عدة من المسلمين للمهاجرة إلی [[الحبشة]]. ففرّوا من إيذاء المشرکين إلی البلد الآمن ولکن أرسلت [[قريش]] [[عمرو بن العاص]] [[عبدالله بن أبي ربيعة|وعبدالله بن أبي ربيعة]] إلی [[النجاشي]] وسئلاه بعد إهداء هدايا کبيرة للملك وبطارقته، أن یردّ المسلمين إلی [[الحجاز]]. أشخص النجاشي قائد المسلمين، جعفر بن أبي طالب وسأله عن دينه فأجابه جعفر وقرأ له آيات من [[القرآن]] فعلم النجاشي أنّهم علی حقّ وخير وأخرج ممثّلا قريش من الحبشة.
بعد خمس عشرة سنة رجع جعفر مع المسلمين إلی [[المدينة]] واستشهد في حرب [[المؤتة]] وهو من قواد جيش المسلمين وقطعت يداه وأخبر النبي أنّ له جناحان في [[الجنة]] وهذا سبب تلقيبه بالطيار. علّمه النبي صلاة معروفة باسمه لها فضل کبير. 
==نسب جعفر الطيار==
==نسب جعفر الطيار==
کان جعفر من سلالة تلک العائلة الکريمة في خصالها الرفيعة في شرفها المتميزة في سیادتها وزعامتها ورجالها. فهم سادة قريش بل سادة الدنيا علی الإطلاق، هذه العشيرة التي ضمت اکرم خلق الله محمدا و آله الطاهرین.  
کان جعفر من سلالة سادة [[قريش]] والعشيرة التي ضمّنت [[رسول الله|رسول الله محمد]]. لقبه الطيار کما لقّبه رسول الله بذي الجناحين. وکنيته أبو المساکين وأبو عبدالله.


=== أبوه ===
=== أبوه ===
ابوطالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي و اسمه عبد مناف وقد کني باکبر أولاده طالب و قد کان الکافل الحامي المدافع عن النبي الذي أحاط رسول لله بعناية عظیمة قل مثليلها.خاصة إذا نظرنا إلی مکانته في مجمتع القريش وبین زعمامئها ومایسبیه ذلک الفاع من احراج إمامهم.
والد جعفر هو [[أبوطالب|أبوطالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي]]. کان اسم أبوطالب عبد مناف وقد کني باکبر أولاده [[طالب بن أبي طالب|طالب]] و قد کان حامي النبي الذي أحاطه بعناية عظیمة. خاصة مع النظر إلی مکانته في مجمتع [[قريش]].
 
وکانت هذه الحمایه من اهمية لرسول الله ولدعوته إلی الدرجة التي لم تطمع قريش في رسول الله وکانت کاعة عنه حتی توفي عمه ابطالب و لم یهاحر إلی المدينة إلا بعد وفاته رضوان الله علیه.


=== أمّه ===
=== أمّه ===
کانت أم جعفر الطيار من تلک النساء القلة الطاهرات اللائي امتازت حیاتهن مواقف جليلة في مسیرة الأنبياء. وهي إحدی تلک النساء اللواتي نان ذکرا جمیلا علی لسان خاتم الرسل محمد تقل الرواية لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ علي و کانت قد أوصت لرسول الله وقبل وصيتها البسها النبي قميصه و اضطجع معها في قبرها فقالوا ما ريناک یا رسول الله صنعت هذا.
کانت والدة جعفر الطيار [[فاطمة بنت أسد|فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف بن قصي]] ذات أهمية [[رسول الله|لرسول الله]] فعندما ماتت ألبسها النبي قميصه ودخل في القبر معها وقال للناس أنّها کانت الأبرّ به بعد [[أبي طالب]] ودعا لها بالغفران. کانت فاطمة بنت أسد ممن سبقت إلی [[الإسلام]] وکانت من المهاجرات الأولی إلی [[المدينة]].  


