الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العمران في مکة»

من ويكي‌حج
(أنشأ الصفحة ب'== عهد قريش == کانت مکة تتعمر و تتباعد في حواشي الوادي و بین لیات جباله. وقد کانت البیوت مبنية با...')
 
لا ملخص تعديل
 
(١١ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
تطوّر '''العمران في مکة''' بمرور الأجيال المختلفة وکل من الحکومات، أضافوا شيئا بها فصارت [[مکة]] [[المسجد الحرام|والمسجد الحرام]] متسعة ومتطورة. في عهد [[القرِيش|القريش]]، أنشئت البیوت الأولية بمکة وجعلوا للبيوت أبواب وصنعوا مسالك بینها لسهولة المرور. في عهد [[الخلفاء الراشدين]]، اتّسعت مکة وأضيف إلی نشاطها التجاري والعلمي والزراعي. قلّ عدد سکّان مکة في عهد [[الأمويين]] والعباسيين ولکن أنشئ [[الخلفاء العباسي]] برك وعیون عديدة وجهدوا بتحسين المسجد الحرام [[الکعبة|والکعبة]]. قام [[الفاطميون]] بتعمير بیت الله وبنی [[الشراکسة]] رباطا للفقراء وأزالوا الأشجار والصخور من طريق [[عرفات]]. بدأ [[العثمانیون]] ببناء دار الحکومة والبوليس ودار الصحة.
== عهد قريش ==
== عهد قريش ==
کانت مکة تتعمر و تتباعد في حواشي الوادي و بین لیات جباله. وقد کانت البیوت مبنية بالحجر والطین ویقال أنّ أول من بنی بیتا بمکة کانسعید بن عمرو السهمي و أول من بنی بیتا مربعا حمید بن زهیر و اول من جعل بابا لبیته حاطب بن ألي بلتعة. کانوا یجعلون بین ییها العدرصات ینزل فیها الجاج والمعتمرون. ولما شرعوا یصنعون لبعض الدور ابوابا کانوا یقصرون ذلک علی بعض غرفها ویترکون ماخلها شارعة علی عرصاتها دون ابواب و قد قیل ان هند بنت سهیل عندما استاذنت عمربن الحطاب في أن تجعل علی دارها بابین ابی و قال لها انما تریدون ان تغلقوا دورکم دون الحجاج والمعتمین قالت تالله ما الید الا ان احفظ علی الحجاج متاعهم فاغلقها علیهم من اللصوص فادن لها فبوببتها.  
قبل عهد [[القريش]]، لم یکن عمران [[مکة]] أفضل من خیم ومضارب من الشعر. ولکن طوال حکومة القریش علیها، کانت مکة تتعمر وتتباعد في حواشي الوادي وبین لیات جباله وصارت البیوت مبنية بالحجر والطین ویقال أنّ أول من بنی بیتا بمکة کان [[سعید بن عمرو السهمي]] وأول من بنی بیتا مربعا [[حمید بن زهیر]] وأول من جعل بابا لبیته [[حاطب بن ألي بلتعة]].<ref>الجامع اللطيف، ابن ظهيرة : 26 .
 
تاريخ القطبي : 23 .</ref> 
 
کانوا یجعلون عند مدخل البیوت عرصات ینزل فیها الحجاج والمعتمرون وبدئوا یصنعون لبعض البیوت أبوابا ویترکون مداخلها الرئیسية شارعة علی عرصاتها دون أبواب. لم یزحف العمران إلی مرتفات الجبال وأکتافها في هذا المقطع من الزمان بل ظل مستويا باستواء سطح الوادي.
 