=== لقبه ===
=== إخوته ===
ان یلقب بجعفر الطيار کما لقبه رسول الله بذي الجناحين.
کان جعفر الثالث في إخوته فقد کان [[طالب بن أبي طالب|طالب]] أکبر ولد [[أبي طالب|لأبي طالب]] سنا ثم یلیه [[عقیل بن أبي طالب|عقیل]] ثم یلي عقيلا جعفر ويلي جعفرا [[علي]] وکان کلّ واحد منهم أکبر من أخيه بعشر سنين فکان علي أصغرهم سنا.<ref>شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج3 : 407 .</ref>


=== کنيته ===
=== زوجته وأولاده ===
فقد کناه رسول الله بأبي المساکين وله کنية أخری أبوعبدالله.  
تزوج جعفر [[أسماء بنت عميس|بأسماء بنت عميس]] الخثعمية التي رويت أن تکون امرأة صالحة فولدت له ثلاثة أولاد وهم [[محمد بن جعفر|محمد]] [[عبدالله بن جعفر|وعبدالله]] [[عوف بن جعفر|وعوف]]. ولد کلّهم في [[الحبشة]] في الفترة التي أمضاها جعفر وزوجته مهاجرين هناك.
 
=== إخوته ===
کان جعفر الثالث في إخوته فقد کان طالب أکبر ولد أبي طالب سنا ثم یلیه عقیل ثم یلي عقيلا جعفر ويلي جعفرا علي والشئ الملفت للنظر إن لم نقل للعجب أن کلّ واحد منهم أکبر من صاحبه بعشر سنين وکان علي أصغرهم سنا.


== التشرف بالإسلام ==
== التشرف بالإسلام ==
کان جعفر الثاني من الرجال الذيناعلنوا إسلامهم وهناک رواية تقول إنه القالث بعد علي وزيد بن حارثة. کما وردت في کيفية إسلامه روایتان تصرحان بأنة ممن أسلم باکرا والدعوة لاتزال في مهدها وکان إسلامه بأمر من أبيه أبي طالب، حيث کان جعفر برفقة أبيه حينما کان رسول الله یؤدي صلاته وإلی جنبه ابن عمه علي بن أبي طالب، فلما رآهما یصليان التفت إلی جعفر قائلا: انزل یاجعفر فصل جناج ابن عمک، أوأي بني صل جناح ابن عمک وقد وفق حعفر لأن ینال ثواب أول جماعة عقدت في الإسلام وکانت تأريخا لبداية إسلامه.
کان جعفر الثاني من الرجال الذين أعلنوا [[الإسلام|إسلامهم]] وهناك رواية أنّه الثالث بعد [[علي]] [[زيد بن حارثة|وزيد بن حارثة]]. کما وردت في کيفية إسلامه روايات تصرح بأنه ممن أسلم باکرا والدعوة لاتزال في مهدها؛ کان جعفر برفقة أبيه حينما کان [[رسول الله]] یؤدي صلاته وإلی جنبه أخو جعفر، علي بن أبي طالب، فلما رآهما یصليان التفت أبوطالب إلی جعفر وشوّقه أن یصلّي خلف الرسول وقد وفق جعفر لأن ینال ثواب أول صلاة جماعة عقدت في الإسلام و هذه بداية إسلامه.<ref>مختصر تاريخ دمشق، ابن منظور ، ج6 : 66 .</ref>


== صفاته ==
== صفاته ==
لقد اجتمعت في جعفر خصال کثيرة قلما تجتمع في غيره، فقد اتفقت مصادر ترجمته علیها فإضافة إلی شبابه وحیوته وفتوته وشجاعته کان جليما رارا متواضعا وکان یخشی الله خشية عظيمة حتی إنه قبل إسلامه کانت نفسه وکأنها قد جبلت علی کره المحرمات.  
نقل في الأخبار خصال طيبة لجعفر. روی [[ابن عباس]] أنّ جعفر کان مقيما علی أربعة خصال قبل بعثة [[رسول الله]]؛ کراهة عبادة الأوثان [[الزنا|والزنا]] [[شرب الخمر|وشرب الخمر]] [[الکذب|والکذب]].<ref>مختصر تاریخ دمشق ، ابن منظور ، ج6 : 67 .</ref> روي عن رسول الله أن جعفر أسمحُ أمّته؛ ولطيب نفسه ومراعاته لضعفاء الناس کنّاه رسول الله أبا المساکين.<ref>صحيح البخاري، ج7 ، 77 .</ref> 
 
== الهجرة ==
لمّا ضاقت علی [[النبي]] والمسلمين [[مکة]]، فعذّبهم مشرکو [[قريش]] وآذاهم، أمر النبي أن یهاجر بعضهم إلی [[الحبشة]]. کان الدعوة في بدايتها وقلّ عدد المسلمين فلم یمکن المقابلة ویُخشی قتل جميعهم. اقترح النبي أرض الحبشة للهجرة لأنّ کان لها ملك عادل لا يظلم أحد عنده. فخرجوا إليها بقیادة جعفر بن أبي طالب فنزلوا ببلد آمن ولهم خير جار لا يخشون ظلما. کان الناس في الحبشة علی [[دين المسيحية]].
 
=== محاولات قريش لردّهم ===
عندما رأت [[قريش]] أنّ المسلمين في دار آمن، بعثوا [[عمرو بن العاص]] [[عبدالله بن أبي ربيعة|وعبدالله بن أبي ربيعة]]، وفي بعض الروايات عمرو بن العاص [[عمارة بن الوليد|وعمارة بن الوليد]]<ref>حلية الأولياء، الإصفهاني : 114 .</ref>، فجمعا [[النجاشي|للنجاشي]]، ملك [[الحبشة]]، ولبطارقته هدايا کثيرة فذهبا إلی الحبشة ولم یبق بطريق إلّا قدّما إليه هدية فکلّماه. عندما قدّما هدايا إلی النجاشي قالوا له أنّ فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم ولم یدخلوا في دینکم وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه وقد لجأوا إلی بلادك فبعثنا إليك عشائرهم وآباؤهم لتردّهم علیهم. صدّقوهما بطارقة النجاشي ولکن غضب الملك ولم یقبل أن یردّهم قبل أن یکلّمهم وینظر إلی أمرهم. فأمر النجاشي بجمعهم والإتيان بهم إلیه فإذا اجتمعوا عنده سأل النجاشي جعفر بن أبي طالب من الدين الذي هم علیه ولم یکن [[يهودية]] ولا [[نصرانية]]. فأجابه جعفر بأنّهم کانوا علی [[الشرك]] یعبدون الأصنام وشرح له الظروف الجالهلية التي عاشوا فيها فاستمرّ بأنّ الله بعث إليهم نبيّا من أنفسهم معروفا بالأمانة فدعاهم إلی عبادة [[الله]] من دون شريك له والأخلاق والأعمال الطيبة. سأل النجاشي حینئذ عن الکتاب الذي جاء النبي به فنشر جعفر صحيفته وقرأ عليه صدرا من [[سورة مريم]] فبکی النجاشي وأساقفته شديدا فأذعن النجاشي أنّ هذا الکلام لیس مما یتکلّم به الفرد العادي وأطلق المسلمين أن یستمرّوا بمعيشتهم في الحبشة.
 
أتيا عمرو بن العاص و عبدالله بن ربيعة إلی النجاشي لليوم الثاني فقالا له أنّ المسلمين یزعمون أنّ [[عیسی بن مريم]] عبد. فأرسل النجاشي إلی جعفر وأتوا به فسأله عمّا یقولون حول عیسی بن مريم فأجابه جعفر بأنّه عبدالله ورسوله وکلمته وروحه ألقاها إلی [[مريم]] العذراء البتول. رضي النجاشي بهذا الجواب فأخرج ممثّلا قريش وردّ إلیهما هداياهما فرجعا مقبوحين. أعلن النجاشي أنّ المسمين آمنون في الحبشة.<ref>مختصر تاریخ دمشق، ابن منظور ، ج6 : 63 .</ref>
 