خطّ قادة قريش قصيّا [[الکعبة|للکعبة]] و ساحة توازی صحن المسجد الیوم، ومنعوا بناء البيت في القصيّ بقرب الکعبة أو المبيت بجوار الکعبة. أمروا بجعل مسالك بین البیوت لسهولة المرور کما أمروا بأن لا یرفعوا بیوتهم عن الکعبة. کان القريش یتخذون مجالسهم العامة في أفياء الکعبة وبنوا [[دار الندوة]] لاجتماعاتهم الخاصة.<ref>تاريخ مکة، ج1 :30 (ط السادسة 1984) .</ref> 


== عهد الراشدين ==
== عهد الراشدين ==
تتزاهم البیوت في هذا العهد حول المسجد لان الاغلبية من مهاجري الافاق کانوا یفضلون قربة فاخذ ام القري شکل المدین هالمکتظةوترکت الاطراف للقبائل التي تنزلها تودي معاني الضواحي للبلدة.
في عهد [[الراشدين]]، کانت البیوت تتزاحم حول [[المسجد الحرام]] لأنّ الأغلبية من المهاجرين إلی [[مکة]] کانوا یفضّلون قرب [[الکعبة]] فصارت مکة شکل المدينة المکتظة وترکت الأطراف للقبائل. أضيف إلی نشاط مکة التجاري في عهد [[عثمان]] وبدأت الثروات تزید أرقامها ویقال أنّ مصدر الثراء هو عطاء عثمان الذي کان قبل خلافته من أجود العرب.<ref>تاريخ مکة، السباعي، ج1 : 74 .</ref> أضيفت غنائم الحروب والفتوحات إلی ثروات الخلافة ونال المسلمون کثیرا من جود عثمان فأینعت الحضارة و کثرت الأيدي العاملة في المزارع المحيطة بمکة وأنشئت الجنات في ضواحيها وحفرت الآبار وانتعشت الأسواق وراح کثير من القريشيين إلی [[طائف]] للزراعة علی أرضه الخصب. عاد البعض من الحروب بما في صدورهم من العلوم فتشکلت بمکة حلقات من المعلمين. کما تعاونت مکة مع ولاة عثمان مدة خلافته، ساعدت في تنشیط الحرکة العمرانية تحت ولاية [[علي]]. <ref>تاريخ مکة، السباعي، ج1 : 83 .</ref> 


و لم یزد الکتظاظ في طول البلدة عن المدعي من اللناخية الشمالية و عن اوائل الهجلة وقبل الشبیکة من الناحية الجتوبية. اما شرقها الی غربها فقد کان تکاثف السکان فيها من اوائل مخل اجیادین الی القشاشية الی النواجي القريبة من سوق اللیل و شعب الهواشم و من سویثة الی قرارة المدحا الی الجزأ القريب مما نسمية اشامبية.
== العهد الأموي ==
من آثار [[النبي]] في [[مکة]] مسجد بأعلیها عند بئر [[جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل]] یعرف باسم [[مسجد الراية]] وکان الناس لا یتجاوزونه في بناء منازلهم فما فوق البئر خال من الناس. یُفهم من الأشعار المنشدة في العهد [[الأمويين|الأموي]] أنّ عمران مکة لم یتجاوز المسجد في هذا العهد. لم یتطور عمران مکة من الجهات الأخری أیضا؛ حدود حارة الباب لم تعمر إلا بعد هذا العهد و لم یکن لمکة في هذا العهد سور.<ref>أخبار مکة، الأرزقي، ج20 : 230 .</ref>
 
== العهد العباسي ==
لم یتسع [[مکة]] في العهد [[العباسيين|العباسي]] عمّا کان في العهد [[الأمويين]] بل کان الأمر علی عکسه؛ فقل عدد السکان جدا وتفرق أبناء مکة في الآفاق واستوطنوا الأراضي الخصبة في البلاد الأخری فلم یبق في مکة من أهلها إلا قليل وجاورهم بعض من مسلمي سائر البلاد.


وبدانت الثورات افي عهد عثمان تزید ارقامها في مکة عما عهدناها في عهد الشیخین لانه اضیف الی نشاط مکة التجاري مصدر جدید من مصادر الثراأ ذلک هو عطاء عثمان و لیس غریبا من ان یکون عطاء عثمان مصدرا للثراء فقد کان قبل خلافته من احودا العرب الممتازین و نوادره في هذا معروفة ومشهورة فلما انقادت الیه الخلافة و کانت الفتوجات قد اتسعت وغنائم الامصار قد انهمرت علی المدیه کان لابد لجود عثمان من ان یتسع مداه ولابد لجلة قريشوکبار اهلیها من ذوية واقاربه من ان ینالهم جوده الواسع فق دذکر انه اعطی الزبیر ستمادة الق واعطی طلحة مانتی الف.
أحيی [[هارون الرشيد]]، الخليفة العباسي، العيون والبرك المطمرة بعد العهد الأموي في أعلی مکة وأسفلها التي کان یسقي منها الناس في ذلك الزمان. لم یف هذا الإحياء بالغرض فاشترت [[زبيدة]] زوجة هارون الرشید أرض [[حنين]] وبنت قنوات فیها یصب إلی أطراف مکة واشترت هکذا أرضا في [[وادي نعمان]] فوق [[عرفات]] و بنت قنواته لیصب في عرفة ثم بنت بركة أخری في مکة.


== العهد الأموي ==
أنشأ یاسر، خادم زبيدة، میضات علی أبواب [[المسجد الحرام]] بأمرها وبنی [[المأمون]] العباسي خمس برك في النواحي المختلفة من مکة یجری الماء فيها من عين زبيدة.  
نقل العقطبي في الاعلام من الفاکهي ان من اثار النبي مسجدا باعلی مکة عند بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل ثم یقول و کان الناس لایتحاوزون في منازلهم في قدیم الزمان هذا البئر  وما فوق ذلک خال من الناس وفي ذلک یقول عمر بن الب ربیعة.


و نستطیع ان نفهم من هذا ان قدم الزمان الدی یشیر الیه الفاکهی هو عهد بنی امیه وفی شعر انبی ربیعه وخو من ماصری الامویین مایوید ذلک فقد نزل حلف البئر ابعد المنزل ادا فقد کان العمران في هدا الههد لا یتجاوز البئر والمسجد المذکورین وفد ادرکت العامة وهم یسمون المسجد الموجود الان امام الحلقة مسجد الراية. وکنت لا استبعد ان یکون البئر امکور هو بئر الکمالية الموجود الیوم علی بعض امتار منه.
بنی هارون الرشید علی رؤوس الجبال منائر مشرفة علی مکة ورتّب المؤذنين لها، لأن یصل صوت الأذان إلی جميع ضواحي مکة؛ قد أهملت هذه المنائر بتقادم الأجيال ولم یبق منها أثر.<ref>شفاء الغرام، الفاسي، ج1 : 388 .</ref>


== العهد العباسي ==
زيّن العباسيون [[الکعبة]] وبدّلوا بابها وجعلوا لها میزابا جمیل النقش و أصلحوا رخامها وأهدوا لها قناديل من الذهب والفضة.<ref>تاج تواريخ البشر، الشيخ سعيد الحضراوي .</ref>
لا یستنتج الباحث مما کتب عن مکة ان عمرانها استع في هذا العهد عما عرفتاه في عهد المویین او ان مساحة اماهول فيها توسعت عما کانت بلیجد ان الامر علی عکسه ان السکان قل تعددهم جدا فق تغرق الناء مکة في الافاق.


== عهد الفاطميين ==
== عهد الفاطميين ==
وعنی الفاطمیون بالصلاح کثیر من الحراب الذی کان یطرا علی المسجد الحرام و جددوا بعض الاسطوانات واصلحوا بعضا لمواضع من سقفه الا ان عناية العباسیین کانت اکثروضوحا فقد قاوا باصلاحات کثیره قي الکعبة فعمروا سقفها سنة 542 و الصحوا رحامها  عام 550 وشوا رکنها الیماني عندما تضعضع عام 559 و اهدي المطیع العباسی للکعبة قدیلا من الذهب.
قام [[الفاطميون]] بإصلاح کثير من الخراب الذي کان یسلط علی [[المسجد الحرام]]؛ جددوا الأسطوانات وأصلحوا بعض المواضع من سقفه. جعل الفاطميون في جوانب حجرة [[زمزم]] أحواض یصبّ فيها الماء ویتوضأ الناس به وأمام بئر زمزم من ناحية الشرق بناء آخر یسمی سقاية الحاج فیها مواضع یستسقی الناس منها. بنوا قریبا من هذه البناية، بناء آخر مستطیل علیه ثلاث قباب یسمی خزانة الزيت به الشمع والزيت والقناديل. أقاموا حول [[الکعبة]] أعمدة بینها عوارض من الخشب علیها زخارف من الفضة، وعلّقت من هذه الأعمدة مصابيح.<ref>إفادة الأنام، الشيخ عبدالله غازي .</ref>
 