=== العودة إلی الحجاز ===
ذهب جعفر بالمسلمين إلی [[الحبشة]] سنة خمس من [[مبعث]] النبي وقدم إلی [[المدينة]] سنة سبع من [[الهجرة]] فبقي مهاجرا في الحبشة خمس عشرة سنة تقريبا. أراد رسول الله أن یکون جعفر والمسلمون دعاة رسالة ورجال حضارة في البلاد الأخری فعندما عادوا إلی المدينة کان معهم سبعون رجلا منهم اثنان وستون من بلاد الحبشة وثمانية من أهل [[الشام]].<ref>تاريخ الطبري، ج1 : 546 .</ref>
 
== الإستشهاد ==
 
[[ملف:مزار-جعفر-الطيار.jpg|تصغير|مزار جعفر الطيار في أردن]]
 
وصل جعفر مع المسلمين إلی [[المدينة]] في زمن فتح [[خيبر]] وفرح [[النبي]] کثيرا بعودته.<ref>مقاتل الطالبيين، ابوالفرج الإصفهاني : 30 . </ref> جعله رسول الله بعد الإقامة في المدينة لمدة شهر، أحد الأمراء علي جيش المسلمين في [[سرية المؤتة]] التي وقعت في [[البلقاء]] وواجه المسلمين جیشا من مشرکي [[الروم]]. کثر عدد جيش الروم فغلب المسلمون وقتل القواد الثلاثة الذين عیّنهم رسول الله وهم [[زيد بن حارثة]] وجعفر بن أبي طالب [[عبدالله بن رواحة|وعبدالله بن رواحة]].
 
وصفوا استشهاد جعفر بأنّه نزل عن فرسه للمقاتلة وحمل الراية وتقدم صفوف المسلمين فقطعت یده الأيمن فحمل الراية بیده الأخری فطعنت أيضا یده الیسری فاحتضن الراية إلی صدره وصبر حتی وقع شهیدا. لمّا ورد خبر استشهاده علی النبي، أخبرهم بأنّ جعفر یطير بجناحيه في [[الجنة]] وهذا لما قطعت أیدیه.<ref>مقاتل الطالبيين، ابوالفرج الإصفهاني : 31 . </ref>
 
اختلف المورخين في عمره حینما استشهد ولکن الأقوی من أقوالهم أنّه کان له إحدی وأربعين سنة أو اثنان وأربعين سنة.<ref>شرح المواهب، الزرقاني، ج2 : 271 .</ref> دفن جعفر مع زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة في أرض مؤتة في أردن.
 
== صلاة جعفر ==
علّم [[رسول الله]] جعفر بن أبي طالب صلاة لها فضل کبير اشتهر بصلاة جعفر الطيار. تقرأ کلّ يوم أو کلّ أسبوع في اليوم [[الجمعة]] أو کلّ شهر أو کلّ سنة. هذا شرحه:
 
تفتتح الصلاة وتقرأ '''«الله أکبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله»''' خمس عشرة مرّات. ثمّ تقرأ [[الفاتحة]] وسورة أخری من [[القرآن]] وترکع وتقرأ الأذکار التي سبقت عشر مرّات في [[الرکوع]]. ثم ّ يرفع الرأس من الرکوع وتقرأ الأذکار عشر مرّات. ثمّ یسجد وتقرأ الأذکار عشر مرّات في [[السجود]] ثمّ یرفع الرأس وتقرأ الأذکار عشر مرّات ثمّ یسجد ثانية وتقرأ الأذکار عشر مرّات ویرفع الرأس من السجود وتقرأ الأذکار عشر مرّات. ثمّ یقام للرکعة الثانية التي یماثل الرکعة الأولی إلّا في [[التشهّد]] [[السلام|والسلام]] في آخرها. هذا رکعتين فیقام برکعتين أخراوين مثل ما قيل.<ref>من لا یحضره الفقيه، الصدوق ، ج1 : 370 .</ref>
 
== مواقع ذات صلة ==
 
* [[أبوطالب]]
* [[النجاشي]]
* [[سرية المؤتة]]
 
== الهوامش ==
{{الهوامش}}
<references />
{{پایان}}
 
== المنابع ==
{{اقتباس
| پیش از لینک = جريدة
| منبع = '''میقات الحجّ العدد ۸'''‌، هیئت تحریریة، پژوهشکده حج و زیارت، تهران، مشعر، ۱۴۱۸
|‌ پس از لینک =
| لینک = https://mighatulhajj.hzrc.ac.ir/issue_12101_12104.html
}}'''


یقول ابن عباس في رواية له قال رسول الله لجعفر بن أبي طالب: إن الله تعالی أوحی إلي أنه شکرک علی أبع خصال کنت علیهن مقيما قبل أن یبعثني الله. فما هن؟ قال له جعفر: بأبي أنت و أمي لولا أن الله أنبأک بهن ما أنبأتک عن نفسي کراهية التزکية إني کرهت عبادة الأوثان لأني رأیتها لا تضر ولا تنفع. وکرهت الزنا و کرهت شرب الخمر؛ لأني رأیتها منقصة للعقل وکنت إلی أن إزيد في عقلي أحبّ إلی من إن أنقصه وکرهت الکذب لأني رأیته دنائة.
[[fa: جعفر بن ابی طالب]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٥٠، ١٨ يونيو ٢٠٢٢

جعفر الطيار من أبرز صحابة رسول الله. ولد من أبي طالب وفاطمة بنت أسد وکان أخا علي. زوجته أسماء بنت عميس وله ثلاثة أبناء. أسلم في بکرة الدعوة النبوية إلی الإسلام وروي أنّه کان طيّب النفس بالنسبة إلی المساکين.

عندما ضاقت ظروف المعيشة في مکة علی المسلمين، أمره النبي بقيادة عدة من المسلمين للمهاجرة إلی الحبشة. ففرّوا من إيذاء المشرکين إلی البلد الآمن ولکن أرسلت قريش عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة إلی النجاشي وسئلاه بعد إهداء هدايا کبيرة للملك وبطارقته، أن یردّ المسلمين إلی الحجاز. أشخص النجاشي قائد المسلمين، جعفر بن أبي طالب وسأله عن دينه فأجابه جعفر وقرأ له آيات من القرآن فعلم النجاشي أنّهم علی حقّ وخير وأخرج ممثّلا قريش من الحبشة.

بعد خمس عشرة سنة رجع جعفر مع المسلمين إلی المدينة واستشهد في حرب المؤتة وهو من قواد جيش المسلمين وقطعت يداه وأخبر النبي أنّ له جناحان في الجنة وهذا سبب تلقيبه بالطيار. علّمه النبي صلاة معروفة باسمه لها فضل کبير.

نسب جعفر الطيار

کان جعفر من سلالة سادة قريش والعشيرة التي ضمّنت رسول الله محمد. لقبه الطيار کما لقّبه رسول الله بذي الجناحين. وکنيته أبو المساکين وأبو عبدالله.

أبوه

والد جعفر هو أبوطالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. کان اسم أبوطالب عبد مناف وقد کني باکبر أولاده طالب و قد کان حامي النبي الذي أحاطه بعناية عظیمة. خاصة مع النظر إلی مکانته في مجمتع قريش.

أمّه

کانت والدة جعفر الطيار فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف بن قصي ذات أهمية لرسول الله فعندما ماتت ألبسها النبي قميصه ودخل في القبر معها وقال للناس أنّها کانت الأبرّ به بعد أبي طالب ودعا لها بالغفران. کانت فاطمة بنت أسد ممن سبقت إلی الإسلام وکانت من المهاجرات الأولی إلی المدينة.

إخوته

کان جعفر الثالث في إخوته فقد کان طالب أکبر ولد لأبي طالب سنا ثم یلیه عقیل ثم یلي عقيلا جعفر ويلي جعفرا علي وکان کلّ واحد منهم أکبر من أخيه بعشر سنين فکان علي أصغرهم سنا.[١]

زوجته وأولاده

تزوج جعفر بأسماء بنت عميس الخثعمية التي رويت أن تکون امرأة صالحة فولدت له ثلاثة أولاد وهم محمد وعبدالله وعوف. ولد کلّهم في الحبشة في الفترة التي أمضاها جعفر وزوجته مهاجرين هناك.