== عهد الأتراك والشراکسة ==
في عام 749 قام الأمير [[فارس الدين]] من مماليك الأتراك بإصلاح [[المسجد الحرام]] و جدّد الأعمدة حول المطاف وفي سنة 720 عمّر [[الناصر محمد بن قلاوون]] رخام الحجر وصنع [[المنصور علي بن الأشرف]] بسنة 781 بابا [[الکعبة|للکعبة]]. کان الناصر بن قلاوون متولي کسوة الکعبة بالکتان السوداء وإنشاء الميضات مقابل [[باب علي]].<ref>تاریخ الکعبة، الشيخ حسين باسلامة : 199 .</ref>
 
بدأ [[الشراکسة]] بإصلاح [[الصفا والمروة|المروة]] ودرجاتها وتعمير المواضع المهمة [[منی|بمنی]] [[المزدلفة|والمزدلفة]] [[عرفات|وعرفات]]. أزال الشراکسة الأشجار والصخور الکبيرة في طريق عرفات لأن اللصوص کانوا یختفون وراءها.<ref>الأعلام، القطبي : 146 .</ref> هدّم [[السلطان قایتاباي]] الميضات المبنية أمام باب علي وأنشأ مکانها رباطا للفقراء کان بجواره میضات صغیرة وجعل له بابا یشرف علی [[سوق الليل]] وبنی بجواره مطبخ للطعام الموزّع علی الفقراء. أمر قايتاباي أیضا بتعمير [[مسجد الخيف]] في منی [[مسجد نمرة|ومسجد نمرة]] في عرفات.<ref>الأعلام، القطبي : 151 .</ref>
 
وقعت کارثة في سنة 802 في المسجد الحرام؛ التهمت النار أجزاء من المسجد وقاموا بصنع بعض من الإسطوانات الرخامية لتعميؤ المسجد وزخرفوه بالألوان والقناديل. عمّر الشراکسة [[حجر إسماعيل]] بالرخام وأرسلوا له کسوة من الحرير الأسود وکانت أول کسوة لحجر إسماعيل وآخرها أیضا.
 
في عام 817 بنی [[الغوري]] قصرا مرتفعا قريبا من المسجد الحرام ووقفه علی أعمال الخير وقرر فیه بعض المستحقين. بنی خارج ذلك متوضّأ تشتمل علی مراحيض وبرکة الماء.
 
== العهد العثماني ==
لم یتسع عمران [[مکة]] في أوائل العهد [[العثماني]] کثيرا عما کان في عهد الشراکسة ولکن تأسس أول مجلس للبلدية في عام 1326 لیقوم مقام المحتسب الذي کان یحکم السوق ویشرف علی تنظيم العمران؛ وهکذا بدأت الحکومة العثمانية بعمران مکة.  


الهدی الخلیفة العباسي الکتفي بابا للکعبة بدیع الصنع منقوشا علیه اسمه کما اهاداها میزابا حمیل النقش کما امر وزیر ساحب الموصل مجمد جواد الدصفهاني بعمل اصلاحات کثژرة في المسجد.
شنّ [[الروس]] حروبهم في أجزائ من [[آسیا]] وکذلك فعل [[الإنکيز]] [[فرنسا|وفرنسا]] فاشتدّ الضغط علی بلاد [[الإسلام]] ففرّ کثیر من المسلمين إلی مکة [[المدينة|والمدينة]] [[جدة|وجدة]] لبعد هذه البلاد من حروب الأروبيين فازداد السکان بمکة. قام العثمانيون في هذا العهد ببعض الإصلاحات فأسسوا دارا للحکومة والبوليس أمام المسجد في بداية القرن الرابع عشر الهجري. بنوا أیضا دارا للصحة ودارا بجوار [[باب الوداع]] لیتخذه إدارة البريد. أنشأ [[عثمان نوري]] مضافا علی هذا دارا لضيافة الحاج. أصلح العثمانيون کثیرا من مجاري عین زبيدة وبنوا لها خزانات کما أصلحوا بعض المیضآت القديمة بجوار المسجد.<ref>اتحاف الوری ، ابن فهد القرشي . </ref>


== الهوامش ==
== الهوامش ==
{{الهوامش}}
<references />


== المنابع ==
== المنابع ==
{{اقتباس
| پیش از لینک = جريدة
| منبع = '''میقات الحجّ العدد ۲'''‌، هیئت تحریریة، پژوهشکده حج و زیارت، تهران، مشعر، 1415
|‌ پس از لینک =
| لینک = https://mighatulhajj.hzrc.ac.ir/issue_10788_11711.html
}}

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٠:٠٤، ٤ أبريل ٢٠٢٢

تطوّر العمران في مکة بمرور الأجيال المختلفة وکل من الحکومات، أضافوا شيئا بها فصارت مکة والمسجد الحرام متسعة ومتطورة. في عهد القريش، أنشئت البیوت الأولية بمکة وجعلوا للبيوت أبواب وصنعوا مسالك بینها لسهولة المرور. في عهد الخلفاء الراشدين، اتّسعت مکة وأضيف إلی نشاطها التجاري والعلمي والزراعي. قلّ عدد سکّان مکة في عهد الأمويين والعباسيين ولکن أنشئ الخلفاء العباسي برك وعیون عديدة وجهدوا بتحسين المسجد الحرام والکعبة. قام الفاطميون بتعمير بیت الله وبنی الشراکسة رباطا للفقراء وأزالوا الأشجار والصخور من طريق عرفات. بدأ العثمانیون ببناء دار الحکومة والبوليس ودار الصحة.

عهد قريش

قبل عهد القريش، لم یکن عمران مکة أفضل من خیم ومضارب من الشعر. ولکن طوال حکومة القریش علیها، کانت مکة تتعمر وتتباعد في حواشي الوادي وبین لیات جباله وصارت البیوت مبنية بالحجر والطین ویقال أنّ أول من بنی بیتا بمکة کان سعید بن عمرو السهمي وأول من بنی بیتا مربعا حمید بن زهیر وأول من جعل بابا لبیته حاطب بن ألي بلتعة.[١]

کانوا یجعلون عند مدخل البیوت عرصات ینزل فیها الحجاج والمعتمرون وبدئوا یصنعون لبعض البیوت أبوابا ویترکون مداخلها الرئیسية شارعة علی عرصاتها دون أبواب. لم یزحف العمران إلی مرتفات الجبال وأکتافها في هذا المقطع من الزمان بل ظل مستويا باستواء سطح الوادي.

خطّ قادة قريش قصيّا للکعبة و ساحة توازی صحن المسجد الیوم، ومنعوا بناء البيت في القصيّ بقرب الکعبة أو المبيت بجوار الکعبة. أمروا بجعل مسالك بین البیوت لسهولة المرور کما أمروا بأن لا یرفعوا بیوتهم عن الکعبة. کان القريش یتخذون مجالسهم العامة في أفياء الکعبة وبنوا دار الندوة لاجتماعاتهم الخاصة.[٢]