التشرف بالإسلام

کان جعفر الثاني من الرجال الذين أعلنوا إسلامهم وهناك رواية أنّه الثالث بعد علي وزيد بن حارثة. کما وردت في کيفية إسلامه روايات تصرح بأنه ممن أسلم باکرا والدعوة لاتزال في مهدها؛ کان جعفر برفقة أبيه حينما کان رسول الله یؤدي صلاته وإلی جنبه أخو جعفر، علي بن أبي طالب، فلما رآهما یصليان التفت أبوطالب إلی جعفر وشوّقه أن یصلّي خلف الرسول وقد وفق جعفر لأن ینال ثواب أول صلاة جماعة عقدت في الإسلام و هذه بداية إسلامه.[٢]

صفاته

نقل في الأخبار خصال طيبة لجعفر. روی ابن عباس أنّ جعفر کان مقيما علی أربعة خصال قبل بعثة رسول الله؛ کراهة عبادة الأوثان والزنا وشرب الخمر والکذب.[٣] روي عن رسول الله أن جعفر أسمحُ أمّته؛ ولطيب نفسه ومراعاته لضعفاء الناس کنّاه رسول الله أبا المساکين.[٤]

الهجرة

لمّا ضاقت علی النبي والمسلمين مکة، فعذّبهم مشرکو قريش وآذاهم، أمر النبي أن یهاجر بعضهم إلی الحبشة. کان الدعوة في بدايتها وقلّ عدد المسلمين فلم یمکن المقابلة ویُخشی قتل جميعهم. اقترح النبي أرض الحبشة للهجرة لأنّ کان لها ملك عادل لا يظلم أحد عنده. فخرجوا إليها بقیادة جعفر بن أبي طالب فنزلوا ببلد آمن ولهم خير جار لا يخشون ظلما. کان الناس في الحبشة علی دين المسيحية.

محاولات قريش لردّهم

عندما رأت قريش أنّ المسلمين في دار آمن، بعثوا عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة، وفي بعض الروايات عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد[٥]، فجمعا للنجاشي، ملك الحبشة، ولبطارقته هدايا کثيرة فذهبا إلی الحبشة ولم یبق بطريق إلّا قدّما إليه هدية فکلّماه. عندما قدّما هدايا إلی النجاشي قالوا له أنّ فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم ولم یدخلوا في دینکم وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه وقد لجأوا إلی بلادك فبعثنا إليك عشائرهم وآباؤهم لتردّهم علیهم. صدّقوهما بطارقة النجاشي ولکن غضب الملك ولم یقبل أن یردّهم قبل أن یکلّمهم وینظر إلی أمرهم. فأمر النجاشي بجمعهم والإتيان بهم إلیه فإذا اجتمعوا عنده سأل النجاشي جعفر بن أبي طالب من الدين الذي هم علیه ولم یکن يهودية ولا نصرانية. فأجابه جعفر بأنّهم کانوا علی الشرك یعبدون الأصنام وشرح له الظروف الجالهلية التي عاشوا فيها فاستمرّ بأنّ الله بعث إليهم نبيّا من أنفسهم معروفا بالأمانة فدعاهم إلی عبادة الله من دون شريك له والأخلاق والأعمال الطيبة. سأل النجاشي حینئذ عن الکتاب الذي جاء النبي به فنشر جعفر صحيفته وقرأ عليه صدرا من سورة مريم فبکی النجاشي وأساقفته شديدا فأذعن النجاشي أنّ هذا الکلام لیس مما یتکلّم به الفرد العادي وأطلق المسلمين أن یستمرّوا بمعيشتهم في الحبشة.