عهد الراشدين

في عهد الراشدين، کانت البیوت تتزاحم حول المسجد الحرام لأنّ الأغلبية من المهاجرين إلی مکة کانوا یفضّلون قرب الکعبة فصارت مکة شکل المدينة المکتظة وترکت الأطراف للقبائل. أضيف إلی نشاط مکة التجاري في عهد عثمان وبدأت الثروات تزید أرقامها ویقال أنّ مصدر الثراء هو عطاء عثمان الذي کان قبل خلافته من أجود العرب.[٣] أضيفت غنائم الحروب والفتوحات إلی ثروات الخلافة ونال المسلمون کثیرا من جود عثمان فأینعت الحضارة و کثرت الأيدي العاملة في المزارع المحيطة بمکة وأنشئت الجنات في ضواحيها وحفرت الآبار وانتعشت الأسواق وراح کثير من القريشيين إلی طائف للزراعة علی أرضه الخصب. عاد البعض من الحروب بما في صدورهم من العلوم فتشکلت بمکة حلقات من المعلمين. کما تعاونت مکة مع ولاة عثمان مدة خلافته، ساعدت في تنشیط الحرکة العمرانية تحت ولاية علي. [٤]

العهد الأموي

من آثار النبي في مکة مسجد بأعلیها عند بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل یعرف باسم مسجد الراية وکان الناس لا یتجاوزونه في بناء منازلهم فما فوق البئر خال من الناس. یُفهم من الأشعار المنشدة في العهد الأموي أنّ عمران مکة لم یتجاوز المسجد في هذا العهد. لم یتطور عمران مکة من الجهات الأخری أیضا؛ حدود حارة الباب لم تعمر إلا بعد هذا العهد و لم یکن لمکة في هذا العهد سور.[٥]

العهد العباسي

لم یتسع مکة في العهد العباسي عمّا کان في العهد الأمويين بل کان الأمر علی عکسه؛ فقل عدد السکان جدا وتفرق أبناء مکة في الآفاق واستوطنوا الأراضي الخصبة في البلاد الأخری فلم یبق في مکة من أهلها إلا قليل وجاورهم بعض من مسلمي سائر البلاد.

أحيی هارون الرشيد، الخليفة العباسي، العيون والبرك المطمرة بعد العهد الأموي في أعلی مکة وأسفلها التي کان یسقي منها الناس في ذلك الزمان. لم یف هذا الإحياء بالغرض فاشترت زبيدة زوجة هارون الرشید أرض حنين وبنت قنوات فیها یصب إلی أطراف مکة واشترت هکذا أرضا في وادي نعمان فوق عرفات و بنت قنواته لیصب في عرفة ثم بنت بركة أخری في مکة.

أنشأ یاسر، خادم زبيدة، میضات علی أبواب المسجد الحرام بأمرها وبنی المأمون العباسي خمس برك في النواحي المختلفة من مکة یجری الماء فيها من عين زبيدة.

بنی هارون الرشید علی رؤوس الجبال منائر مشرفة علی مکة ورتّب المؤذنين لها، لأن یصل صوت الأذان إلی جميع ضواحي مکة؛ قد أهملت هذه المنائر بتقادم الأجيال ولم یبق منها أثر.[٦]

زيّن العباسيون الکعبة وبدّلوا بابها وجعلوا لها میزابا جمیل النقش و أصلحوا رخامها وأهدوا لها قناديل من الذهب والفضة.[٧]

عهد الفاطميين

قام الفاطميون بإصلاح کثير من الخراب الذي کان یسلط علی المسجد الحرام؛ جددوا الأسطوانات وأصلحوا بعض المواضع من سقفه. جعل الفاطميون في جوانب حجرة زمزم أحواض یصبّ فيها الماء ویتوضأ الناس به وأمام بئر زمزم من ناحية الشرق بناء آخر یسمی سقاية الحاج فیها مواضع یستسقی الناس منها. بنوا قریبا من هذه البناية، بناء آخر مستطیل علیه ثلاث قباب یسمی خزانة الزيت به الشمع والزيت والقناديل. أقاموا حول الکعبة أعمدة بینها عوارض من الخشب علیها زخارف من الفضة، وعلّقت من هذه الأعمدة مصابيح.[٨]