أتيا عمرو بن العاص و عبدالله بن ربيعة إلی النجاشي لليوم الثاني فقالا له أنّ المسلمين یزعمون أنّ عیسی بن مريم عبد. فأرسل النجاشي إلی جعفر وأتوا به فسأله عمّا یقولون حول عیسی بن مريم فأجابه جعفر بأنّه عبدالله ورسوله وکلمته وروحه ألقاها إلی مريم العذراء البتول. رضي النجاشي بهذا الجواب فأخرج ممثّلا قريش وردّ إلیهما هداياهما فرجعا مقبوحين. أعلن النجاشي أنّ المسمين آمنون في الحبشة.[٦]

العودة إلی الحجاز

ذهب جعفر بالمسلمين إلی الحبشة سنة خمس من مبعث النبي وقدم إلی المدينة سنة سبع من الهجرة فبقي مهاجرا في الحبشة خمس عشرة سنة تقريبا. أراد رسول الله أن یکون جعفر والمسلمون دعاة رسالة ورجال حضارة في البلاد الأخری فعندما عادوا إلی المدينة کان معهم سبعون رجلا منهم اثنان وستون من بلاد الحبشة وثمانية من أهل الشام.[٧]

الإستشهاد

مزار جعفر الطيار في أردن

وصل جعفر مع المسلمين إلی المدينة في زمن فتح خيبر وفرح النبي کثيرا بعودته.[٨] جعله رسول الله بعد الإقامة في المدينة لمدة شهر، أحد الأمراء علي جيش المسلمين في سرية المؤتة التي وقعت في البلقاء وواجه المسلمين جیشا من مشرکي الروم. کثر عدد جيش الروم فغلب المسلمون وقتل القواد الثلاثة الذين عیّنهم رسول الله وهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة.

وصفوا استشهاد جعفر بأنّه نزل عن فرسه للمقاتلة وحمل الراية وتقدم صفوف المسلمين فقطعت یده الأيمن فحمل الراية بیده الأخری فطعنت أيضا یده الیسری فاحتضن الراية إلی صدره وصبر حتی وقع شهیدا. لمّا ورد خبر استشهاده علی النبي، أخبرهم بأنّ جعفر یطير بجناحيه في الجنة وهذا لما قطعت أیدیه.[٩]

اختلف المورخين في عمره حینما استشهد ولکن الأقوی من أقوالهم أنّه کان له إحدی وأربعين سنة أو اثنان وأربعين سنة.[١٠] دفن جعفر مع زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة في أرض مؤتة في أردن.

صلاة جعفر

علّم رسول الله جعفر بن أبي طالب صلاة لها فضل کبير اشتهر بصلاة جعفر الطيار. تقرأ کلّ يوم أو کلّ أسبوع في اليوم الجمعة أو کلّ شهر أو کلّ سنة. هذا شرحه:

تفتتح الصلاة وتقرأ «الله أکبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله» خمس عشرة مرّات. ثمّ تقرأ الفاتحة وسورة أخری من القرآن وترکع وتقرأ الأذکار التي سبقت عشر مرّات في الرکوع. ثم ّ يرفع الرأس من الرکوع وتقرأ الأذکار عشر مرّات. ثمّ یسجد وتقرأ الأذکار عشر مرّات في السجود ثمّ یرفع الرأس وتقرأ الأذکار عشر مرّات ثمّ یسجد ثانية وتقرأ الأذکار عشر مرّات ویرفع الرأس من السجود وتقرأ الأذکار عشر مرّات. ثمّ یقام للرکعة الثانية التي یماثل الرکعة الأولی إلّا في التشهّد والسلام في آخرها. هذا رکعتين فیقام برکعتين أخراوين مثل ما قيل.[١١]

مواقع ذات صلة

الهوامش

  1. شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج3 : 407 .
  2. مختصر تاريخ دمشق، ابن منظور ، ج6 : 66 .
  3. مختصر تاریخ دمشق ، ابن منظور ، ج6 : 67 .
  4. صحيح البخاري، ج7 ، 77 .
  5. حلية الأولياء، الإصفهاني : 114 .
  6. مختصر تاریخ دمشق، ابن منظور ، ج6 : 63 .
  7. تاريخ الطبري، ج1 : 546 .
  8. مقاتل الطالبيين، ابوالفرج الإصفهاني : 30 .
  9. مقاتل الطالبيين، ابوالفرج الإصفهاني : 31 .
  10. شرح المواهب، الزرقاني، ج2 : 271 .
  11. من لا یحضره الفقيه، الصدوق ، ج1 : 370 .

المنابع