عهد الأتراك والشراکسة

في عام 749 قام الأمير فارس الدين من مماليك الأتراك بإصلاح المسجد الحرام و جدّد الأعمدة حول المطاف وفي سنة 720 عمّر الناصر محمد بن قلاوون رخام الحجر وصنع المنصور علي بن الأشرف بسنة 781 بابا للکعبة. کان الناصر بن قلاوون متولي کسوة الکعبة بالکتان السوداء وإنشاء الميضات مقابل باب علي.[٩]

بدأ الشراکسة بإصلاح المروة ودرجاتها وتعمير المواضع المهمة بمنی والمزدلفة وعرفات. أزال الشراکسة الأشجار والصخور الکبيرة في طريق عرفات لأن اللصوص کانوا یختفون وراءها.[١٠] هدّم السلطان قایتاباي الميضات المبنية أمام باب علي وأنشأ مکانها رباطا للفقراء کان بجواره میضات صغیرة وجعل له بابا یشرف علی سوق الليل وبنی بجواره مطبخ للطعام الموزّع علی الفقراء. أمر قايتاباي أیضا بتعمير مسجد الخيف في منی ومسجد نمرة في عرفات.[١١]

وقعت کارثة في سنة 802 في المسجد الحرام؛ التهمت النار أجزاء من المسجد وقاموا بصنع بعض من الإسطوانات الرخامية لتعميؤ المسجد وزخرفوه بالألوان والقناديل. عمّر الشراکسة حجر إسماعيل بالرخام وأرسلوا له کسوة من الحرير الأسود وکانت أول کسوة لحجر إسماعيل وآخرها أیضا.

في عام 817 بنی الغوري قصرا مرتفعا قريبا من المسجد الحرام ووقفه علی أعمال الخير وقرر فیه بعض المستحقين. بنی خارج ذلك متوضّأ تشتمل علی مراحيض وبرکة الماء.

العهد العثماني

لم یتسع عمران مکة في أوائل العهد العثماني کثيرا عما کان في عهد الشراکسة ولکن تأسس أول مجلس للبلدية في عام 1326 لیقوم مقام المحتسب الذي کان یحکم السوق ویشرف علی تنظيم العمران؛ وهکذا بدأت الحکومة العثمانية بعمران مکة.

شنّ الروس حروبهم في أجزائ من آسیا وکذلك فعل الإنکيز وفرنسا فاشتدّ الضغط علی بلاد الإسلام ففرّ کثیر من المسلمين إلی مکة والمدينة وجدة لبعد هذه البلاد من حروب الأروبيين فازداد السکان بمکة. قام العثمانيون في هذا العهد ببعض الإصلاحات فأسسوا دارا للحکومة والبوليس أمام المسجد في بداية القرن الرابع عشر الهجري. بنوا أیضا دارا للصحة ودارا بجوار باب الوداع لیتخذه إدارة البريد. أنشأ عثمان نوري مضافا علی هذا دارا لضيافة الحاج. أصلح العثمانيون کثیرا من مجاري عین زبيدة وبنوا لها خزانات کما أصلحوا بعض المیضآت القديمة بجوار المسجد.[١٢]

الهوامش

  1. الجامع اللطيف، ابن ظهيرة : 26 . تاريخ القطبي : 23 .
  2. تاريخ مکة، ج1 :30 (ط السادسة 1984) .
  3. تاريخ مکة، السباعي، ج1 : 74 .
  4. تاريخ مکة، السباعي، ج1 : 83 .
  5. أخبار مکة، الأرزقي، ج20 : 230 .
  6. شفاء الغرام، الفاسي، ج1 : 388 .
  7. تاج تواريخ البشر، الشيخ سعيد الحضراوي .
  8. إفادة الأنام، الشيخ عبدالله غازي .
  9. تاریخ الکعبة، الشيخ حسين باسلامة : 199 .
  10. الأعلام، القطبي : 146 .
  11. الأعلام، القطبي : 151 .
  12. اتحاف الوری ، ابن فهد القرشي .

المنابع